«الطموح» و{الوضوح» شرطان مغربيان لعودة العلاقات مع إسبانيا

TT

«الطموح» و{الوضوح» شرطان مغربيان لعودة العلاقات مع إسبانيا

قال الوزير المغربي المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس، إن للمغرب مبدئين في علاقاته الخارجية هما «الطموح والوضوح»، وذلك رداً على دعوة ملك إسبانيا للمغرب أخيراً لإعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها السابقة.
وذكر بايتاس، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن العاهل المغربي الملك محمد السادس سبق له أن تحدث في خطاب بمناسبة ذكرى «ثورة الملك والشعب» في أغسطس (آب) الماضي عن العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا، وأنه قبل ثلاث سنوات تحدث في خطابات ملكية أخرى عن الإطار المرجعي للعلاقات الخارجية مع الدول، والتي تقوم على مبدئين هما الطموح والوضوح، وقال: «إسبانيا لديها الطموح لكن نحتاج للكثير من الوضوح»، في إشارة إلى موقف إسبانيا غير الواضح من قضايا المغرب الاستراتيجية وعلى رأسها الصحراء المغربية.
من جهته، قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في لقاء خاص في القناتين التلفزيونيتين الرسميتين الأولى والثانية، الليلة قبل الماضية، إن هناك مبدئين في السياسة الخارجية المغربية هما الوفاء والوضوح، وأضاف: «إذا كان هناك وفاء يمكن أن يكون هناك طموح للتقدم في العلاقات»، وأشار بشكل واضح إلى «الوفاء في الموقف من قضية الصحراء»، وأوضح أن الدول التي فهمت هذه الرسالة «حصل تقدم وتسريع في العلاقات معها، ومن لم يفهم هذا التوجه يمكنه أخذ وقته لكي يفهم».
وكان الملك فيليبي السادس قد وجه رسالة يوم الاثنين الماضي، في حفل استقبال أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في إسبانيا في القصر الملكي بمدريد، دعا فيه الرباط إلى «التوجه معاً من أجل البدء في تجسيد العلاقة الجديدة على ركائز أقوى وأكثر صلابة».
وكان ملك إسبانيا قد زار الاثنين الماضي برفقة زوجته الملكة «ليتسببوا» الجناح المغربي في معرض السياحة العالمي الذي تستضيفه مدريد.
ووصفت وسائل إعلام إسبانية زيارة الملك فيليبي السادس بأنها «بادرة مصالحة» جديدة تجاه المغرب بعد شهور من الأزمة الدبلوماسية. واستقبل الملك فيليبي السادس بالمناسبة القائم بالأعمال المغربي في مدريد فريد أولحاج.
ومرت العلاقات بين البلدين بأزمة منذ استقبال إسبانيا الأمين العام لجبهة «البوليساريو» الانفصالية في أبريل (نيسان) الماضي بشكل سرّي، حيث استدعت الرباط سفيرتها في مدريد، التي لم تعد بعد لمنصبها حتى الآن.
وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس قد أعلن (الثلاثاء)، عقب لقائه مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي في واشنطن، إن إسبانيا والولايات المتحدة اتفقتا على «توحيد الجهود» لإيجاد حل للوضع في الصحراء، لأنه «صراع يجب أن ينتهي».
وقال رئيس الدبلوماسية الإسبانية في تصريحات لوسائل الإعلام في السفارة الإسبانية: «اتفقنا على توحيد الجهود للتوصل أخيراً إلى حل للصراع الذي يجب أن ينتهي، ولا يمكن أن يستمر أكثر من عقود». وبهذا المعنى، فإن «هناك آلاف الأشخاص ينتظرون حلاً للصراع».
وأفاد ألباريس بأنه سيلتقي اليوم (الجمعة)، في مدريد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا، بعد جولته الأولى للدول المعنية بنزاع الصحراء المغرب والجزائر وموريتانيا، ومخيمات جبهة «البوليساريو» الانفصالية في تيندوف (جنوب غربي الجزائر).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.