انهيار منظومة الكهرباء العراقية وسط موجة برد شديدة

تراجع إمداد المنازل بالتيار إلى 4 - 5 ساعات يومياً

TT

انهيار منظومة الكهرباء العراقية وسط موجة برد شديدة

يعاني العراقيون هذه الأيام، وهم في خضم موجة برد شديدة تضرب البلاد وصلت درجاتها في بعض المناطق إلى 17 درجة مئوية تحت الصفر، من تراجع شديد في تجهيز المنازل بالطاقة الكهربائية، ما يعني حرمان معظم العوائل من وسائل التدفئة (سخانات المياه، المدافئ) التي تعتمد على الطاقة الكهربائية بشكل أساسي.
وتسبب الانهيار شبه التام في المنظمة الكهربائية بانحسار تجهيز المنازل إلى نحو 4 - 5 ساعات في اليوم الواحد وخصوصاً في العاصمة بغداد وبعض محافظات وسط البلاد، ما يضطر السكان إلى الاعتماد على محطات التوليد الأهلية التي تكفي في العادة لتشغيل مصابيح الإنارة وبعض الأجهزة المنزلية البسيطة.
ورغم الأسباب العديدة التي تقدمها وزارة الكهرباء منذ سنوات طويلة مع كل أزمة في الطاقة، فالنتيجة واحدة بنظر غالبية المواطنين العراقيين، وهي استمرار فشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلول جذرية لمعضلة الكهرباء.
المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى قال لـ«الشرق الأوسط» بصريح العبارة في تعليق على مشكلة الطاقة هذه الأيام: «منظومة الكهربائية (انهجمت)»، و«انهجمت» تعبير محلي شائع يعني الانهيار التام الذي أتى على خلفية إعلان الوزارة «فقدان 7600 ميغاواط من إنتاج الطاقة بسبب انحسار إطلاقات الغاز المورد والأحوال الجوية».
وعن أسباب الانهيار يؤكد موسى أن «إيران أوقفت إمدادات أربعة خطوط تجهيز رئيسية (عمارة - كرخة، سربيل زهاب – خالص، مرساد – ديالى، خرمشهر - بصرة) التي تزود العراق بنحو 1100 ميغاواط».
وإلى جانب ذلك، والكلام للمتحدث الرسمي «أوقفت إيران تصدير الغاز السائل للعراق، وانحسر إلى نحو 8 ملايين متر مكعب بعد أن كان 50 مليوناً، وكذلك خفضت وزارة النفط تجهيز الغاز المحلي إلى المحطات بسبب سوء الأوضاع الجوية».
وذكر موسى أسباباً أخرى تقف وراء الأزمة الأخيرة تتعلق بـ«تجاوز معظم محافظات الجنوب على حصصها المقررة، لذلك نجد أن العاصمة بغداد تعيش ذروة الأزمة، إضافة إلى محافظة ديالى ومحافظات أخرى وسط البلاد».
وعن خبر إصلاح الأعطال في الأبراج الكهربائية في منطقة آمرلي بمحافظة كركوك التي أعلنت عنها خلية الإعلام الأمني، نفى المتحدث باسم وزارة الكهرباء علمه بذلك.
وكانت الأبراج الناقلة لخطوط الطاقة الفائقة تعرضت الصيف الماضي، إلى سلسلة هجمات متلاحقة أحدثت أزمة خانقة في تجهيز الطاقة وأخرجت محافظات كاملة عن تقديم الخدمة للسكان. وأعلنت خلية الإعلام الأمني، أمس السبت، المباشرة بإصلاح أبراج الطاقة شرق قضاء آمرلي بمحافظة كركوك. وقالت الخلية في بيان: إن «قوة من اللواء 52 بالحشد الشعبي، رافقت الكوادر الفنية لإصلاح أبراج الطاقة شرق قضاء آمرلي». وأضافت «نفذت القوة مهمة تأمين الموقع للكادر الفني لكهرباء المنطقة الشمالية لإنجاز العمل في العطب الحاصل للأبراج الناقلة في آمرلي».
وبموازاة أزمة الكهرباء المستفحلة، أعلن وزير النفط إحسان عبد الجبار، أمس السبت، عن انطلاق أعمال منتدى العراق للطاقة النظيفة يوم غد. وقال عبد الجبار في بيان: إن «المنتدى يأتي ضمن توجه العراق لدعم جميع المبادرات والجهود للتحول التدريجي من الطاقة التقليدية إلى النظيفة والمتجددة». وأضاف، أن «المشاريع ستتم بالتعاون بين الشركات الوطنية والشركات العالمية الرصينة والمتخصصة في هذا المجال، المنتدى خطوة مهمة تهدف إلى الاطلاع والتعرف على أحدث التجارب والتطبيقات العملية في هذا المجال».
وكان العراق وقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقداً مع شركة «أبوظبي لطاقة المستقبل» (مصدر) لبناء 5 محطات للطاقة الشمسية لإنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء. وتشير تقديرات الخبراء الاقتصاديين والفنيين إلى أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003، أنفقت أكثر من 65 مليار دولار على قطاع الطاقة ووزارة الكهرباء من دون أن تتمكن من حل المشكلة وظلت البلاد عاجزة عن سد حاجتها المتزايدة من الطاقة، ويعزو معظم العراقيين أسباب ذلك إلى الفساد وسوء الإدارة المستشري في معظم مؤسسات الدولة وضمنها وزارة الكهرباء.



الانفلات الأمني في إب اليمنية لمعاقبة منتقدي الفساد

سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
TT

الانفلات الأمني في إب اليمنية لمعاقبة منتقدي الفساد

سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)
سكان إب يتهمون الحوثيين بفرض وجودهم في المحافظة بالفوضى الأمنية والفساد (غيتي – أرشيفية)

تشهد محافظة إب اليمنية ازدياداً في الجرائم ووقائع الانفلات الأمني تثير هلع السكان وخوفهم، وتزامن مقتل شخص في ظروف غامضة بعد انتقاده فساد السلطات الحوثية واتهامها بالوقوف ضده في خلافات عائلية، مع إطلاق سجين متهم بجرائم خطيرة.

وعُثِر، الاثنين الماضي، على جثة فكري الجراني، من سكان مركز المحافظة التي تبعد 193 كيلومتراً عن جنوب صنعاء، خلف جامع عائشة وسط المدينة، وعليها آثار عدة طعنات، في حين التزمت أجهزة أمن الجماعة الحوثية الصمت، وسط مطالبة السكان لها بكشف غموض الجريمة وإلقاء القبض على منفذيها، وحمّلوها المسؤولية الكاملة عن هذه الحادثة وغيرها من الحوادث الأمنية في المحافظة الخاضعة لسيطرتها.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن السكان يتهمون أجهزة أمن الجماعة بالتعاطي المستهتر وغير المسؤول مع الجريمة، وعدم تفعيل أدوات التحري والتحقيق، والاكتفاء بزيارة موقعها والتحفظ على الجثة؛ خصوصاً أن الضحية كان يشتكي من تلقيه تهديدات باستهداف حياته وسلامته الجسدية.

وتساور سكان مدينة إب الشكوك بارتباط الجريمة بكتابات للقتيل على مواقع التواصل الاجتماعي هدد فيها بكشف فساد ونهب ممتلكات واستغلال للوظيفة العامة، إلى جانب تصريحه بتلقي تهديدات باستهداف حياته بعد خلافات عائلية حُرم بسببها من أولاده، واشتكى من فساد أجهزة الأمن والقضاء التي رفضت إنصافه وتجاهلت شكاواه.

أجهزة الأمن الحوثية تتساهل في قضايا أمنية خطيرة تشهدها مدينة ومحافظة إب (إكس)

ونقلت المصادر أن الواقعة زادت من استياء وسخط السكان من تدهور الأمن في المحافظة، وتقاعس أجهزة أمن الجماعة الحوثية في أداء مهامها، بل واتهامها في الوقت ذاته بالتواطؤ مع عصابات إجرامية، وتسهيل إفلاتها من المحاسبة والعقاب، وإطلاق سراح متهمين بجرائم خطيرة من السجون.

تهريب السجناء

جاءت هذه الواقعة بعد نحو أسبوع من هروب متهم بالشروع في القتل من سجن في المحافظة، يقول السكان إن قادة أمنيين في الجماعة الحوثية تواطأوا معه مقابل رشوة مالية.

وأوردت مصادر محلية أن المتهم جرى تهريبه من سجن قسم شرطة «مَيْتَم» في مديرية ريف إب، بعد دفع رشوة مالية لقادة أمنيين قُدرت بنحو 5 آلاف و600 دولار (3 ملايين ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً).

سجون محافظة إب شهدت هروب عشرات المتهمين بقضايا خطيرة خلال السنوات الماضية (إكس)

وشهدت محافظة إب خلال السنوات الماضية عدداً من حوادث هروب السجناء، سواء من السجن المركزي، حيث يقضي المتهمون عقوبتهم أو يخضعون للمحاكمة، أو من سجون أقسام الشرطة التي يحتجزون فيها قيد التحقيق فيما ينسب إليهم من اتهامات.

وفي فبراير (شباط) الماضي، تمكن 4 من المتهمين بقضايا جنائية، من الهروب من أحد السجون الاحتياطية التي تديرها الجماعة الحوثية في المحافظة إلى جهة مجهولة، بالتزامن مع جريمة قتل ارتكبها سجين فار في مدينة القاعدة جنوبي المحافظة، ولا يزال الجاني طليقاً.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وجهت مصادر قانونية في مديرية ذي السفال التابعة لمحافظة إب، أصابع الاتهام لقيادات أمنية حوثية بإخراج الجاني من سجن أمن المحافظة بصفقة مشبوهة، جرى فيها نقله إلى سجن قسم شرطة في مدينة القاعدة، حيث تمكن من الهروب رفقة محتجزين آخرين.

معاقبة منتقدي الفساد

شهدت الأسابيع الماضية من الشهر الحالي حوادث أمنية متفرقة اتهمت الجماعة الحوثية بارتكابها أو تدبيرها ضمن ما يقول السكان إنها مساعٍ لترهيبهم ونشر الفوضى والانقسام المجتمعي في أوساطهم.

مستشفى عمومي في إب يحمل اسم أحد رموز الثورة اليمنية فرض الحوثيون هويتهم على مظهره (إكس)

وقال ناشط حقوقي في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إن طبيعة الجرائم والحوادث الأمنية، إلى جانب ملاحقة الناشطين ومنتقدي الفساد، تجبر السكان على التزام الصمت خوفاً على حياتهم وسلامتهم.

وكشف الناشط، الذي طلب التحفظ على بياناته للحفاظ على سلامته، أن المحافظة تشهد خلال الأشهر الأخيرة وقائع انتهاكات متنوعة مرتبطة بانتقاد الفساد والنافذين الحوثيين.

ويجري، بحسب الناشط، ملاحقة الأفراد بسبب مواقفهم من قضايا الفساد، ليس فقط من خلال الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وحتى عبر الحديث عنها في اللقاءات العامة للسكان والأسواق ووسائل المواصلات في المدن والأرياف.

دخان في ليل مدينة إب بعد غارة أميركية خلال أبريل الماضي (إكس)

وأوضح الناشط أنه رصد ووثق عمليات مداهمة واقتحام للمنازل، جرى فيها انتهاك الحرمات والاعتداء على النساء والأطفال، ووصفه بالتحدي الصارخ لقيم وأعراف المجتمع التي تُجرم مثل هذه الممارسات، على خلفية حديث مالكي هذه المنازل أو ساكنيها عن وقائع فساد.

كانت إحدى الشخصيات الاجتماعية الموالية للحوثيين في المحافظة قد وقعت ضحية عملية اغتيال أشرف عليها أحد القادة الحوثيين أواخر الشهر الماضي، في واقعة عدّها السكان استمراراً لمسلسل تصفية الجماعة للموالين لها.

ووفقاً لمصادر محلية؛ فإن قيادياً حوثياً استغل خلافات بين الشيخ سام الحريمي، وإحدى العائلات على أراضٍ في مديرية حزم العدين، وساندت أفراداً من هذه العائلة لنصب كمين مسلح للحريمي أسفر عن مقتله.