إسرائيل ترفض التعاون مع تركيا شرق المتوسط على حساب اليونان وقبرص

TT

إسرائيل ترفض التعاون مع تركيا شرق المتوسط على حساب اليونان وقبرص

اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن غاز شرق البحر المتوسط لا يمكن أن يمر إلى أوروبا إلا عن طريق بلاده، مؤكداً وجود محادثات مع إسرائيل في هذا الشأن، لكن مكتب الرئيس الإسرائيلي رد بأن إسرائيل لن تتعاون مع تركيا على حساب اليونان وقبرص.
جاء ذلك بعد أن تحدث إردوغان، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد ليل الثلاثاء/ الأربعاء، عن احتمال التعاون مع إسرائيل في شرق المتوسط، قائلاً إنهم يهدفون إلى إحراز تقدم عبر مقاربات إيجابية وإن أنقرة ستبذل ما بوسعها إذا كان هذا الأمر قائماً على أساس الربح المتبادل. وأضاف إردوغان: «نجري اتصالات مع الرئيس الإسرائيلي، ورئيس الوزراء، كما استقبلت مؤخراً أعضاء من تحالف الحاخامات في الدول الإسلامية في أنقرة، فالسياسة ليست معركة... موقف تركيا حيال الأوضاع في شرق المتوسط ثابت ولم يتغير، وأنشطتنا في هذه المنطقة تسير وفقاً للاتفاقيات التي أبرمتها أنقرة مع ليبيا». وتابع إردوغان: «اشترينا 4 سفن تنقيب واثنتين للأبحاث الزلزالية للعمل في البحرين الأسود والمتوسط»، مضيفاً أن ضخ الغاز الطبيعي من حقول شرق المتوسط إلى أوروبا لا يمكن أن يتم إلا عبر الأراضي التركية.
وتطرق إلى وقف الولايات المتحدة دعمها لمشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر اليونان وقبرص (إيست ميد)، قائلاً إن هذا المشروع لم يكن قابلاً للتنفيذ، لقد أجروا جميع الحسابات المالية له، ورأوا أنه لا يوجد شيء إيجابي فيه.
وأضاف إردوغان أن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن تنجح بمعزل عن تركيا، وأن عملية نقل الغاز الطبيعي من شرق المتوسط إلى أوروبا، لا يتم إلا عبر تركيا، لافتاً إلى أن وزير الطاقة التركي الأسبق برات البيراق كان قد تحدث مع نظيره الإسرائيلي في هذا الشأن، وحينها كانت لدينا الفرصة لتنفيذ هذا الأمر مع إسرائيل، لكن الظروف حالت دون هذه الخطوة.
وأشار الرئيس التركي إلى إمكانية الحديث مع إسرائيل مجدداً في مسألة نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، قائلاً إن الجانب الإسرائيلي، على مستوى الرئيس ورئيس الوزراء، يبعثون برسائل إلى تركيا في هذا الشأن. لكن مكتب الرئيس الإسرائيلي رد ببيان قال فيه إن إسرائيل لن تتعاون مع تركيا على حساب اليونان وقبرص.
في شأن آخر، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن بلاده على استعداد للقيام بأي دور لخفض حدة التوتر في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا. وأكد كالين، خلال مشاركته عبر اتصال مرئي في ندوة لمؤسسة «سيركل فاونديشن» البريطانية حول التبعات المحتملة للتوتر الروسي الأوكراني على أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن تركيا لا تدعم أي عمل عسكري روسي ضد أوكرانيا أو أي صراع وحرب بين البلدين، مشدداً على دعم بلاده الكامل لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الاجتماعية، وأنها لا ترغب في اندلاع حرب جديدة، إذ إن العالم شهد حروباً عديدة مؤخراً مثل العراق وسوريا، داعياً روسيا وأوكرانيا للتهدئة.
وكشف كالين عن أن إردوغان تحدث مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فلاديمير زيلينسكي من أجل كيفية إيجاد مخرج للأزمة الراهنة، ودعاهما للاجتماع في تركيا للتباحث حول سبل الحل، مشيراً إلى أن الرئيس التركي سيجري زيارة رسمية إلى أوكرانيا خلال الأسابيع القليلة المقبلة للقاء زيلينسكي، وأن هناك حاجة ماسة للحوار البناء أكثر من أي وقت مضى من أجل الخروج من الأزمة الحالية. وكان إردوغان استبعد، في تصريحات لصحافيين رافقوه أول من أمس في رحلة عودته من زيارة إلى ألبانيا، احتمالية إقدام روسيا على غزو أوكرانيا، مؤكداً أنه لا يرى ذلك مقاربة واقعية، وأنه «لكي تتخذ موسكو هذه الخطوة، عليها أن تعيد النظر في وضعها ووضع العالم بأسره»، مشيراً إلى زيارة نظيره الأذربيجاني إلهام علييف لأوكرانيا، وأنه سيجري محادثة معه بهذا الشأن.
وأضاف: «ينبغي أيضاً أن نطرح هذه القضايا على الطاولة ونبحثها مع الرئيس بوتين، لأن هذه المناطق لم تعد تتحمل الحرب، ولا يمكن أن تكون صواباً». وعلق المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، على اقتراح إردوغان جمع الرئيسين فلاديمير بوتين والأوكراني فلاديمير زيلينسكي على طاولة واحدة في أنقرة، قائلاً، في تصريحات أمس، إن الكرملين «يرحب بجهود أي دولة بإمكانها المساعدة في تسوية الوضع في أوكرانيا». وأضاف بيسكوف أن الخلاف الرئيسي بين روسيا وأوكرانيا يتعلق بتعطيل الأخيرة تنفيذ اتفاقيات مينسك، معرباً عن أن أمل بلاده في تلقي رد مكتوب من واشنطن والناتو، خلال الأيام المقبلة، على الضمانات الأمنية المقترحة. وتابع: «إذا كان بوسع شركائنا الأتراك التأثير على الأوكرانيين ودفعهم للوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاقيات مينسك، فلا يمكن إلا الترحيب بهذا الأمر».



مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: تعويض خسائر قناة السويس عبر تنويع خدماتها

عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)
عبور الحوض العائم «دورادو» الجمعة الماضي كأكبر وحدة عائمة تعبر قناة السويس في تاريخها (هيئة قناة السويس)

تتّجه قناة السويس المصرية إلى «تنويع مصادر دخلها»، عبر التوسع في تقديم الخدمات الملاحية والبحرية للسفن المارّة بالمجرى الملاحي، في محاولة لتعويض خسائرها الناتجة عن تراجع حركة السفن التجارية، بسبب توتّرات البحر الأحمر.

وأعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، الاثنين، عن «استراتيجية لتحويل القناة إلى منصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية»، في خطوة وصفها خبراء بالمهمة لتعويض التراجع في إيرادات القناة.

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت بعض شركات الشحن العالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفنَ المارّة بالممرّ الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال 8 أشهر».

وتحدّث رئيس هيئة قناة السويس عن خطة لتوسيع خدمات القناة الملاحية والبحرية، خلال اجتماع مع وزير المالية المصري أحمد كجوك، الاثنين، لمناقشة موارد القناة المالية.

وقال ربيع إن «القناة تسعى لتنويع مصادر دخلها، وعدم الاقتصار على رسوم عبور السفن فقط»، مشيراً إلى أن الخطة تتضمن «تحويل القناة لمنصة إقليمية لتقديم الخدمات اللوجيستية، وتعزيز التوجه الوطني لتوطين الصناعات البحرية، بتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص».

وأوضح ربيع أن «قناة السويس حقّقَت تقدماً في دعم شركاتها العاملة بمجال خدمات صيانة وإصلاح السفن، وتقديم الخدمات البحرية»، وأشار إلى شركات حديثة للهيئة، منها «شركة تنمية الموانئ، وأخرى مختصة بصناعة اليخوت البحرية».

الفريق أسامة ربيع يبحث مع وزير المالية المصري استراتيجية تنمية إيرادات القناة (هيئة قناة السويس)

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت أعداد السفن المارّة من 25887 سفينة خلال العام المالي الماضي (2022 - 2023)، إلى 20148 سفينة خلال العام المالي الحالي (2023 - 2024).

وباعتقاد مستشار النقل البحري المصري أحمد الشامي، فإن تنويع خدمات قناة السويس الملاحية «سيجذب شركات الشحن العالمية للعبور من القناة مرة أخرى»، مشيراً إلى أن «القناة بدأت في تحديث خدماتها بالمشاركة مع شركات عالمية في هذا المجال، ما سيُسهم في زيادة الموارد».

وأشاد الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، باستمرار إدارة القناة في مخطط التطوير، وتنفيذ أعمال الازدواج الكامل للمجرى الملاحي، مشيراً إلى أن ذلك «يعزّز قدراتها في استيعاب كبرى الناقلات العالمية».

وشهدت قناة السويس، الجمعة الماضي، مرور الحوض العائم «دورادو» القادم من سنغافورة إلى تركيا، كأكبر وحدة عائمة تعبر القناة في تاريخها، حسب إفادة من القناة.

ودعا مستشار النقل البحري المصري إلى توسيع قناة السويس لشراكاتها الملاحية مع دول الجوار، وقال: «يمكن التوسع في خدمات القناة، بالتعاون عبر وسائط متعدّدة تشمل دولاً أخرى في المنطقة العربية، وفي منطقة الشرق الأوسط، مثل قبرص واليونان»، مشيراً إلى أن «التكامل مع هذه الدول سيُسهم في زيادة موارد الملاحة بقناة السويس، وأيضاً الموانئ البحرية المصرية».

وفي سبتمبر الماضي، بحث رئيس هيئة قناة السويس مع رئيس الهيئة العامة للنقل السعودي، رميح بن محمد رميح، «تعزيز التعاون في مجال تقديم الخدمات اللوجيستية والسياحة البحرية»، مشيراً إلى أن «القناة اتخذت إجراءات للتعامل بمرونة مع تحديات الملاحة في البحر الأحمر، منها استحداث حزمة جديدة من الخدمات الملاحية لم تكن تُقدَّم من قبل، كخدمات القَطْر والإنقاذ وصيانة وإصلاح السفن، ومكافحة التلوث والانسكاب البترولي، وخدمات الإسعاف البحري، وغيرها».

وبمنظور الخبير الاقتصادي المصري، وليد جاب الله، فإن «قناة السويس تمر بمرحلة صمود، في ضوء تأثرها بالأوضاع الإقليمية»، وقال إن «إدارة القناة تبحث عن بدائل لمواردها غير رسوم عبور السفن، من أجل تجاوز تلك المرحلة، عن طريق تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في الخدمات التي تقدّمها».

وعدّ جاب الله، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «توسّع القناة في تنوّع مصادر دخلها، هدف قائم منذ فترة وتسعى لتحقيقه، من خلال مشروع المنطقة الاقتصادية، لاستثمار موانئ وأراضي المنطقة»، مشيراً إلى أن «نجاح تلك الإجراءات مرهون بزيادة أعداد السفن العابرة للقناة»، وتوقّع في نفس الوقت انفراجة في أزمة حركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر، العام المقبل، مع تولّي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مهامه رسمياً، وتنفيذ تعهّده بإنهاء التصعيد والصراعات العالمية، ومنها التوتر في البحر الأحمر.