«الشرعي الإسلامي» يندد باعتداءات الحوثيين على السعودية والإمارات

طالب القوى السياسية في لبنان بالتخلي عن دعوات الانقسام والتجزئة والانعزال

المفتي دريان مترئساً أمس اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي (الوطنية)
المفتي دريان مترئساً أمس اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي (الوطنية)
TT
20

«الشرعي الإسلامي» يندد باعتداءات الحوثيين على السعودية والإمارات

المفتي دريان مترئساً أمس اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي (الوطنية)
المفتي دريان مترئساً أمس اجتماع المجلس الشرعي الإسلامي (الوطنية)

ندّد «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في لبنان أمس، بـ«الاعتداءات الإرهابية المتكررة التي قامت بها الميليشيات الحوثية على دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى المملكة العربية السعودية»، معتبراً أن «أي اعتداء عليها أو على أي دولة عربية من دول مجلس التعاون الخليجي هو اعتداء على العرب والمسلمين جميعاً». وجدد المجلس «موقفه الثابت والحازم من هذه الممارسات الإرهابية التي لن تلقى منه إلا الرفض والاستنكار والإدانة لأنها تستهدف دولاً عربية شقيقة كانت دائماً نصيراً للبنان وداعمة لشعبه في كل الظروف الصعبة التي مر ويمر بها وطننا».
وذكر المجلس في جلسة عقدها أمس برئاسة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، أن لبنان «بتكوينه وثقافته ولغته وتاريخه، وهو العضو المؤسس والفاعل في جامعة الدول العربية، هو جزء من محيطه العربي، وهو في دستوره عربي الهوية والانتماء، ولن يكون في مشاعره وأحاسيسه وسياساته وارتباطاته ومصالحه خارج عروبته»، متعهداً بأن لبنان «لن يكون معادياً لإخوانه العرب، وسيبقى نصيراً للقضايا العربية، وسيكون وفياً لكل من وقف إلى جانبه وإلى جانب الشعب اللبناني، وتعزيز وحدة لبنان واللبنانيين، وفي إعادة بناء وإحياء مؤسساته ودعم اقتصاده، في كل الظروف والأحداث الخطيرة التي مرت على لبنان واللبنانيين، وخاصة دول الخليج العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية».
وأشار إلى أنه عندما كان الجيش الإسرائيلي يدك بمدافعه المدن والقرى اللبنانية ويدمر بطائراته المنازل والمدارس والجسور والمنشآت في حرب 2006 «لم يجد لبنان إلا الدول العربية إلى جانبه التي عملت على إعادة بناء ما هدمته الحرب». وأضاف المجلس: «عندما دمرنا لبنان بأيدينا، بحرب أهلية عبثية سنة 1975. لم نجد إلا الدول العربية الشقيقة التي أعادت بناء بلدنا واقتصادنا، ورعت مسيرة البناء والإعمار وأنهت الحرب وأحيت المؤسسات الدستورية وأعادت لبنان إلى الخريطة العالمية». وسأل: «هل ننسى مؤتمر الطائف ونتائجه في إحلال سلام لبنان وأمنه وازدهاره وعيشه المشترك؟».
وتطرق المجلس إلى ملفات داخلية، حيث ثمّن الدور الذي قام به رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي «من موقعه الدستوري ومن مسؤوليته الوطنية، في إعادة الروح إلى مجلس الوزراء والجهود التي بذلها مع جميع الفرقاء لكي يلتئم مجدداً ويعكف على معالجة مشاكل البلاد المعيشية والمالية والاجتماعية واستنهاض مؤسسات الدولة ومرافقها العامة للاهتمام بمصالح المواطنين والسهر على تلبية احتياجاتهم وتسيير شؤون الدولة».
ورأى أن «عودة مجلس الوزراء إلى عقد جلساته والبدء بالعمل الجاد بعد غياب طويل عن الناس، والانقطاع عن رعاية مصالحهم وحل مشاكلهم، يجب أن تكون عودة إلى الناس، وليس إلى أي أمر آخر أو هم آخر، خارج همومهم ومعاناتهم ومداواة آلامهم، والابتعاد عن سياسات التعطيل التي تضرب الثقة بالدولة ويدفع الشعب اللبناني بنتيجتها أثماناً باهظة في معيشته ومستقبل أبنائه»، داعياً إلى «ضرورة تخلي القوى السياسية عن نزاعاتها وطموحاتها الفئوية الذاتية، وعدم الرجوع إلى مناكفاتهم». وشدد على «وجوب السعي إلى إعادة اللبنانيين إلى الحياة الطبيعية وتأمين حاجاتهم الأولية، وتوفير الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم».
وأكد أن «الفرصة مواتية أمام اللبنانيين جميعاً، وخاصة من يتولون قيادة البلاد، للعودة إلى ضمائرهم وترجيح مصالح البلاد العليا على مصالحهم الخاصة، وليمدوا أياديهم إلى بعضهم بعضاً، والشروع فوراً بتنفيذ الإصلاح الاقتصادي والمالي بشكل لا يطال فئات المجتمع المنهك، والاستفادة من دعم العالم للبنان والاستعداد لمساعدته ونجدته، لإنقاذ بلدهم ومصير وطنهم المهدد والحفاظ على وحدتهم وتماسكهم، والتخلي عن دعوات الانقسام والتجزئة والانعزال التي تضيق معها مساحة الأرض ومساحة الفكر والتفاعل الإنساني والوطني حتى الاختناق، ومن ثم الهروب وهجرة المكان والأرض والهوية والتاريخ».
وأكد المجلس الشرعي أن «إجراء الانتخابات النيابية، ومن ثم الرئاسية في مواعيدها الدستورية، هي إحدى المقومات الأساسية والجوهرية لنظامنا الديمقراطي البرلماني الذي يعتمده لبنان في دستوره»، وأضاف: «إننا نحرص على التزام الحكومة اللبنانية بإجراء هذه الانتخابات في مواعيدها دون تأخير».



اعتماد الخطة التنفيذية لـ«وثيقة بناء الجسور» بين المذاهب الإسلامية

مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
TT
20

اعتماد الخطة التنفيذية لـ«وثيقة بناء الجسور» بين المذاهب الإسلامية

مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)
مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها ثمَّنوا جهود إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور» (الشرق الأوسط)

تبنَّى كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها من كل المذاهب والمدارس الإسلامية، السبت، «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي»، واعتمدوا الخطة الاستراتيجية والتنفيذية لوثيقة «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية».

جاء ذلك في ختام النسخة الثانية من المؤتمر الدولي الذي انعقد يومي 6 و7 مارس (آذار) الحالي في مكة المكرمة (غرب السعودية)، تحت عنوان «نحو مؤتلفٍ إسلاميٍّ فاعِل»، تحت رعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمشاركة واسعة من ممثلي المذاهب والمدارس الإسلامية من نحو 90 دولة.

المؤتمر عزز التآخي والتضامن الإسلامي بين المذاهب كافة (رابطة العالم الإسلامي)
المؤتمر عزز التآخي والتضامن الإسلامي بين المذاهب كافة (رابطة العالم الإسلامي)

وأكّد كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها، في البيان الختامي، على موقفهم الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضِه، ورفْض مشاريع التهجير والتدمير، ومطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وتشكيل وفودٍ من علماء الوثيقة؛ لحشد الجهود العالمية من الشخصيات الدينية والمجتمعية المؤثرة لنصرة قضيته، واستعادة حقوقه.

وشهد المؤتمرونَ تدشين «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» التي أشرف على إعدادها مركز الحماية الفكرية بوزارة الدفاع بالسعودية، وقام بإعدادها 60 عالماً، في نحو 1800 صفحة، وتم تحكيمها من قِبَل الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالسعودية، وعدد من أعضاء الهيئة، ومجمع الفقه الإسلامي، والمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي لتكون خريطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع.

الدكتور محمد العيسى لدى تدشينه «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» (رابطة العالم الإسلامي)
الدكتور محمد العيسى لدى تدشينه «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» (رابطة العالم الإسلامي)

«الوثيقة» أساس مسار العمل المشترك

وقرَّرَ المؤتمرون اعتبارَ «وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» ببنودها 28 الأساس والمنطلَق في مسار العمل الإسلامي المشترك «علميّاً» و«فكريّاً»، في أفق تعزيز التآخي والتضامن بين شعوب الأمّة المسلمة.

وأعلنوا تبنّي «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» التي أعدّها مركز الحماية الفكرية بالسعودية، والعمل على التعريف بها، ونشرها في مختلف الأوساط العلمية والمناسبات الدولية؛ لتكون خريطة طريق للعلاقات بين المذاهب الإسلامية، وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع. كما أعلنوا اعتماد «الخطة الاستراتيجية والتنفيذية» لـ«وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية».

وقرر المؤتمرون تعديل مسمى «اللجنة التنسيقية»، في الوثيقة إلى «المجلس التنسيقي بين المذاهب الإسلامية»، واعتماد نظام المجلس، ومقترح تسمية رئيسه وأعضائه وأمينه، على أن يتولى المجلس العمل على مسارات تفعيل بنود الوثيقة في المجتمعات المسلمة، والإشراف على تنفيذ «الخطة الاستراتيجية والتنفيذية لوثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، ومتابعة البرامج والمبادرات المنبثقة عنها.

جانب من تلاوة البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثاني في مكة المكرمة (رابطة العالم الإسلامي)
جانب من تلاوة البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثاني في مكة المكرمة (رابطة العالم الإسلامي)

جائزة سنوية

وأعلنوا إطلاق جائزة سنوية تُقدَّم للروّاد من المؤسسات والأفراد الذين يُسهمون في تحقيق أهداف الوثيقة، وشدَّد المؤتمرون على اعتزازهم بالهوية الجامعة، وتمسُّكهم بأصول الإسلام ومحكماته، ودعوا إلى أهمية احترام وجود التنوع الإسلامي، والتعامل في مسائل الخلاف ضمن الأُطر الإسلامية المؤسَّسة على أدب الخلاف، وعدم الانجرار إلى مزالق التكفير ومخاطر التناحر والتنابز.

وحذَّر المشاركون من تبعاتِ ما تشهدُهُ بعضُ الوسائط الإعلامية من سِجالاتٍ حادة تُوغر الصدور وتثير النزاع والفرقة بذرائع تجلب من المفاسد أعظم مما تتوهَّمه من المصالح، مثمِّنين الجهود النوعية للرابطة في إعادة صياغة العلاقات المذهبية في «وثيقة بناء الجسور»، على أُسُسٍ متينة من حكمة الشرع وسعته، وحرصها ألا يكون هذا المسلك مبادرةً آنيةً فحسب، بل برامج عملية، وشراكاتٍ استراتيجية تستثمر المُشتَرك الواسع، نحو مستقبل أكثر تكاملاً وتلاحماً بين أبناء الأمة الإسلامية.

أكد المؤتمر على منجزات وثيقة «بناء الجسور بين المذاهب» الصادرة العام الماضي (رابطة العالم الإسلامي)
أكد المؤتمر على منجزات وثيقة «بناء الجسور بين المذاهب» الصادرة العام الماضي (رابطة العالم الإسلامي)

التأكيد على المسار الوحدوي

وأكَّد المؤتمرون من علماء ومفتين ومفكرين عزمهم على المُضيِّ قدماً نحو الطموح الكبير لوثيقة مؤتمرهم التأسيسي، التي وضعت أسس مسار أخوّتهم وتضامنهم على أصول الإسلام ومشتركاته الكلية، واتخاذ خطوات أبعد في هذا المسار الوحدوي، بوصفها وثيقة عملية تجاوزت مُعادَ الحِوَارات ومُكرَّرها التي استوت على سوقها من سنين، مشددين على أنه لم يبقَ سوى التفعيلِ والعملِ وهو بناء الجسور في مسيرة التضامُن الإسلامي «نحو مؤتلف إسلاميٍّ فاعِل» وفق عملٍ منهجيٍّ تتبلور فيه الوثيقة في مبادراتٍ ومشروعاتٍ تُعزِّز الوعي الإسلامي مرسخةً منهج اعتداله، وداحضةً خطاب الطائفية ومُمارساتِها.

وتقدَّم المشاركون في المؤتمر بالشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على ما يضطلعان به من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين، في إطار ما تقدمه السعودية من الجهود الدؤوبة والحثيثة لائتلافهم، وتآخي مكوّناتهم، وتعزيز تضامنهم، في سياق دورها الريادي.

المؤتمر شهد التأكيد على أهمية تجاوز الخلافات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون والتضامن (رابطة العالم الإسلامي)
المؤتمر شهد التأكيد على أهمية تجاوز الخلافات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون والتضامن (رابطة العالم الإسلامي)

وشارك في الجلسة العلمائية الرفيعة المخصصة لتلاوة البيان الختامي، كُلٌّ من الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام للرابطة رئيس هيئة علماء المسلمين، والشيخ الدكتور صالح بن حميد المستشار في الديوان الملكي السعودي إمام وخطيب المسجد الحرام، والشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس رئيس الشؤون الدينية بالحرمين إمام وخطيب المسجد الحرام، والشيخ أحمد مبلغي عضو مجلس خبراء القيادة في إيران، والدكتور مصطفى قطب سانو الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي، والدكتور يوسف بن سعيد عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة، والشيخ محمد عسيران مفتي صيدا اللبنانية.