«حزب الله» يتصالح مع جمهوره بإفراجه عن مجلس الوزراء

TT

«حزب الله» يتصالح مع جمهوره بإفراجه عن مجلس الوزراء

تعددت القراءات للدوافع التي أملت على «الثنائي الشيعي» إنهاء مقاطعته لجلسات مجلس الوزراء، وإن كانت مشروطة بإقرار الموازنة وخطة التعافي المالي ومواضيع مرتبطة بتحسين الوضع المعيشي للبنانيين، من دون أن تلتقي مع كل ما يروج بأن قراره يأتي استباقاً للتوقعات أن المنطقة مقبلة على مرحلة من الاسترخاء السياسي نتيجة «التقدم» الحاصل في مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني.
ومع أن «حزب الله» يحاول أن يعفي نفسه من تعطيل جلسات مجلس الوزراء ويرمي المسؤولية على حليفه الاستراتيجي حركة «أمل» بذريعة اضطراره للوقوف إلى جانب الرئيس نبيه بري المجلس النيابي في تعاطيه مع ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، فإن استقواءه على حليفه ليس في محله، لأن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله هو من بادر إلى رفع السقف بمطالبته بـ«قبع» المحقق العدلي القاضي طارق البيطار كشرط لعودة «الثنائي الشيعي» عن قراره بمقاطعة الجلسات، خصوصاً أن الرئيس بري حصر موقفه بضرورة الفصل بين صلاحية القاضي البيطار وبين صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
لذلك فإن عودة «الثنائي» عن قرار مقاطعة الجلسات لا يمت بصلة إلى المفاوضات، وإنما يعود إلى الوضع المأساوي الذي يرزح تحت وطأته السواد الأعظم من اللبنانيين.
ويقول مراقب سياسي للأجواء داخل جمهور «الثنائي الشيعي» بعد عودته عن قرار المقاطعة إن «حزب الله» كان في غنى عن تبرئة نفسه من التداعيات المترتبة على تعطيل مجلس الوزراء ورمي المسؤولية على حركة «أمل»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه كانت للحزب اليد الطولى في الإعداد لصفقة المقايضة بين الإفراج عن الجلسات في مقابل حصر محاكمة الوزراء والرؤساء أمام المجلس الأعلى التي أسقطها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ويكشف المراقب نفسه أن تحميل الرئيس بري مسؤولية مقاطعة الجلسات فتح الباب أمام سجال صامت بين الحليفين الشيعيين، مع أن عودتهما عن المقاطعة جاءت تتويجاً لمزاج جمهور الثنائي الشيعي الذي لم يجد مبرراً لموقفه ويتعارض مع الأجواء بداخل بيئته الحاضنة خصوصا المودعين والموظفين في القطاع العام والمتقاعدين والمياومين وأصحاب المهن الحرة والعاملين فيها ممن لا يتقاضون رواتب شهرية من «حزب الله» ولا يستفيدون من الخدمات التي تقدمها المؤسسات التابعة له، وهؤلاء جميعاً شكلوا ضغطاً على الحزب ما اضطره لتبديل موقفه.
ويلفت إلى أن عودة «الثنائي الشيعي» عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء هو تصحيح للخطأ الذي أوقع نفسه فيه لتدارك أخذ البلد إلى انفجار اجتماعي ولو جاء متأخراً لئلا يتحمل المسؤولية الكبرى حيال انهياره، ويؤكد أن الحزب سيتحمل القسط الأكبر من المسؤولية بعد أن أصبح مكشوفاً ولا يجد من يدافع عنه من حلفائه بعد أن قرر «التيار الوطني الحر» الالتحاق بركب معارضي الحزب.
ويرى المراقب نفسه أن الحزب وجد نفسه محشوراً ليس من قبل خصومه فحسب، وإنما من حلفائه مع اشتداد الحملات عليه بقيادة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، مع أن الفريق السياسي المحسوب على حليفه بدأ يتجاوز الخطوط الحمر بتسليط الأضواء على الاستراتيجية الدفاعية بخلاف ما نصت عليه ورقة التفاهم بين نصر الله والعماد ميشال عون في فبراير (شباط) 2006.
ويضيف أن باسيل لا يدعو إلى إعادة النظر بورقة التفاهم بمعزل عن رئيس الجمهورية الذي لا يغض الطرف عن استهداف الحزب فحسب، وإنما يتزعم الحملة تحت ستار دعوته لانعقاد مجلس الوزراء من دون أن يميز بين حليفه «حزب الله» وخصمه الرئيس بري، الذي يعترض على إدراج بند التعيينات الإدارية على جدول أعمال الحكومة، وهذا ما يجدد الاشتباك السياسي بينهما، وإن كان الرئيس ميقاتي باعتباره المستفيد الأول من فك أسر الحكومة، ليس في وارد الوقوف على الحياد.
ويؤكد أن ميقاتي سيوصد الأبواب في وجه من يحاول إقحام الحكومة في اشتباك يؤدي إلى انفجارها من الداخل على خلفية طرح التعيينات من خارج جدول الأعمال التي سيعارضها بشدة لمنع تحويلها إلى محاصصات انتخابية.
وعليه، فإن قرار الثنائي الشيعي يصب في إصراره على التصالح مع بيئته من جهة، وفي تمرير رسالة لجمهوره بأنه لن يقف ضد المحاولات الهادفة إلى إنقاذ البلد، وإن كانت إيران ستحاول توظيف عودته عن المقاطعة في المفاوضات النووية، مع أن دوافع العودة محض لبنانية كخطوة استباقية لرفع مسؤولية «الثنائي» حيال انهيار البلد.
لذلك لم يكن من خيار أمام «الثنائي الشيعي» وتحديداً «حزب الله» سوى العودة عن شروطه على أمل أن تستعيد علاقته بباسيل عافيتها بعد أن «تمرد» على حليفه لحسابات انتخابية تتعلق بشارعه من دون أن يذهب بعيداً بإعلان طلاقه مع الحزب لأنه يحتاج إليه انتخابياً.
ويبقى التريث في مواكبة التحضيرات التي يقوم بها ميقاتي لوضع البلد على سكة الإنقاذ بدعم دولي، فيما استدرك «حزب الله» ولو متأخراً أن تعطيله للحكومة سيرتد سلباً على فائض القوة الذي يتمتع به إذا ما تفلت الوضع نحو الانفجار الشامل.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.