الحكومة المصرية تتعهد «حواراً فعَّالاً» مع المجتمع المدني

جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري أمس في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري أمس في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة المصرية تتعهد «حواراً فعَّالاً» مع المجتمع المدني

جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري أمس في القاهرة (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري أمس في القاهرة (الشرق الأوسط)

تعهد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بتحويل «تكليفات رئاسية» بشأن «إعلان عام 2022 عاماً للمجتمع المدني» إلى «خطط تنفيذية تعمل عليها الوزارات والجهات المعنية».
وخلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أمس، قال مدبولي إنه «سيتم الأخذ في الاعتبار التنسيق مع جهات ومؤسسات الدولة، لإنشاء منصة (حوار فعَّالة) بين الدولة وشبابها، ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية».
كما أقر مجلس الوزراء، أمس، تعديلاً على بعض أحكام قانون «تنظيم ممارسة العمل الأهلي»، يتضمن «تمديد مدة توفيق أوضاع مؤسسات المجتمع الأهلي لفترة عام آخر، يبدأ من تاريخ انتهاء المدة الواردة بالمادة الثانية من مواد إصدار القانون في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي».
وأفاد بيان حكومي بأن المهلة الجديدة «تبدأ من 12 يناير الحالي، وذلك لإتاحة فترة زمنية كافية لتوفيق أوضاع مؤسسات المجتمع الأهلي التي لم تتمكن من عقد جمعيتها العمومية غير العادية، نظراً للإجراءات الاحترازية المتبعة، أو التعرف على المنظومة الإلكترونية الخاصة بذلك، واستيعاب كافة الإجراءات التنظيمية الواجب استيفاؤها».
وربط البيان الحكومي بين التعديل الأحدث على قانون العمل الأهلي، وإعلان الرئيس المصري للعام الحالي عاماً للمجتمع المدني، وقال إنه «انطلاقاً من حرص القيادة السياسية على دفع جهود مؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز التعاون بينها وبين مؤسسات الدولة، على النحو الذي يخدم أهداف المجتمع».
وأطلق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي: «استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان» يمتد تنفيذها لـ5 سنوات، وتشمل «محاور سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية»، وقال إنها تعبر عن «مفهوم شامل ورؤية مصرية» للقضايا الحقوقية.
وقبل أيام، عبَّر مدبولي، في تصريحات لقناة «بي بي سي» بالعربية، عن اعتقاده بأن «أغلب المؤسسات التي تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، تستقي تقاريرها من حالات فردية لا يمكن القياس عليها وتعميمها على الوضع العام في الدولة المصرية».
ورأى رئيس الوزراء المصري أنه «لا يمكن تطبيق المعايير نفسها التي يتم تطبيقها في دول العالم المتقدم بطرق معينة على جميع الدول الأخرى»، وفق تقديره.
على صعيد آخر، وخلال اجتماع الحكومة المصرية، أمس، شدد مدبولي على «ضرورة الاهتمام بالفعاليات الدولية المقبلة، وعلى رأسها (مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP 27) الذي تستضيفه مصر هذا العام»، منوهاً بـ«بدء التجهيزات من الآن، وخصوصاً فيما يرتبط باللوجستيات».
كما أشار رئيس الوزراء إلى اللقاء الذي جمعه بـألوك شارما، رئيس الدورة الـ26 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، وشهد اللقاء «التهنئة على نجاح مؤتمر (COP 26) وما أسفر عنه من نتائج إيجابية، مع بحث سبل التعاون في إطار استضافة مصر للدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف (COP 27)».
وأضاف مدبولي أن لقاءه بشارما تضمن «التأكيد على أهمية العلاقات المصرية البريطانية، والتعاون المستمر في كافة المجالات، وفي مقدمتها مواجهة تغير المناخ، والإشارة إلى ما تمثله الدورة المقبلة للمؤتمر من فرصة كبيرة للدول الأفريقية، لعرض مطالبها من أجل تعزيز قدرتها على وضع مستهدفات واضحة، للوفاء بالتزاماتها الوطنية للحد من الانبعاثات الضارة، إلى جانب التأكيد على أهمية توفير المساهمات المالية لهذه الدول، من أجل ضمان قدرتها على المساهمة بفاعلية في الحد من الانبعاثات الضارة، والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.