بغداد وكردستان تواجهان انتقادات لاذعة نتيجة سوء الأوضاع في مخيمات النزوح

صور تداولها عراقيون عبر مواقع التواصل لأطفال نازحين في مخيمات
صور تداولها عراقيون عبر مواقع التواصل لأطفال نازحين في مخيمات
TT

بغداد وكردستان تواجهان انتقادات لاذعة نتيجة سوء الأوضاع في مخيمات النزوح

صور تداولها عراقيون عبر مواقع التواصل لأطفال نازحين في مخيمات
صور تداولها عراقيون عبر مواقع التواصل لأطفال نازحين في مخيمات

تواجه السلطات الاتحادية في بغداد والفيدرالية في إقليم كردستان الشمالي انتقادات لاذعة هذه الأيام نتيجة الأوضاع المزرية التي يعيشها سكان مخيمات النازحين بعد موجة البرد الشديدة، خاصة في المناطق الشمالية التي تتواجد فيها معظم المخيمات. وضربت العراق في الأسبوع الأخير موجة برد غير مسبوقة، ووصلت في بعض المناطق الشمالية إلى سالب 17 درجة مئوية؛ ما دفع الإدارات المحلية في أكثر المحافظات إلى تعطيل الدوام الرسمي للمؤسسات الحكومية.
وفي حين يتحدث مرصد حقوقي عن وفاة امرأة وطفلين جراء البرد، اتهم المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين الاتحادية علي عباس جهانكير سلطات إقليم كردستان بـ«عدم التعاون» في ملف النازحين باعتبارها المسؤولة عن إدارة المخيمات، لكنه لم يحدد طبيعته.
وقال جهانكير لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة المهجرين طلبت من وزارة النفط تجهيز كميات إضافية من النفط الأبيض للمخيمات الأكثر تضرراً من موجة البرد والثلوج وخاصة مخيم شارية في محافظة دهوك، المشكلة أننا لا نستطيع تخزين كميات كبيرة من الوقود بأنواعه في المخيمات للخشية من الحراك والحوادث الأخرى».
وأضاف، أن «لدينا إجمالي 26 مخيماً معظمها في محافظات إقليم كردستان، وبعض منها في محافظة نينوى أغلب سكانها من المكون الإيزيدي، معظم المخيمات مؤمّنة تقريباً وتتوفر فيها المعدات والوسائل اللازمة لمواجهة موجة البرد، وقليل منها لا تتوفر فيه تلك الإمكانات».
ورداً على الاتهامات التي توجهها منظمات حقوقية وجهات سياسية إلى إخفاق الحكومة الاتحادية بتوفير بيئة آمنة للعوائل في مناطقها الأصلية؛ ما يحول دون عودتها من مخيمات النزوح، يرى جهانكير، أن «بعض العوائل لا ترغب في العودة لأسباب تتعلق بها وليس في مناطقها الأصلية، لاحظ أن نحو 95 في المائة من نازحي محافظة الأنبار قد عادوا إلى ديارهم، لكن نسبة ضئيلة منهم فضّلت البقاء في المخيمات، وكذلك الحال مع محافظتي صلاح الدين ونينوى، وبطبيعة الحال لا تستطيع وزارة الهجرة إرغام من تبقى في المخيمات على العودة القسرية».
وأطلق مدير مخيم جبل سنجار بمحافظة نينوى علي شعبو، أول من أمس، نداء استغاثة عاجلاً إلى الأمم المتحدة ومفوضية حقوق الإنسان العراقية لمساعدة مئات الأسر المحاصرين نتيجة موجة الثلج القوية التي اجتاحت المنطقة.
وقال شبعو في بيان، إن «الظروف الجوية الآنية إذا ما استمرت سوف تؤدي إلى كارثة إنسانية بحق المواطنين المقيمين في مخيم جبل سنجار في منطقة سردشتي بمحافظة نينوى».
من جانبه، وجه «المرصد العراقي لحقوق الإنسان»، أمس، انتقادات لاذعة للسلطات العراقية، واتهمها بـ«التعامل بفوضوية» في ملف النازحين.
وذكر «المرصد» في بيان مطول، أن «النازحين يعانون من أوضاع مأساوية جراء موجة البرد القارس وتأكد لـ(المرصد) حتى الآن وفاة طفلين في مخيم آشتي للنازحين في محافظة السليمانية، شمالي العراق، ووفاة سيّدة مسنّة تعيش مع عائلتها في منزل متهالك في محافظة ديالى إثر البرد الشديد وعدم توّفر أغطية ووقود».
ونقل «المرصد» عن ناشطين ومسؤولين في مخيم آشتي للنازحين قولهم، إن «السلطات لم تتخذ أي إجراءات لمواجهة موجة البرد التي ضربت مناطق شمالي العراق، وقال مسؤول في المخيم: بصراحة نحن نتساءل عن الأموال التي خصصت للنازحين وأين ذهبت».
وأشار «المرصد» إلى أن «وزارة الهجرة والمهجرين العراقية بإدارتها الجديدة، تعاملت مع ملف النازحين بفوضوية ودون دراية، وحاولت إنهاء الملف بأي طريقة حتى وإن كانت على حساب النازحين».
ولاحظ بيان «المرصد»، أن «جهداً حكومياً متسارعاً لإغلاق مخيمات النزوح، جاءت نتائجه عكسية على المشردين من منازلهم.
فلم توفر الحكومة بيئة آمنة وصالحة للعيش ليتمكنوا من العودة إلى مناطقهم، كما لم توفر لهم ما يحتاجون إليه في المخيمات، وكأنها حاولت معاقبتهم».
وكشف البيان عن أن «أكثر من مليون نازح في مخيمات وتجمعات تتوّزع في الأنبار والسليمانية وكركوك وديالى ونينوى في ظروف سيئة ولا يملكون الملابس الكافية ووسائل التدفئة والوقود اللازم ولا تقدم لهم السلطات ما يحتاجون إليه لتجاوز الشتاء ولا تفي الحملات الإغاثية التي ينظمها متطوعون ومنظمات حقوق الإنسان بتلك المتطلبات الأساسية».
وانتقد عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب «الديمقراطي» الكردستاني ماجد شنكالي، التعامل الحكومة مع ملف النازحين في ظل الانخفاض الشديد بدرجات حرارة المناخ.
وقال شنكالي في تصريحات صحافية، أمس، إن «وضع النازحين في عموم العراق مزرٍ جداً، ولحد الآن لم يتم توزيع قطرة واحدة من النفط الأبيض سواء على النازحين في جبل سنجار أو في إقليم كوردستان، الثلوج تغطي منطقة جبل سنجار والنازحين فيه يعيشون أوضاعاً مأساوية».
وأضاف، أن «وزارة الهجرة اشترت في العام الماضي قوالب ثلج بقيمة 6 مليارات دينار، ولو اشترت بهذا المبلغ اليوم النفط الأبيض، لكان على الأقل اشترت لنحو 60 ألف عائلة، برميلاً من النفط الأبيض، إن ذلك أمر كارثي بحق النازحين».
وطالب شنكالي، الحكومة الاتحادية بـ«فتح ملف الأموال المخصصة للنازحين منذ عام 2014 ولحد الآن، لدينا شك كبير بأن أغلب الأموال المخصصة ذهبت في جيوب الفاسدين والسارقين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».