معارضون يطالبون بإشراف دولي على الانتخابات النيابية

TT

معارضون يطالبون بإشراف دولي على الانتخابات النيابية

يخشى معارضون لبنانيون من تجاوزات قوى السلطة في الانتخابات النيابية المقبلة ما يدفعهم للمطالبة قبل نحو 4 أشهر على موعد الاستحقاق بإشراف دولي على العملية الانتخابية في ظل شكوك في جدوى وصلاحيات هيئة الإشراف على الانتخابات التي شكلها مجلس الوزراء عام 2018 وتأخر تشكيل هيئة جديدة لها إثر انقطاع الحكومة عن الاجتماعات لمدة 3 أشهر متواصلة.
ولفت أخيراً تحذير «تحالف الإصلاح الانتخابي» المؤلف من «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، و«الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية »، و«مؤسسة مهارات»، و«الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً» من أن «الجو العام الذي يحيط بالعملية الانتخابية يتميز بالضبابية والشلل» خصوصاً أنه لم يتم تعيين هيئة جديدة للإشراف على الاقتراع، والتي من أبرز صلاحياتها نشر الثقافة الانتخابية، ومراقبة الإنفاق الانتخابي، ومراقبة الإعلام والإعلان الانتخابيين.
ويشير النائب المستقيل إلياس حنكش، عضو حزب «الكتائب» المعارض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المطالبة بإشراف دولي على الانتخابات سببه الرئيسي عدم الثقة بهيئة الإشراف على الانتخابات كما بقوى السلطة التي تدير عملية الانتخابات خصوصاً أننا خضنا معركة في هذا المجال عام 2018 وشهدنا على تجاوزات فاضحة تبدأ بغياب الالتزامات الأخلاقية حيث إن الوزراء يفترض ألا يترشحوا ويستغلوا مناصبهم، فكان هناك مثلاً 17 وزيراً مرشحاً بينهم وزير الداخلية الذي يدير الانتخابات، من هنا مطالبتنا بجهة دولية تشرف على الانتخابات موثوق بها كالأمم المتحدة مثلاً».
وتقول النائبة المستقيلة وعضو تحالف «وطني» المعارض بولا يعقوبيان إنهم أجروا لقاءات مع وفود من الاتحاد الأوروبي زارت لبنان وطالبوهم بإشراف دولي وتوسيع المهمة التي قاموا بها في الانتخابات الماضية من خلال اعتماد فريق أوسع والقيام بمزيد من العمل، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبرز ما تمت المطالبة به أيضاً هو إقامة «ميغاسنتر» (مراكز اقتراع كبيرة تمكن الناخبين من الاقتراع في أماكن سكنهم) أقله في بيروت والمدن الكبيرة بحيث إن من شأن ذلك أن يغير بالنتائج كما أن الإشراف الدولي عندها يكون له فاعلية أكبر».
وفي الوقت الذي لم يتبلور فيه بعد موقف الكثير من الأحزاب من الدعوة لإشراف دولي على الانتخابات، يعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون أن «لا مانع من إشراف دولي على الانتخابات وقد سبق وحصل في الانتخابات السابقة من قبل الاتحاد الأوروبي وهو سيتكرر في هذه الانتخابات»، لافتاً إلى «أننا التقينا في مجلس النواب مع بعثة الاتحاد الأوروبي التي جاءت الشهر الماضي في مهمة استطلاعية التقت خلالها المسؤولين الحكوميين أيضاً، تحضيراً لمهمة الإشراف على الانتخابات المقبلة». ويضيف عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بجميع الأحوال، لا نمانع كتيار وطني حر في أي رقابة تزيد من شفافية الاستحقاق الانتخابي ونزاهته، ضمن احترام السيادة الوطنية والقوانين المرعية الإجراء».
من جهته، يرى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن موضوع الإشراف الدولي «يناقش في مجلس الوزراء بالتنسيق مع وزير الداخلية المعني مباشرة بالملف... ففي حال تم اتخاذ قرار بشأنه فالطلب يجب أن يكون بشكل رسمي كما يمكن أن يحصل من خلال هيئة الإشراف على الانتخابات بحيث تستعين بخبراء دوليين بالمراقبة وهو ما كان يحصل سابقاً».
ويشدد رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور على أن «وجود مراقبين دوليين مسألة أساسية لتحصين العملية الانتخابية والدفع باتجاه مزيد من الشفافية»، موضحاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها مسألة «لا تتعارض مع وجود هيئة إشراف محلية، فهي بالنهاية عملية تكاملية… وبكل الأحوال تسونامي الناس بالإقبال على صناديق الاقتراع لن يؤثر فيه شيء».
أما قانونياً، فيشير رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص إلى أنه «وفق الوضع القانوني الحالي، فإن هيئة الإشراف على الانتخابات المعينة سابقاً تستمر بعملها إلى حين تعيين هيئة إشراف جديدة، وإن كان ذلك يجعل صلاحياتها أقل فاعلية مما هي في النص علماً بأن صلاحياتها أصلاً غير كافية وهي إشرافية عامة تطال حصرًا الإنفاق والإعلام الانتخابيين».
لافتاً إلى أن «وزير الداخلية لا بد أنه أعد مشروع تعيين رئيس وهيئة إشراف جديدة»، إلا أنه مشروع لا يمكن السير به في حال عدم انعقاد مجلس الوزراء.
ويوضح مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك تنسيقاً بين برنامج الأمم المتحدة undp والوكالة الدولية للتنمية الدولية usaid والاتحاد الأوروبي لمتابعة موضوع الانتخابات منذ الآن باعتبار أن الأعمال التحضيرية والتمهيدية للانتخابات مهمة بمقدار أهمية العملية الانتخابية يوم الاقتراع»، مشيراً إلى أن «الإشراف على الانتخابات منظم بالقانون، ويمكن للجمعيات المحلية والهيئات الدولية أن تتقدم بطلبات لمراقبة الانتخابات خصوصاً أنه ليست هنالك إدارة مستقلة للانتخابات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».