تركيا تعزز وجودها في الشرق الليبي... ودعم ألماني وبريطاني لـ{حكومة الوحدة»

ويليامز شددت في موسكو على الدور الحاسم للمجتمع الدولي

اجتماع رئيس مجلس النواب الليبي مع السفير التركي أمس للمرة الأولى (مجلس النواب الليبي)
اجتماع رئيس مجلس النواب الليبي مع السفير التركي أمس للمرة الأولى (مجلس النواب الليبي)
TT

تركيا تعزز وجودها في الشرق الليبي... ودعم ألماني وبريطاني لـ{حكومة الوحدة»

اجتماع رئيس مجلس النواب الليبي مع السفير التركي أمس للمرة الأولى (مجلس النواب الليبي)
اجتماع رئيس مجلس النواب الليبي مع السفير التركي أمس للمرة الأولى (مجلس النواب الليبي)

دخلت تركيا رسميا أمس مرحلة تطبيع العلاقات مع شرق ليبيا للمرة الأولى منذ سنوات، بينما تلقت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، دعما لافتا من بريطانيا وألمانيا، تزامنا مع تأكيد ستيفاني ويليامز المستشارة الأممية من روسيا التي تزورها حاليا على ما وصفته بالدور المهم للمجتمع الدولي لمساندة تطلعات الليبيين نحو السلام والاستقرار.
ووصل كنعان يلماز السفير التركي إلى مدينة القبة بالمنطقة الشرقية، لعقد أول اجتماع رسمي من نوعه مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، فيما يستعد حسين القطراني النائب الأول للدبيبة وممثل شرق البلاد في حكومة الوحدة، لزيارة تركيا نهاية الشهر الحالي.
وبينما لم يصدر أي تعليق رسمي من صالح عن أول لقاء له مع السفير التركي، قال القطراني في تصريحات له أمس إن زيارة السفير التركي للمنطقة الشرقية تستهدف إعادة فتح القنصلية التركية في بنغازي.
وكان وفد برئاسة فوزى النويرى النائب الأول لرئيس مجلس النواب زار تركيا مؤخرا في إطار تطبيع العلاقات بين الطرفين.
لكن اجتماع صالح بالسفير التركي أمس، يعتبر نقلة نوعية في هذه العلاقات، علما بأن الشرق الليبي ظل على الدوام معاديا لتركيا بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين واتفاقياتها العسكرية والأمنية المثيرة للجدل مع حكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج، بالإضافة إلى جلبها آلاف لمرتزقة السوريين للقتال إلى جانب قوات هذه الحكومة في الحملة العسكرية الفاشلة التي قادها المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني لتحرير طرابلس عام 2019.
بدوره، أشار الدبيبة لدى مشاركته أمس في الاجتماع الأول لمكاتب العمل والتأهيل من مختلف مناطق ليبيا لضرورة عمل وزارة العمل على حصر وضبط جميع الراغبين في العمل من العمالة الوافدة والتأكد من توفر الضوابط الصحية لديهم واحترامهم للقوانين.
وأرجع توجه المواطنين للعمل بالقطاع العام إلى تعطل التنمية طوال الـ15 عاما الأخيرة في ظل الحاجة للحصول على مصدر رزق مما أثقل كاهل الدولة، واعتبر أن الحل الرئيسي هو التنمية ومشاريعها لاستيعاب البطالة وتقليل الضغط الحاصل على كاهل القطاع العام.
وبعدما أكد الاستمرار في برنامج الحكومة التنموي مع تخصيص مبالغ مساوية لما تم تخصيصه العام الماضي، توقع الدبيبة أن تساهم عودة الشركات الأجنبية في استيعاب عدد لا بأس به وستوفر وظائف لليبيين شريطة التحلي بالانضباطية ليتم تحرير الاقتصاد.
وطبقا لما أعلنته نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة عبر سفيرا ألمانيا وبريطانيا لدى اجتماعها بشكل منفصل معهما مساء أول أمس، عن دعم بلديهما الكامل للحكومة والوزارة في جهودهما لتعزيز الاستقرار في كافة ربوع ليبيا.
وقالت المنقوش إن الاجتماعين ناقشا مستجدات الأوضاع في ليبيا، والتحديات التي تواجه العملية السياسية في البلاد، بالإضافة إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة مع البلدين في مختلف المجالات.
بدوره، أبلغ جوزيني غريمالدي سفير إيطاليا لدى ليبيا موسي الكوني نائب رئيس المجلس الرئاسي، ما سماه الدعم الكامل والمستمر من بلاده للمسار الانتخابي في ليبيا، وصولا إلى تحديد قريب لموعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
واعتبر الكوني أن غياب رئيس واحد تلتف حوله العملية السياسية، أثر سلبا على مجريات الأمور في البلاد، ونقل عن السفير الإيطالي اهتمام بلاده بدعم المشاريع الزراعية في الجنوب وحماية الحدود.
في المقابل، أعلن خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة لدى اجتماعه بأعضاء لجنة التواصل بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، لمناقشة حلحلة الأزمة القانونية التي تواجه الاستحقاق الانتخابي، الاتفاق على ضرورة استكمال المسار الدستوري بإجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور من قبل الشعب الليبي.
وقال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند أنه ناقش هاتفيا مع أحد أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي خالد الأسطى، دعم العملية الانتخابية وضرورة اتخاذ جميع الخطوات لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن مع الاستفادة من الديناميكيات الإيجابية المحلية والدولية للمضي قدما في العملية السياسية بما يضمن الاستقرار وقبول النتائج.
وأعرب نورلاند عن سعادته بسماع ما وصفه بنبرة التفاؤل والدعم لخريطة طريق متفق عليها لتوفير إطار دستوري للانتخابات.
من جهتها، قالت ستيفانى ويليامز المستشارة الأممية للشأن الليبي إنها ناقشت مساء أول من أمس مع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، مشاورات واسعة حول التحديات التي تواجه العملية الانتخابية وأهمية الحفاظ على الاستقرار في جميع أنحاء ليبيا، مشيرة إلى التأكيد على الدور المهم للمجتمع الدولي وعملية برلين لمساندة الليبيين في تحقيق تطلعاتهم نحو السلام والازدهار، من خلال عملية شاملة بقيادة وملكية ليبية، مع أهمية الحفاظ على الاستقرار في جميع ربوع ليبيا.
وتداول نشطاء ووسائل إعلام محلية صورا مُسربة لاجتماع ويليامز بأحد فنادق العاصمة الروسية موسكو، مع يفغيني بريغوجين مالك شركة فاغنر الروسية الخاضع لعقوبات أوروبية لتدخله في ليبيا.
لكن المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا نفى حدوث الاجتماع وقال في تصريحات له أمس، إنه ليس من مهمة ويليامز التي كلفها بها الأمين العام للمنظمة الدولية، لافتا إلى أن لقاء أي شخص لا يحمل صفة رسمية ليس من ضمن اهتماماتها.
إلى ذلك، أعلن العميد ميلود الزوي المتحدث باسم القوات الخاصة بالجيش الوطني عن الشروع في توزيع صكوك مرتبات عناصره عن الشهور الثلاثة الماضية، في إشارة إلى انتهاء أزمة منع حكومة الوحدة صرفها.
وأكد بيان لإدارة الحسابات العسكرية بالجيش، بدء تحويل مرتبات عناصره إلى المصارف ابتداء من أمس بعد وصول حوالة نقدية تتضمن قيمة المرتبات، لافتا إلى التزام قوات الجيش بالأوامر والاستمرار في الأعمال المكلفة بها دون تهاون أو خذلان.
وكان المشير حفتر القائد العام للجيش الوطني رفض الاستجابة لطلب حكومة الوحدة بإرسال بيانات عناصر الجيش وأرقامهم الوطنية والعسكرية، لتفادي تعرضهم للخطر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».