تزايد إقبال الإعلام على «تيك توك» و«إنستغرام» يُثير تباينات

عقب اتجاه «لافت» للاعتماد عليهما لمنافسة «فيسبوك» و«تويتر»

تزايد إقبال الإعلام على «تيك توك» و«إنستغرام» يُثير تباينات
TT

تزايد إقبال الإعلام على «تيك توك» و«إنستغرام» يُثير تباينات

تزايد إقبال الإعلام على «تيك توك» و«إنستغرام» يُثير تباينات

أثارت نتائج دراسة نشرها معهد «رويترز» لدراسات الصحافة، حول توجهات وسائل الإعلام في التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، تباينات بين خبراء الإعلام حول مستقبل هذه المنصات، وما إذا كانت هذه التوجهات ستؤدي إلى تراجع مكانة «فيسبوك» و«تويتر» لصالح منصات جديدة. وبينما أشار بعض الخبراء إلى تنامي الإقبال على «تيك توك» و«إنستغرام»، شدد آخرون على أن هذا الإقبال لن يؤثر على «فيسبوك» و«تويتر»، على الأقل في المنطقة العربية.
الدراسة التي أجراها معهد «رويترز» على 246 قيادة إعلامية في 52 دولة، أشارت في إحدى نتائجها إلى أن «الناشرين سيولون اهتماماً أقل لمنصات مثل فيسبوك وتويتر خلال العام الجاري، مقابل زيادة الاهتمام بمنصات مثل إنستغرام وتيك توك ويوتيوب، على التوالي، وهي الشبكات التي تحظى بشعبية لدى الشباب».
سامية عايش، الصحافية الفلسطينية والمدربة في مجال الإعلام الرقمي، قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن القول بأن ثمة توجهاً للابتعاد عن فيسبوك وتويتر، نظراً لأن هذه المنصات ما زالت رئيسية، ويعتمد عليها بشكل كبير في بعض الدول العربية». وأضافت أن «هناك توسيع لاستخدام المنصات المختلفة، إذ دخل تيك توك على الخط، خاصة من ناحية البحث عن قصص الأخبار والتغطيات، ووجدنا ذلك واضحاً العام الماضي في الأخبار المتعلقة بحي الشيخ جراح المقدسي في فلسطين، وكيف استخدم تيك توك في معرفة أخبار الاعتصامات... كما استخدمت منصات مثل إنستغرام في التغطيات المباشرة للأحداث».
أما خالد البرماوي، الصحافي والمدرب المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، فأكد «وجود اتجاه لزيادة وتحديث وتطوير طريقة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي». وشرح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «لدى معظم المواقع نية للتوسع في استخدام إنستغرام وتيك توك، لكن هذا لا يعني إهمال المنصات الأخرى». كذلك أشار البرماوي إلى «نقطة مهمة ينبغي أخذها في الاعتبار عند النظر إلى السوق العربية، حيث يوجد نموذجان للمواقع الإعلامية العربية، هما: النموذج الخليجي الذي لا يحتل فيسبوك فيه المرتبة الأولى بل تسيطر منصات مثل تويتر وإنستغرام وسناب شات بشكل كبير، ونموذج المواقع العربية في منطقة بلاد الشام ومصر والمغرب العربي، حيث يحتل فيسبوك المرتبة الأولى، مع نمو للمنصات الأخرى مثل إنستغرام وتيك توك والشبكات الصغيرة مثل بنتريست ولينكد إن».
وحقاً ما زال «فيسبوك» يحتل المرتبة الأولى في منصات التواصل الاجتماعي، بنحو 2 مليار و895 مليون مستخدم، يليه «يوتيوب» بـ2 مليار و291 مليون مستخدم، ثم «واتس آب» بـ2 مليار مستخدم، و«إنستغرام» بمليار و393 مليون مستخدم، و«ماسنجر» بمليار و300 مليون مستخدم، و«وي تشات» بمليار و251 مليون مستخدم، و«تيك توك» بنحو مليار مستخدم، وفقاً لتقرير «ستاتيستا» وهي «مؤسسة متخصصة في عمل الاستطلاعات»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
من جهة ثانية، حول زيادة الاهتمام بمنصات على حساب منصات أخرى. تقول عايش إنه «أمر طبيعي نتيجة لدورة حياة هذه المواقع... وكل منصة أو وسيلة إعلامية تشهد فترات من الصعود والازدهار يعقبها فترة تراجع وانحسار». وتتابع قائلة: «في المنطقة العربية ما زال أمامنا بعض الوقت قبل أن تتراجع منصات مثل فيسبوك وتويتر». ثم تشير عايش إلى أنه «مع اتجاه وسائل الإعلام العالمية للحضور على الجيل الأحدث من منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت الحاجة عربياً للحضور على هذه المنصات، وإن كانت التجارب العربية في هذا الصدد ما زالت متواضعة لا تتجاوز إعادة نشر الصور والفيديوهات». ومن ثم، تتوقع عايش أن «تشهد الفترة المقبلة زيادة في إقبال وسائل الإعلام على منصات مثل إنستغرام وتيك توك التي تحظى بشعبية بين جيل الشباب».
هذا الجانب يؤكده البرماوي بقوله إن «منصات إنستغرام وتيك توك تشهد تسارعاً في النمو أكبر من غيرها، إذ وصل تيك توك إلى أول مليار مستخدم خلال أقل من سنتين، بينما احتاج فيسبوك إلى سبع سنوات للوصول إلى الرقم نفسه». ويضيف أن «الفترة المقبلة ستشهد تركيزاً على منصات فيها شرائح أصغر من الجمهور». ويستطرد البرماوي موضحاً أنه «لن تحدث هجرة من فيسبوك وتويتر، ولن يتزحزح فيسبوك عن عرشه على الأقل في دول مثل مصر والعراق والمغرب، وإن قلت حصته السوقية، وينطبق الأمر نفسه على تويتر في دول الخليج».
أيضا يلفت البرماوي إلى أن «الشباب والمراهقين يشكلون غالبية السكان في الوطن العربي، وهذه الشريحة العمرية موجودة بشكل أكبر على تيك توك وإنستغرام، وهذا يفسر اتجاه وسائل الإعلام إلى هذه المنصات، إضافة إلى تزايد الشرائح الاقتصادية الصاعدة، والتي عادة ما تكون أول تعاملاتها مع مواقع التواصل الاجتماعي عبر واتس آب وتيك توك... وسيكون لواتس آب أهمية في تبادل المحتوى في الفترة المقبلة».
في سياق متصل، يرى خبراء إعلام أن وسائل الإعلام تتعرض لضغوط اقتصادية تدفعها للحضور على هذه المنصات، أملاً في تحقيق عوائد مالية، والحفاظ على جمهورها، في حين يلحظ مراقبون وجود منافسة بين الإعلامين القديم والجديد. وهنا يلفت خبراء إلى أن «هذا الحضور لوسائل الإعلام على المنصات يعرضها لكثير من الانتقادات، إما لتخليها عن أخلاقيات الإعلام، في سبيل حصد مزيد من المشاهدات، أو التقاعس عن تطوير أدواتها في التعامل مع هذه المنصات، وهو ما يثير المخاوف من أن يزيد الاتجاه نحو منصات مثل تيك توك وإنستغرام من هذه الانتقادات».
وفي هذا الصدد، ترى سامية عايش أن «اتجاه وسائل الإعلام إلى المنصات الجديدة سيؤثر بالتأكيد على طريقة تناولها للمواضيع، ليس لطبيعة هذه المنصات فحسب، بل لاختلاف الجمهور أيضاً... ذلك أن وسائل الإعلام اعتادت مخاطبة من هم فوق عمر 25 سنة، وهو جمهور مختلف تماماً بسبب أدواته ولغته عن جمهور تيك توك وتويتر الأصغر سناً، ما يستلزم أدوات ولغة مختلفة، وصناعة محتوى مختلف لمخاطبة هذا الجمهور».
من جانبه، يرى البرماوي أن «جزءاً كبيراً من نضوج وسائل الإعلام، يعني التعامل مع الشبكات الاجتماعية بنوع من الترشيد، فهي ليست مجبرة على أن تكون حاضرة على جميع المنصات، كما أن الحضور لا ينبغي أن يكون بنفس الشكل والصورة؛ بل على حسب الاهتمامات». ثم يشرح أن «الحضور على منصات التواصل يجب أن يتزامن مع الاهتمام بالمنصات الخاصة، مثل المواقع الإلكترونية والنيوزليتر (النشرات الإخبارية البريدية)، وهي الأشياء التي بدأت تنمو في السوق الأميركية، وتحاول السوق الأوروبية تطوير نموذجها الخاص بها».
ويتابع البرماوي فيقول إنه «بعد سنوات من الحضور والاستغراق في منصات التواصل الاجتماعي، بدأت مرحلة النضج الإعلامي، وهو ما كشفه تقرير (رويترز) من إدارة للقائمين على الإعلام لتطورات سوق منصات التواصل، وكيفية التعامل معها».


مقالات ذات صلة

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

شمال افريقيا من تظاهرة سابقة نظمها إعلاميون احتجاجاً على ما عدوه «تضييقاً على الحريات» (أ.ف.ب)

تونس: نقابة الصحافيين تندد بمحاكمة 3 إعلاميين في يوم واحد

نددت نقابة الصحافيين التونسيين، الجمعة، بمحاكمة 3 صحافيين في يوم واحد، بحادثة غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
إعلام الدليل يحدد متطلبات ومسؤوليات ومهام جميع المهن الإعلامية (واس)

السعودية: تطوير حوكمة الإعلام بدليل شامل للمهن

أطلقت «هيئة تنظيم الإعلام» السعودية «دليل المهن الإعلامية» الذي تهدف من خلاله إلى تطوير حوكمة القطاع، والارتقاء به لمستويات جديدة من الجودة والمهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».