«أفريكوم»: جهد أكثر تلاحماً بين «القاعدة» و«داعش» يهدد حوض بحيرة تشاد

ناطقة باسم القيادة العسكرية الأميركية قالت لـ «الشرق الأوسط» إن «فاغنر صفقة سيئة»... ولا تدريبات مع السودان وتونس مهمة «استراتيجياً»

قائد «أفريكوم» الجنرال ستيفن تاونسند مصافحاً رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة وبجانبهما السفير ريتشارد نورلاند خلال زيارة القائد العسكري الأميركي لليبيا في سبتمبر الماضي (سفارة الولايات المتحدة في ليبيا)
قائد «أفريكوم» الجنرال ستيفن تاونسند مصافحاً رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة وبجانبهما السفير ريتشارد نورلاند خلال زيارة القائد العسكري الأميركي لليبيا في سبتمبر الماضي (سفارة الولايات المتحدة في ليبيا)
TT

«أفريكوم»: جهد أكثر تلاحماً بين «القاعدة» و«داعش» يهدد حوض بحيرة تشاد

قائد «أفريكوم» الجنرال ستيفن تاونسند مصافحاً رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة وبجانبهما السفير ريتشارد نورلاند خلال زيارة القائد العسكري الأميركي لليبيا في سبتمبر الماضي (سفارة الولايات المتحدة في ليبيا)
قائد «أفريكوم» الجنرال ستيفن تاونسند مصافحاً رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة وبجانبهما السفير ريتشارد نورلاند خلال زيارة القائد العسكري الأميركي لليبيا في سبتمبر الماضي (سفارة الولايات المتحدة في ليبيا)

بعد الانسحاب الأميركي، العام الماضي، من حربي الصومال وأفغانستان، اتجهت الأنظار إلى مسارح نزاعات أخرى حول العالم لمعرفة ما إذا كانت ستشهد بدورها انكفاءً أميركياً مماثلاً، مع ما يحمله مثل هذا السيناريو من مخاطر تهدد بسقوط أنظمة وتنامي نفوذ حركات متشددة. ساهم سحب القوات الأميركية من الصومال، مطلع عام 2021. في تصاعد هجمات «حركة الشباب»، فرع «القاعدة» في القرن الأفريقي، ضد قوات الحكومة الصومالية الضعيفة والتي تعاني صراعاً على السلطة بين قادتها أنفسهم. في أفغانستان، كانت الصورة أكثر وضوحاً وحسماً. انسحب الأميركيون، في أغسطس (آب)، فسقطت فوراً حكومة كابل وحلت محلها حركة «طالبان».
يمكن، بالطبع، أن يتكرر مثل هذا السيناريو في ساحات أخرى يقرر الأميركيون الانسحاب منها، بما في ذلك في القارة الأفريقية التي يشهد العديد من دولها نزاعات سياسية وحروباً أهلية. فماذا يقول الأميركيون عن انخراطهم الحالي في أزمات القارة السمراء؟ فهم منخرطون، عبر القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في جهود التصدي لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» في دول الساحل. منخرطون أيضاً في تحذير الأفارقة من «مخاطر» الاستعانة بمرتزقة مجموعة «فاغنر» الروسية التي باتت منتشرة اليوم في العديد من الدول الأفريقية، بما في ذلك مالي وليبيا. علاقتهم بالسودان، التي شهدت حرارة لافتة خلال عام 2020. بدا أنها تعاني برودة شديدة الآن في ظل الصراع بين مكوني الحكومة، العسكري والمدني. تونس أيضاً كانت خلال العام الماضي محوراً أساسياً للنشاط العسكري الأميركي في شمال أفريقيا، فهل تأثر هذا الانخراط بالصراع الدائر حالياً بين رئيس الجمهورية قيس سعيد وخصومه السياسيين؟
يحاول هذا التقرير أن يقدّم إجابات على تساؤلات حول دور أميركا أفريقياً، بناءً على حوار مع ناطقة باسم «أفريكوم»:
مالي
تقود فرنسا، تحديداً، جهود التصدي للمتشددين في مالي منذ عام 2012، لكنها لم تنجح في القضاء عليهم، رغم الدعم الذي تحصل عليه من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة. وما زاد الأمور تعقيداً في وجه الفرنسيين أن العسكريين الماليين نفذوا انقلاباً في باماكو وسيطروا على السلطة منذ عام 2020. وعلى رغم وعد العسكريين بتنظيم انتخابات تعيد الشرعية إلى سلطة منتخبة بحلول فبراير (شباط) المقبل، فإنهم تراجعوا عن ذلك أخيراً وأعلنوا البقاء في السلطة أربع سنوات أخرى. فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عقوبات على الحكم العسكري في مالي، وهي خطوة يُفترض أن تترافق مع خطوة أوروبية مماثلة هذا الشهر، لكن لا يبدو أن العسكريين يبالون كثيراً بهذه العقوبات التي تواجههم. فقد ردوا على تقليص الفرنسيين انخراطهم العسكري في جهود التصدي لـ«داعش» و«القاعدة» بإبرام اتفاقات مع الروس الذين سارعوا إلى إرسال مدربين من مجموعة «فاغنر» لتدريب القوات المالية.
وتقول ناطقة باسم «أفريكوم» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على علم بالتقارير التي تفيد بأن مالي قد تكون استأجرت خدمات المجموعة العسكرية الخاصة المدعومة من روسيا والتي تُعرف باسم (مجموعة فاغنر). وإذا أخذنا سجل (مجموعة فاغنر) في الاعتبار، فالواضح أن أي دور تلعبه قوات هذه المجموعة المدعومة من روسيا سيزيد على نحو أكبر، على الأرجح، سوء الأوضاع الدقيقة وغير المستقرة في مالي، وسيعقّد الرد الدولي الهادف لدعم الحكومة الانتقالية». وتابعت: «لقد جمدت وزارة الدفاع الأميركية التعاون الأمني والتدريب العسكري للقوات المسلحة المالية عقب الانقلاب في أغسطس (آب) 2020. ونحن نعمل على تشجيع استعادة الأمن والأمان للشعب المالي، وتشجيع حصول عملية انتقالية ناجحة نحو حكم شرعي ودستوري في مالي».
ورداً على سؤال عن الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة لقوة «تاكوبا» التي ستحل محل «قوة برخان» التي أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتهاء مهمتها في الربع الأول من السنة 2022، قالت مسؤولة «أفريكوم»: «تقدم الولايات المتحدة دعماً استخباراتياً، ولوجيستياً، وفي مجال النقل الجوي والتدريب، لمساعدة الفرنسيين والقوات الدولية الأخرى الشريكة في غرب أفريقيا بهدف تقليل قدرات المنظمات المتطرفة العنيفة في مالي على شن هجمات عنيفة، وبهدف تفكيك شبكات المنظمات المتطرفة وعرقلة نشاطها وهزيمتها. تتشارك الولايات المتحدة باستمرار مع شركائنا الفرنسيين في الأصول التي نملكها، مثل الإخلاء الطبي، الدعم اللوجيستي، المخابرات والمراقبة والاستطلاع، والدعم في عمليات التزود بالوقود جواً. لفرنسا وجود تاريخي في المنطقة، والولايات المتحدة تدعم الجهود الفرنسية هناك، إذ إن مصالحنا تتلاقى مع ما يقوم به الفرنسيون بالتصدي للتهديدات الإرهابية الخطيرة. لكننا لا نناقش علناً القدرات في شكل محدد، ولا العمليات أو النشاطات الداعمة لهذه المهمات».
نيجيريا
تعرّض تنظيما «داعش» و«القاعدة» لخسارتين قويتين في نيجيريا خلال العام الماضي. زعيم «بوكو حرام» الموالي لـ«القاعدة» أبو بكر شيكاو قُتل في مايو (أيار) عندما فجّر نفسه بعدما حاصره خصومه في تنظيم «داعش». لكن «داعش» لم يستفد كثيراً من هذه النكسة لخصومه. إذ إن زعيم هذا التنظيم (أبو مصعب البرناوي) قُتل بدوره في أكتوبر (تشرين الأول). وليس واضحاً تماماً اليوم كيف ستكون العلاقات في المستقبل بين هذين التنظيمين المتنافسين، وهل سيتواصل الصراع بينهما، أو أن هناك احتمالاً بأن يوحدا صفوفهما في مواجهة الحكومة النيجيرية، خصوصاً أنهما ينبعان إلى حدٍ كبير من تنظيم واحد هو «بوكو حرام».
«أفريكوم»، كما قالت الناطقة الأميركية، «على علم بالتقارير التي تزعم مقتل هذين الزعيمين (شيكاو والبرناوي). وعلى رغم أن الأمر قد يكون مقلقاً، فإنه من الصعب التكهن بكيفية قيام هاتين الجماعتين بتجميع صفوف مقاتليهما وقدراتهما في إطار جهد إرهابي أكثر تلاحماً. إن جهداً موحداً من قبل هاتين الجماعتين يمكن أن يزعزع في شكل دراماتيكي منطقة حوض بحيرة تشاد إذا لم يحصل تدخل جوهري ومنسق متعدد الجنسيات. إن الوضع المتطور في شرق منطقة الساحل، بالإضافة إلى التوسع المستمر لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (التابعة لـ«القاعدة») نحو غرب منطقة الساحل ووسطه، يجب أن يكون سبباً لقلق دولي متزايد. ليس هناك أي دولة قادرة بمفردها على حل المشاكل المرتبطة بالإرهاب. إننا نواصل مراقبة الوضع ونواصل دعم شركائنا الأفارقة والدوليين الذين يقاتلون في الخطوط الأمامية ضد التطرف العنيف».
ليبيا
كانت ليبيا خلال العامين الماضيين محور اهتمام لافت من قبل «أفريكوم» التي سلطت الضوء، عبر سلسلة بيانات، على مخاطر انتشار «مجموعة فاغنر» على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، ناشرة معلومات وصوراً تؤكد استقدام هذه المجموعة الروسية مقاتلات وأنظمة صاروخية إلى ليبيا. لكن اهتمام «أفريكوم» بليبيا بدا أنه تراجع في الشهور الماضية، ربما في ضوء الاتفاقات الخاصة بسحب المرتزقة المرتبطين بروسيا، في شرق البلاد، وتركيا، في غربها، رغم أن هذه الاتفاقات لم تُترجم على أرض الواقع حتى الآن (باستثناء سحب 300 من المرتزقة التشاديين من شرق ليبيا).
وتوضح الناطقة باسم «أفريكوم» أن دور القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا داعم حالياً للجهود الدبلوماسية التي يقودها السفير ريتشارد نورلاند. وتقول: «تواصل الولايات المتحدة دعم التطبيق الكامل لاتفاق وقف النار، بما في ذلك انسحاب كل القوات والمقاتلين الأجانب، وفق رغبات الشعب الليبي. تعتبر القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) أن الحل السياسي هو الطريق إلى الأمام في ليبيا. إننا ندعم الجهود الدبلوماسية لوزارة الخارجية الأميركية وسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بهدف ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بوصفها خطوة أساسية نحو قيام حكومة وطنية موحدة ومستقرة لديها انتداب من الناخبين الليبيين».
«مجموعة فاغنر»
كانت «مجموعة فاغنر» الروسية محور اهتمام لافت لـ«أفريكوم» في السنوات الماضية، إذ شدد الأميركيون، مراراً، على أن هذه المجموعة لا تأتي بخير للدول التي تستعين بها. ولا يبدو أن هذا الموقف قد تغيّر اليوم. فقد قالت الناطقة باسم «أفريكوم» في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجموعة فاغنر التي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات، تورطت في انتهاكات وعمليات تهدد السلام، والأمن، والاستقرار، والسيادة والوحدة الترابية للدول التي تعمل فيها. في هذه الأماكن، أذكت مجموعة فاغنر الصراعات، وزادت من انعدام الأمن والاستقرار، وتسببت في وفاة جنود ومواطنين محليين، وهددت السيادة الوطنية - وكل هذا في الوقت الذي تُنقص الخزينة الوطنية وتحرف وجهة الإمكانات الضرورية التي كان يمكن استخدامها لبناء قدرات القوات المسلحة لتلك الدول ذاتها (حيث تنشط المجموعة الأمنية الروسية). إن نشر قوات مجموعة فاغنر أثبت أنه قوة لزعزعة الاستقرار في ليبيا، جمهورية أفريقيا الوسطى، أوكرانيا وسوريا. فاغنر صفقة سيئة للجميع».
السودان
برز السودان، في شكل لافت، خلال العامين الماضيين، على الأجندة الأميركية. فقد زار مسؤولون عسكريون أميركيون، بينهم مسؤولة الاستخبارات في «أفريكوم»، الخرطوم حيث عُقدت اجتماعات مع قادة الجيش، وسط حديث عن تعاون عسكري وتدريبات ينخرط فيها الأميركيون، للمرة الأولى منذ الثمانينات، أي طوال فترة حكم الإسلاميين عقب الانقلاب الذي قاده الرئيس المعزول عمر البشير. وجاء التحرك الأميركي اللافت على خط الخرطوم في ظل مساعٍ روسية لاستخدام قاعدة لهم في بورتسودان، وهي خطوة يبدو أنها «تفرملت» حالياً. لكن الناطقة باسم «أفريكوم» استخدمت لغة بالغة الحذر في حديثها عن العلاقة مع السودانيين حالياً، وهو أمر من الواضح أنه يرتبط برفض الأميركيين للإجراءات التي اتخذها العسكريون في صراعهم مع المدنيين في السلطة الانتقالية الحالية. واكتفت مسؤولة «أفريكوم» بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا تقوم القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، حالياً، بأي تدريبات في السودان».
تونس
تونس، بدورها، كانت نقطة اهتمام لـ«أفريكوم» في شمال أفريقيا، في ظل زيارات وتمارين عسكرية بين الطرفين. لكن بعكس السودان، لا يبدو أن التوترات السياسية في البلاد، بين الرئيس قيس سعيّد ومعارضيه، قد تركت تأثيراً على نوعية العلاقة العسكرية الأميركية بتونس. فقد قالت الناطقة باسم «أفريكوم»: «انخراطنا العسكري مع تونس لم يطرأ عليه تغيير. الولايات المتحدة ملتزمة بدعم الشعب التونسي ودعم التطور الديمقراطي والاقتصادي في تونس، بالإضافة إلى التزام استمرار تعاوننا العسكري والأمني.
تقدّر قيادة (أفريكوم) مدى الأهمية الاستراتيجية لتونس ودورها في أمن الملاحة (في المتوسط). ونحن ننخرط مع تونس لتعزيز قدرات شركائنا على مواجهة التهديدات، ودعم جهود تونس كي تصبح مركزاً إقليمياً للتدريبات. تشارك تونس في تدريبات (أفريكوم) العسكرية المتعددة الجنسيات، وفي مهمات النقل الجوي، وتشترك معنا في الالتزام بالتقليل من تأثير المنظمات المتشددة العنيفة في المنطقة».



«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار يثير خيبة الدول النامية

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ، وذلك في ختام مؤتمر للأمم المتحدة سادته الفوضى في أذربيجان وخرجت منه الدول النامية بخيبة أمل.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

وأعرب الكيني علي محمد، متحدثاً باسم المجموعة الأفريقية، عن أسفه، لأن التمويل الموعود في مؤتمر «كوب 29» حتى عام 2035 «قليل جداً ومتأخر جداً وغامض جداً». أما نظيره من ملاوي إيفانز نجيوا الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه «غير طموح»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المندوبة الهندية شاندني راينا في مؤتمر «كوب 29» في باكو: «المبلغ المقترح ضئيل جداً. إنه مبلغ زهيد»، مشيرة إلى أن الرئاسة الأذربيجانية لم توفر لها فرصة التحدث قبل الموافقة النهائية على النص.

مخيب للآمال

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.

وكانت الدول الأكثر عرضة للتغير المناخي قد انسحبت، في وقت سابق السبت، من المشاورات مع رئاسة أذربيجان للمؤتمر، احتجاجاً على مسودة اتفاق لا تفي بمطالبها للحصول على مساعدات مالية.

وأعلن سيدريك شوستر من ساموا باسم مجموعة الدول الجزرية (Aosis) برفقة ممثل أفقر 45 دولة في العالم: «لقد غادرنا (...). نعدّ أنه لم يتم الإصغاء إلينا».

أجواء مثقلة

وبعد أكثر من 24 ساعة من التأخير، بدأت الجلسة الختامية لمؤتمر الأطراف «كوب 29»، مساء السبت، بينما دعا رئيس المؤتمر مختار بابايف، الدول إلى تخطي «انقساماتها».

وحاولت مسودة الاتفاق التوفيق بين مطالب الدول المتقدمة، لا سيما الاتحاد الأوروبي، ومطالب الدول النامية التي تحتاج إلى مزيد من الأموال للتكيف مع مناخ أكثر تدميراً.

ودعت أكثر من 350 منظمة غير حكومية، الدول النامية صباح السبت، للانسحاب من المفاوضات، قائلة إن عدم التوصل إلى اتفاق خير من التوصل إلى اتفاق سيئ.

وهي استراتيجية تتناقض مع الرسالة الطارئة التي وجهها كثير من البلدان النامية. وشدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي لديه أولويات أخرى لمؤتمر الأطراف الثلاثين في بيليم العام المقبل، على «عدم تأجيل» مهمة باكو حتى عام 2025.

وقال الوزير الآيرلندي إيمون ريان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا أن نعطي الأمل للعالم، وأن نثبت أن التعددية ناجحة».

وانتقد مفاوضون ومنظمات غير حكومية تنظيم أذربيجان للمؤتمر التي لم يسبق لها أن أشرفت على حدث العالمي كهذا.

وانعقد مؤتمر الأطراف في أجواء مثقلة. فقد هاجم الرئيس إلهام علييف فرنسا، حليف عدوه أرمينيا، واستدعى البلدان سفيريهما. وقال برلمانيان أميركيان إنهما تعرضا لمضايقات في باكو. وتم اعتقال كثير من نشطاء البيئة الأذربيجانيين.

قواعد تداول أرصدة الكربون

توازياً اعتمد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)، السبت، قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشروعات خضراء داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري في دول أفريقيا وآسيا.

ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو، مساء السبت، وقوبل بالتصفيق، بعد سنوات من الجدل الحاد حول تداول أرصدة الكربون للحد من الانبعاثات.

وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وقرار السبت يجعله ساري المفعول. وتعول البلدان النامية في أفريقيا وآسيا بشكل كبير على هذا الإجراء للحصول على تمويل دولي.

ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على تدعيم مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار، أو الاستبدال بالمركبات العاملة بالوقود، أخرى كهربائية، أو الحد من استخدام الفحم. ويحسب هذا الخفض في الانبعاثات في البصمة الكربونية للدول الممولة للمشروعات.

واستباقاً للضوء الأخضر الذي كان متوقعاً في باكو، تم التوقيع على 91 اتفاقاً ثنائياً، معظمها من اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، لـ141 مشروعاً رائداً، وفق حصيلة وضعتها الأمم المتحدة حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني).