إجماع أممي على قرار يندد بإنكار الهولوكوست

TT

إجماع أممي على قرار يندد بإنكار الهولوكوست

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع، على قرار يندد بإنكار المحارق النازية ضد اليهود (الهولوكوست) في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.
وحصل مشروع القرار الذي قدمته إسرائيل وألمانيا على التزكية من الدول الـ193 الأعضاء في المنظمة الدولية من أجل «توجه رسالة قوية (…) ضد إنكار أو تشويه هذه الحقائق التاريخية»، بحضور مجموعة من الأشخاص الذين نجوا من الإبادة الجماعية التي قضى فيها نحو ستة ملايين يهودي، أي ثلثي السكان اليهود في أوروبا، خلال الحرب العالمية.
وتزامن التصويت مع اليوم الذي انعقد فيه مؤتمر وانسي قبل 80 عاماً، حين ناقش كبار المسؤولين النازيين ونسقوا الإبادة الجماعية للشعب اليهودي وإنشاء نظام معسكرات الموت النازية.
وفي تقديمه لمشروع القرار، قال المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، وهو حفيد أحد الضحايا، إن العالم يعيش «في عصر أصبح فيه الخيال حقيقة الآن، وأصبحت المحرقة ذكرى بعيدة». وحذر من أن «إنكار الهولوكوست انتشر مثل السرطان، وانتشر تحت مراقبتنا».
واعتبرت إسرائيل هذا القرار «خطوة تاريخية»، إذ هي المرة الأولى التي تقدم فيها مشروع قرار يتم تبنيه في الجمعية العامة منذ عام 2005، عندما أقرت الهيئة قراراً إسرائيلياً يعلن يوم 27 يناير (كانون الثاني) من كل سنة، الذي يصادف يوم الذكرى السنوية لتحرير معسكر الإبادة «أوشفيتز» (بولندا)، يوماً عالمياً لإحياء ذكرى المحرقة.
كان أردان حضر إلى الجلسة، التي عقدت أول من أمس الخميس، بتوقيت نيويورك (فجر أمس الجمعة بتوقيت مكة المكرمة)، يرافقه خمسة من اليهود الناجين من المحرقة، منهم الرئيس التنفيذي لشركة «فايزر»، منتجة اللقاح ضد «كورونا»، ألبرت بورلا، وهو ابن ناجين.
ووفقاً لنص القرار، فإن هذه الإبادة الجماعية «ستكون إلى الأبد تحذيراً لجميع الناس من مخاطر الكراهية والتعصب والعنصرية والتحيز». وأورد أن الدول الأعضاء تعبر عن قلقها في شأن «الانتشار المتزايد لإنكار الهولوكوست أو التشويه من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات». ويحض على «الرفض دون أي تحفظ أي إنكار أو تشويه للمحرقة كحدث تاريخي، سواء كلياً أو جزئياً، أو أي نشاطات لتحقيق هذه الغاية». ولكنه يثني في الوقت ذاته على البلدان التي «شاركت بنشاط في الحفاظ على تلك المواقع التي كانت بمثابة معسكرات الموت النازية، ومعسكرات الاعتقال، ومعسكرات السخرة، ومواقع القتل والسجون أثناء الهولوكوست، فضلاً عن الأماكن المماثلة التي تديرها الأنظمة المتحالفة مع النازية أو شركاؤها أو المساعدون». ويطلب من الدول الأعضاء تطوير برامج لتثقيف الأجيال القادمة، ويحث شركات وسائل التواصل الاجتماعي على اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة معاداة السامية وإنكار الهولوكوست أو تحريفها، عبر نشاطات تشمل تدريب المعلمين، وتطوير مبادئ توجيهية للسياسة لوزارات التربية والتعليم في كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى نشاطات لمعالجة ومنع معاداة السامية المعاصرة، بما في ذلك عبر الإنترنت.
وبعد تبني القرار، تعهدت الوكالة اليهودية «مواصلة تدريس التاريخ ومكافحة كل أشكال معاداة السامية، على الإنترنت وخارجها».
وكشف في تل أبيب، أمس الجمعة، أن مشروع القرار إسرائيلي، ولكن قبيل البحث في الجمعية، انضمت إليه ألمانيا، ما أكسبه أهمية خاصة.
وروى أردان أنه «بعد وقت قصير من ولادة المبادرة في الشهر الماضي، اتصلت ألمانيا بالوفد الإسرائيلي، وطلبت الانضمام إليها كقائد مشارك. وإدراكاً للأهمية الرمزية لمثل هذه الشراكة وقدرة برلين على المساعدة في عملية التفاوض، وافقت إسرائيل على الاقتراح».
وأكد المبعوث الألماني في الأمم المتحدة، أنتجي لينديرتسي، هذا الأمر، وقال: «إنها مسؤولية ألمانيا التاريخية أن تحافظ على إحياء ذكرى المحرقة، ونحن ندرك تماماً أننا نحمل التزاماً خاصاً في هذا الصدد». وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، التي كان وفدها بين رعاة القرار، إن الإجراء «يؤكد التزامنا بتثقيف الجيل القادم كوسيلة لمنع تكرار الفظائع الفظيعة في الماضي».


مقالات ذات صلة

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

الولايات المتحدة​ منظر عام للبيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

أعلنت الولايات المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، رفضها تصريحات الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التي شبه فيها الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة بالمحرقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يحذر من تصاعد «معاداة السامية»

احتفل الرئيس الأميركي جو بايدن، باليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة‭‭‬،‬‬ وحذر مما وصفها بـ«زيادة مثيرة للقلق في معاداة السامية» بعد هجمات حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - د.ب.أ)

الحصانة الدبلوماسية تجنّب عباس ملاحقة قضائية في ألمانيا

أكد مدّعون في برلين اليوم أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المرتبطة بالمحرقة التي أدلى بها خلال زيارة العام الماضي ترقى إلى التحريض على الكراهية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في إسرائيل في زيارة للأخير لإظهار التضامن في 17 أكتوبر 2023 بعد هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل (د.ب.أ)

نتنياهو: على العالم أن يقف خلف إسرائيل من أجل «هزيمة حماس»

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إلى دعم دولي واسع النطاق، في الحرب التي تخوضها بلاده ضد حركة «حماس» الحاكمة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

بسبب تصريحاته عن المحرقة... تجريد محمود عباس من وسام فرنسي رفيع

جرّدت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، اليوم (الجمعة)، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».