الدبيبة يسعى في طرابلس لضمان عدم التصويت على إقالته

عشية جلسة «النواب» لحسم مصير حكومة «الوحدة»

صورة وزعتها حكومة الوحدة لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة في تخريج دفعة جديدة من القوات الموالية لها في طرابلس
صورة وزعتها حكومة الوحدة لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة في تخريج دفعة جديدة من القوات الموالية لها في طرابلس
TT

الدبيبة يسعى في طرابلس لضمان عدم التصويت على إقالته

صورة وزعتها حكومة الوحدة لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة في تخريج دفعة جديدة من القوات الموالية لها في طرابلس
صورة وزعتها حكومة الوحدة لمشاركة رئيسها عبد الحميد الدبيبة في تخريج دفعة جديدة من القوات الموالية لها في طرابلس

يسعى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية، لتفادي محاولات إقصائه عن منصبه وتشكيل حكومة جديدة، بضمان عدم اكتمال النصاب القانوني المتوقع خلال جلسة سيعقدها مجلس النواب اليوم، بمقره في مدينة طبرق، لحسم مصير الحكومة الحالية.
وقبل ساعات من الجلسة، قال الدبيبة أمس، في كلمة ألقاها لدى افتتاح أعمال مؤتمر تنظمه الحكومة لدعم الدستور، بعنوان «الدستور أولاً»، برفقة مسؤولين في مجالس: النواب، والدولة، والرئاسي، وعدد من السفراء المعتمدين وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وعدد من رؤساء الأحزاب، ومن مؤسسات المجتمع المدني، إن «المشكلة تكمن في عدم وجود قاعدة دستورية».
وبعدما رأى أن عدم وجود هذه القاعدة قد تسبب في تأخر تنفيذ الاستحقاق الانتخابي الشهر الماضي، حث الدبيبة الجميع على دعم الاستفتاء، ودعا الليبيين إلى عدم السماح بالقفز على إرادتهم، والتمسك بالاستحقاق الدستوري الذي «لا يمكن أن يقيده شخص أو مدينة، كأساس للعملية الديمقراطية، وعدم الذهاب لمسارات ليس لها أي هدف».
وتابع: «الشعب الليبي اليوم يريد انتخابات حرة ونزيهة، تعبر فعلاً عن إرادته، لا تمييز فيها ولا إقصاء ولا تدليس، وعدم الدخول في مرحلة انتقالية جديدة».
كما غمز الدبيبة مجدداً من قناة مجلس النواب، قائلاً: «هناك من يطيل أمد الأزمة في ليبيا بتفصيل قوانين تمنح حق الانتخاب لأشخاص، وتنزعه من غيرهم»، في إشارة إلى قانون الانتخابات الرئاسية المثير للجدل الذي أصدره المجلس.
وانتقد ما وصفه بمحاولات تعميق الأزمة بدلاً من حلها، وتقييد إرادة الشعب، والالتفاف على مسارات العملية الدستورية وعرقلة مسيرتها، داعياً إلى إتاحة الفرصة للشعب الليبي لاختيار ماذا يريد، ودعم اختياره في وجود دستور حقيقي يستمد شرعيته من الشعب فقط.
بدوره، اعتبر فوزي النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، أن استبعاد المجلس من أي تسوية سيجعل مصيرها الرفض، لافتاً إلى الحاجة لخريطة طريق تبدأ بالمسار الدستوري، بينما قال عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي، إن الاستفتاء على «الدستور أولاً» يضع القطار على السكة، على حد تعبيره.
وكان الدبيبة الذي شارك أمس باعتباره وزير الدفاع أيضاً، في حفل تخريج الدفعة الأولى لمنتسبي «اللواء 111 مجحفل» التابع للقوات المحسوبة على الحكومة، اعتبر أن أمن ليبيا واستقرارها هدف لا مناص منه. وأضاف: «لن نسمح لأحد بأن يعبث بهذا الوطن مهما كلفنا ذلك».
وشدد على التزام حكومته بنبذ الحروب، قائلاً: «نعم للسلام، ولا للحروب، نعم للبناء والاستقرار والدفاع عن مدنية دولتنا»، واعتبر أن «الوطن لن يُبنى إلا بجيش ولائه لله ثم للوطن، لا انحياز فيه لفرد أو مدينة أو أي جهة كانت».
واعترف أمس محمد الحداد، رئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة»، بسيطرة أطراف وجِهات أخرى لا تتبع المؤسسة العسكرية على أغلب المعسكرات في البلاد؛ لافتاً إلى أن هذه المؤسسة تعاني من الضعف، بسبب قلة الإمكانيات والدمار.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن عبد الله المحروق، آمر «اللواء 111 مجحفل»، أن منتسبي هذه الدفعة هم من شباب القوات المساندة لعملية «البنيان المرصوص» والدفاع عن العاصمة.
وتزامنت هذه التصريحات مع معلومات كشفها تقرير قدمته البعثة الأممية لمجلس الأمن الدولي، عن وجود تنافس بين الجماعات المسلحة على الأراضي في المنطقة الغربية، ما يؤثر سلباً على الأمن في طرابلس.
وفي محاولة لتفادي حدوث إجماع على إقالته وتنصيب حكومة جديدة، اجتمع الدبيبة الذي يتولى منصبه رئيساً لحكومة الوحدة منذ مارس (آذار) الماضي، في العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، بعدد من أعضاء مجلس النواب؛ لكنه لم يكشف فحوى الاجتماع الذي أعقبه صدور بيان يحمل توقيع نحو 62 نائباً، يطالبون فيه باستمرار الحكومة.
ودعا بيان مشترك حمل أسماء 62 من أعضاء المجلس، إلى استمرار الدبيبة في السلطة لمدة عامين، أو حتى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ الشهر الماضي.
كما طالبوا بمنح الدبيبة حرية إجراء تعديلات وزارية، مع الالتزام بتمثيل كافة الدوائر وتحمُّل مسؤولية خياراته، وحثوا الحكومة بالاتفاق مع المجلس الرئاسي على إجراء هذه التعديلات، والتوافق مع القيادة العامة للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، لضمان إنجاح عمل المؤسسة العسكرية.
واقترح البيان أن تتولى دول تركيا ومصر والإمارات وقطر، بالتنسيق والتشاور فيما بينها، رعاية الاتفاق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. لكن أعضاء ممن وردت أسماؤهم في قائمة الموقِّعين على هذا البيان، نفوا في المقابل لوسائل إعلام محلية توقيعهم عليه، ووصفوه بأنه بيان مزوَّر.
بدورها، أكدت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية للشأن الليبي، مجدداً، على أن «أي حل يجب أن يأخذ في الاعتبار مطلب الـ2.5 مليون ناخب ليبي المسجلين، بضرورة إجراء حدث انتخابي ضمن الإطار الزمني الذي حددته خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي».
وقالت ويليامز في بيان لها، إنها ناقشت مساء أول من أمس، مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، في مقر بعثة الأمم المتحدة في طرابلس، بشكل مطول، التحديات الحالية التي تواجه العملية الانتخابية؛ مشيرة إلى تشديد أعضاء المجلس على أهمية إجراء الانتخابات على أساس دستوري.
كما نقلت ويليامز عن ممثلي الاتحاد العام لطلبة ليبيا، الذين التقتهم مساء أول من أمس، تأكيدهم أهمية إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، كما كررت دعم الأمم المتحدة القوي للطلاب والشباب، من خلال مشاركتهم السياسية نحو تغيير هادف.
إلى ذلك، قال بيان للإدارة العامة لأمن السواحل، إنها أنقذت 23 مهاجراً غير شرعي، شمال مدينة الخمس بحوالي 70 ميلاً بحرياً؛ مشيراً إلى نقل المهاجرين لنقطة إنزال ميناء طرابلس، وتسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.



«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «المناطق العازلة» تُعمق مخاوف الإخفاق

فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان يتفقدان آثار الغارات الإسرائيلية على حي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

حديث إسرائيلي رسمي عن إنشاء «مناطق عازلة» في قطاع غزة، أثار تساؤلات بشأن مدى تأثيراتها على اتفاق الهدنة المحتمل، الذي يطالب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بحدوثه قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، خصوصاً أنها تأتي بعد عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من الدوحة عقب مشاورات بشأن وقف إطلاق النار.

التصريحات الإسرائيلية عدّها خبراء، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مناورات وضغوطاً ستُعمق «مخاوف إخفاق التوصل لاتفاق قريب»، خصوصاً أنها تأتي مع اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى، وأجواء «غير مشجعة» على حسم صفقة قبل نهاية العام.

وتوقعوا أن يذهب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى الاتفاق «متأخراً» قبل تنصيب ترمب، مع إشغال الرأي العام الداخلي عن الأزمة بتصعيد مع الحوثيين، في ظل تزايد الانتقادات الداخلية مع طلب الرئيس إسحاق هرتسوغ بالذهاب لـ«صفقة»، وصدور فتوى من الحاخام الأكبر دافيد يوسيف، تُشجع على إبرامها بأي ثمن.

وخلال وجوده في «محور فيلادلفيا» بغزة، الأربعاء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن «الأمن (بالقطاع) سيبقى في يد الجيش الإسرائيلي، وسنتأكد أيضاً من أنه ستكون هناك مناطق عازلة ومواقع سيطرة في غزة، وبهذا نحن سوف نعمل على إطلاق سراح جميع المختطفين».

وعقب سماع كلمات وزير الدفاع، عبّرت مصادر في فريق التفاوض الإسرائيلي، عن قلقها لأنها «ترى صفقة الاختطاف تتحرك بعيداً»، وفق ما كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الأربعاء.

وترى المصادر ذاتها أن «أيام اتخاذ القرار الحاسمة تتطلب المرونة وحسن النية، ومن ثم لا يجب أخذ نقطة حاسمة بإعلان عدم إنهاء الحرب، أو أن الجيش سيسيطر على غزة»، مؤكدة أن «هذه التصريحات تسببت في أضرار جسيمة».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية على مستشفى العودة بمخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وقال نتنياهو في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الأسبوع الماضي: «لن أوافق على إنهاء الحرب قبل أن نجتث (حماس)، لن تُترك لها السلطة في غزة على بُعد 30 ميلاً من تل أبيب. هذا لن يحدث».

وتزامنت تصريحات كاتس مع إصدار «حماس»، الأربعاء، بياناً، قالت فيه إن «الاحتلال وضع قضايا وشروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، ما أجَّل التوصل إلى الاتفاق الذي كان متاحاً»، في حين كذّب مكتب نتنياهو ذلك، واتهم الحركة بأنها «تنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها، وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات».

وتصريحات «المناطق العازلة»، بعد أخرى من نتنياهو «تُعمّق مخاوف الإخفاق في التوصل لاتفاق لدى الرأي العام»، وفق الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، عادّاً إياها «دغدغة مشاعر للرأي العام الإسرائيلي، وضغوطاً ومساومة لـ(حماس) والوسطاء، خصوصاً أنها تصريحات يمكن التراجع عنها وليست قرارات».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن تلك التصريحات جزء من مناورات المفاوضات، ويجب ألا تُشكل ضغطاً ولا إحراجاً، عادّاً تلك الأحاديث أدوات في يد نتنياهو، يُخاطب بها الداخل لقبض أفضل ثمن المحادثات، مثلها مثل اقتحام المسجد الأقصى، الخميس، من جانب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

فلسطيني جريح في غارة إسرائيلية ينتظر بالمستشفى الأهلي في غزة خلال وقت سابق (رويترز)

ويضاف لتلك التصريحات ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين بشأن «دراستهم تنفيذ هجوم كبير في عمق اليمن»، خاصة بعد إطلاق الحوثيين ليلة الثلاثاء-الأربعاء صاروخاً باليستياً للمرة الرابعة خلال أسبوع.

ويؤيد نتنياهو مسار توجيه ضربة، قائلاً، مساء الأربعاء، «الحوثيون سيتعلمون أيضاً ما تعلمته (حماس) و(حزب الله) ونظام (بشار) الأسد وآخرون، حتى لو استغرق الأمر وقتاً».

وذلك التلويح يُعد وفق أنور «جزءاً من مناورات نتنياهو لاستنزاف الوقت، ومحاولة إشغال الرأي العام، بعيداً عن جدل مفاوضات الهدنة في الداخل الإسرائيلي، في ظل انتقادات ومطالب رئاسية ودينية بإبرام الصفقة».

ووجّه رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، اتهامات جديدة إلى نتنياهو، قائلاً: «إنه لا يريد حقّاً صفقة الرهائن. لو كان مصمماً على التوصل إلى صفقة، لذهب إلى القاهرة أو قطر بنفسه. كان سيحشد المجتمع الدولي بأكمله، ويتوصل إلى اتفاق بالفعل».

وحثّ الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال إضاءة شمعة عيد الأنوار اليهودي، الأربعاء، على إبرام اتفاق، قائلاً: «أتوق وأعمل وأصرخ بكل طريقة ممكنة من أجل العودة الفورية للرهائن»، مضيفاً: «أدعو قيادتنا إلى العمل بكل قوتها، باستخدام كل أداة تحت تصرفنا، لتأمين صفقة، هذه مسؤوليتكم، وأنتم تتمتعون بدعمي الكامل لتحقيق ذلك».

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وأصدر الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل، دافيد يوسيف، فتوى في مقابلة مع موقع ديني يهودي، أشار فيها إلى أنه «مسموح ويجب إطلاق سراح الإرهابيين، حتى القتلة الذين تلطخت أيديهم بالدماء، في مقابل الرهائن».

وبرأي أنور، فإن تلك الانتقادات والتصريحات تُعزز مسار الاتفاق، وتمهد الفتوى أيضاً بشكل ديني شرعي الطريق لإبرام الصفقة، وهذا ما يريده نتنياهو، ألا يكون وحده مَن سعى لذلك حتى لا يلام، وذلك حرصاً على مصالحه السياسية فقط لا غير.

ويتفق مطاوع أيضاً على أن التصريحات الرسمية والفتوى نوع من التمهيد لنتنياهو، ليقدم على الصفقة بتنازلات في الوقت المناسب دون أن تُشكل عليه أي لوم سياسي مستقبلي حال الذهاب لاتفاق.

ولم تكشف وسائل إعلام إسرائيلية أي سيناريوهات محتملة لنتائج اجتماع الكابنيت، الخميس، بشأن الاتفاق، ولم يحسم مستشار رئيس الوزراء القطري، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، موعداً للصفقة، قائلاً: «لا يمكن لأحد التنبؤ بوقت زمني محدد للوصول إلى اتفاق هناك»، مؤكداً أن «المفاوضات ما زالت جارية بين القاهرة والدوحة».

ويرجح مطاوع أن «يذهب نتنياهو متأخراً للصفقة للحصول على أفضل المكاسب دون أن يتجاوز مهلة ترمب»، مؤكداً أنه «غير مضطر للذهاب المبكر، في ظل إحساسه بالانتصار وعدم اكتراثه بالرهائن».

كما يعتقد أنور أن تحذير ترمب لا يزال عامل ضغط قوياً على طرفي الحرب، متوقعاً ألا يتجاوز نتنياهو موعد المهلة، خصوصاً مع دخول المفاوضات مرحلة التفاصيل النهائية، وظهور عوامل مشجعة لقبول الاتفاق مثل الفتوى الدينية.