رئيس «الوطني الحر» يقر بـ«خلاف كبير» مع «حزب الله»

طالب بأن يكون السلاح ضمن سياسة الدولة... ونفى تخطيطه حالياً لخوض معركة الرئاسة

TT

رئيس «الوطني الحر» يقر بـ«خلاف كبير» مع «حزب الله»

أقر رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بـ«خلاف كبير مع حزب الله حول الملفات الداخلية»، مشيراً إلى أن «تفاهم مار مخايل» مع الحزب «فشل في بناء الدولة»، وشدد على ضرورة أن يدخل سلاح الحزب «ضمن إطار تنفيذي معين، ليكون ضمن سياسة الدولة، وهذا أمر ممكن إذا خرج البعض من فكرة المؤامرة»، لافتاً في الوقت نفسه إلى انقطاع خطوط الحوار مع حزب «القوات اللبنانية».
وقال باسيل في تصريح إن «التيار» الذي يرأسه «سيخوض الانتخابات النيابية المقبلة في كل المناطق اللبنانية، ومشروعه لا يزال نفسه، وهو مشروع الدولة، التي لا يمكن أن تقوم في ظل وجود الفساد»، رافضاً الجزم بتحالفات انتخابية مع «حزب الله»، حيث قال إن «الخلاف واضح وكبير مع الحزب بما يخص الأمور الداخلية، وإن حلت هذه الأمور، فعلى أساسها يتحدد موضوع التحالفات الانتخابية»، ورأى أن «الوطني الحر يشكل حالةً شعبيةً في لبنان وبناءً عليها هو يستطيع خوض الانتخابات وحده».
ولم يجب باسيل بالنفي أو التأكيد عما إذا كان على علم مسبق بقرار عودة «حزب الله» وحركة «أمل» إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، مشدداً على أن «عودة الثنائي إلى الحكومة كانت أمراً حتمياً، لأن المقاطعة لم تكن مبررة ولا مقنعة». ورأى أن «العودة غير كافية، ويجب استكمالها بمجموعة خطوات تؤدي إلى الاستقرار بالبلاد ومعالجة مشاكل الشعب».
وقال إن الحاجة الوطنية كانت الدافع لصمود «تفاهم مار مخايل» مع الحزب، مشيراً إلى أن «التفاهم المذكور يحافظ على الوحدة بشكل أو بآخر، علماً أن هناك خلافات داخلية كافية لتنسفه، لأن أهم نقطة فيه هي بناء الدولة». وذكر أن «الاتفاق ساعدنا على مواجهة إسرائيل ومنع تنظيم «داعش» من احتلال لبنان، ومنع الاقتتال الداخلي، وهذا أمر أساسي، لكن لا يكفي لبناء دولة؛ فالاتفاق فشل ببناء الدولة».
ودعا إلى «تطوير تفاهم مار مخايل من ناحية الإصلاح وبناء الدولة». وعن ملاقاة «حزب الله» له بالتطوير، أجاب أن «العودة للحكومة جزء من التجاوب مع التطوير، لكن ذلك غير كاف، فالإنتاج والإصلاح هما المطلوبان». وعن سلاح الحزب، أكد أنه «من الضروري أن يدخل ضمن إطار تنفيذي معين، ليكون ضمن سياسة الدولة، وهذا أمر ممكن إذا خرج البعض من فكرة المؤامرة»، موضحاً أن «الهدف يجب ألا يكون نزع سلاح «حزب الله»، إنما كيفية استعماله لمصلحة الوطن».
وكشف باسيل أنه التقى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله قبل فترة غير قريبة، نافياً أن يكونا قد تناولا موضوع المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي يختلف باسيل مع الحزب حول إجراءاته. ورأى أن هناك «حالة مراوحة في الملف»، مؤكداً «أهمية أن يستكمل التحقيق العدلي للوصول إلى القرار الظني». ووجد أن «التحقيق فيه استنسابية، لكنه غير مسيس، لكن اليوم هناك مراوحة قاتلة، ونريد أن يتحمل القضاء مسؤوليته».
وعما إذا كانت حظوظ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية مرتفعة للوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية، أوضح باسيل أن «موضوع الرئاسة يشمل اعتبارات عديدة، منها التمثيل الشعبي بعد الانتخابات المقبلة، وموضوع الخيارات السياسية، كمعرفة الجهات التي ستدعمه، وتمكنه من تشكيل أكثرية بالبرلمان، بالإضافة إلى برنامجه الانتخابي»، وقال «إن من المبكر الحديث عن انتخابات الرئاسة، وأن ليس لديه في الوقت الحالي أي مخطط أو هدف للرئاسة».
وبخصوص العلاقة مع حزب «القوات اللبنانية»، لفت إلى أن «القوات ترفض الحوار مع «الوطني الحر»، لأنها تعتبر أنها تمتلك فرصةً لتحقيق الحلم التاريخي بكسر التيار أو إنهائه، وهذا رهان واهم ولن يؤدي إلى نتيجة»، معلناً أن «الحوار غير قائم مع القوات في الوقت الحالي»، مشدداً في الوقت نفسه على «أهمية الحوار والتواصل مع «القوات» لمصلحة الوطن والشعب».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».