«الميتافيرس» يساعد على استنساخ التجربة البشرية في مكاتب العمل

«الميتافيرس» يساعد على استنساخ  التجربة البشرية في مكاتب العمل
TT

«الميتافيرس» يساعد على استنساخ التجربة البشرية في مكاتب العمل

«الميتافيرس» يساعد على استنساخ  التجربة البشرية في مكاتب العمل

عندما أجبرت الجائحة ملايين المجموعات على العمل عن بُعد، ساعدت أدوات كـ«دروب بوكس» و«زوم» و«سلاك»، و«جيرا» التابعة لـ«أتلاسيان» و«كونفلوينس» على تحقيق هذا الانتقال بين ليلة وضحاها. ولكنّ هذا التحوّل كان سريعاً وبدأنا الآن برؤية الفجوات الكامنة في أساسه. لهذا السبب، يرى الخبراء أنّ الخطوة التالية في هذا المجال يجب أن تكون استنساخ التفاعلات والعلاقات البشرية التي نعيشها في عالمنا الحقيقي لنقلها إلى العالم الرقمي، والفرصة الكبرى هنا ستكون من نصيب الميتافيرس.
لقاءات افتراضية
كلّ يوم، ينضمّ أناس جدد لم نلتقِهم قبلاً إلى مجموعات العمل، وكلّ ما نعرفه عنهم هي الصورة التي نراها في الملف الشخصي والخلفية التي يضعونها في حسابهم على منصّة «زوم»، لذا نشعر أنّ الأمر عقيم وقسري إلى حدٍّ ما. لا تعرف هذه المجموعات محادثات الصدفة داخل مكاتب العمل الحقيقية التي تنشأ في استراحة الغداء، ولا لقاءات المقاهي وأحاديث الحياة خارج العمل. وقد تساعد أدوات المحادثة بعض الشيء، ولكن كيف يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يتحوّلوا من زملاء عمل إلى رفاق حقيقيين في مجموعة واحدة وهم لا يعرفون مع من يعملون؟
قبل الجائحة، اعتاد أفراد مجموعتنا، الذين يتجاوز عددهم المائة، اللقاء سنوياً في منتجعٍ ما وكانوا يُمضون معظم هذا اللقاء في الحديث واللعب والتعرّف بعضهم على بعض. صحيحٌ أنّنا لطالما كنّا من مناصري العمل عن بُعد، ولكنّ هذا اللقاء السنوي كان جوهرياً للثقة التي نتبادلها والصداقة التي تنعم بها مجموعتنا.
في البداية، استخدمنا تطبيق «زوم» لضمّ أشخاص عشوائيين إلى المجموعة ومحاولة استنساخ طاولة الغداء التي كانت تجمعنا، ولكنّ المحاولة باءت بالفشل كأنّها مقهى بلا مشروبات أو موسيقى. لهذا السبب، بدأنا باستخدام نظارات الواقع الافتراضي لممارسة الغولف المصغّر ولعب الورق بصيغتيهما الإلكترونية، وساهمت بعض العناصر كالصوت المكاني والطبيعة الثلاثية الأبعاد التي يتميّز بها الميتافيرس في إغناء هذه التجربة. عندما أصبحت هذه اللقاءات الافتراضية أسبوعية، أسهمت في ترسيخ علاقتنا وفي تأسيس رابطٍ قوي مع أعضاء جدد في الفريق لم نلتقِهم وجهاً لوجه.
تلعب هذه اللقاءات الترفيهية دوراً مهماً جداً في العمل عن بُعد لأنّها تسهّل بناء الثقة وإنشاء الصداقة التي يعتمد عليها الفريق طوال العام. ويعد الميتافيرس أيضاً خياراً بديلاً ومؤثراً لأفراد المجموعات الذين لا يستطيعون الاجتماع وجهاً لوجه بالوتيرة التي قد يرغبون بها.
لا توجد طريقة مناسبة طبعاً لإقناعكم بأنّ هذه الطريقة توازي في مرحها الرحلات التي اعتدنا تنظيمها في السنوات الماضية، ولكنّ لقاءاتنا عبر الواقع الافتراضي ودورة الغولف المصغّر الافتراضية ساعدانا كثيراً في تعزيز روابطنا كفريق. وبعد النجاح الذي حققه فريقنا المصغّر، استضافت شركتنا حفلة رقمية عالمية في ميتافيرس خاص بنا عبر منصة «ماينكرافت». وفي جهودنا هذه، نحرص طبعاً على الحفاظ على انتقائية نشاطاتنا الإلكترونية وعلى تنوّع تنظيماتها –من دروس الطهي إلى الألعاب والنشاطات التطوّعية– لنوفّر فرصة للجميع.
تطبيقات «طبيعية» للعمل
بدورها، تحتوي نظارات «أكيولوس» على تطبيق يتيح لكم العمل عبر كومبيوتركم الحقيقي ومن على مكتبكم في المنزل ولكن مع شعورٍ كأنّكم تجلسون إلى جانب زملائكم في غرفة افتراضية. في أثناء العمل، يتيح لكم التطبيق تحريك رأسكم والالتفات إلى زميل لتطلبوا منه الاطلاع على نتائج عملكم. لا يزال هذا التطبيق في مرحلة «البرنامج التجريبي» طبعاً ولكنّه يبشّر دون شكّ بمرحلة قادمة تحمل معها حلولاً تقنية كثيرة تهدف إلى تقريبنا من الصداقة والعفوية اللتين كنّا نستمتع بهما خلال العمل في العالم الحقيقي. وإذا بدأت هذه المزايا بالانتقال إلى أدوات غير مشمولة بالواقع الافتراضي (كتطبيق «زوم» عبر إضافة المزيد من خصائص الفيديو الثلاثي الأبعاد أو استخدام ميكروفونات الستيريو)، لا شكّ أنّ الواقع الافتراضي سيلعب الدور الأكبر في تذليل العقبات الأخرى التي تَحول دون إضفاء الشخصنة على حياة العمل عن بُعد.
في حال قررتم تجربة الواقع الافتراضي في مجموعتكم، تأكّدوا من تجهيز جميع الأفرقاء بأدوات رأسية مريحة، ويمكنكم الاستعانة بعصبات رأس عالية الجودة وأقنعة سيليكونية للوجه لأنّها تساعد في تحسين التجربة بشكلٍ كبير. يمكنكم البدء بتنظيم نشاطات قصيرة لساعة واحدة لأنّ الاعتياد على الميتافيرس قد يحتاج إلى بعض الوقت. ويمكنكم أيضاً أن تجرّبوا طاولة غداء افتراضية لتعريف النّاس إلى الفكرة الجديدة عبر دعوة الموظفين إلى تناول الغداء عبر «زوم» ومن ثمّ الانتقال إلى لعبة غولف مصغّرة افتراضية. وما إن يتعوّد أعضاء الفريق على إكسسوارات الرأس ويشعروا بمكاسب هذه التجربة، سيبادرون على الأرجح إلى تنظيم المزيد من النشاطات التي تجمعهم معاً –وهذا ما فعلناه نحن.
وتذكّروا دائماً أنّ شعور فريق العمل بأنّهم فريق حقاً هو المفتاح الأساسي للنجاح. لا تتجاهلوا فرصة منحهم مساحة خاصة لتعزيز روابطهم والاستمتاع معاً لأنّ هذه الخطوة من شأنها أن تزيد قوّة الشركة وإبداعها وصمودها. لحسن الحظ، قد يستطيع الناس العودة مجدداً إلى العطلات الحقيقية، ولكنّ في المرحلة الحالية، سيساعدكم ميتافيرس على التقارب أكثر مما تتخيّلون.
* الشريك المؤسس ومدير تطبيق «تريلّو» في شركة «أتلاسيان»، «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
TT

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأربعاء تحديثات لنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، «أبل إنتلدجنس»، الذي يدمج وظائف من «تشات جي بي تي» في تطبيقاتها، بما في ذلك المساعد الصوتي «سيري»، في هواتف «آيفون».

وستُتاح لمستخدمي هواتف «أبل» الذكية وأجهزتها اللوحية الحديثة، أدوات جديدة لإنشاء رموز تعبيرية مشابهة لصورهم أو تحسين طريقة كتابتهم للرسائل مثلاً.

أما مَن يملكون هواتف «آيفون 16»، فسيتمكنون من توجيه كاميرا أجهزتهم نحو الأماكن المحيطة بهم، وطرح أسئلة على الهاتف مرتبطة بها.

وكانت «أبل» كشفت عن «أبل إنتلدجنس» في يونيو (حزيران)، وبدأت راهناً نشره بعد عامين من إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامجها القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، «تشات جي بي تي».

وفي تغيير ملحوظ لـ«أبل» الملتزمة جداً خصوصية البيانات، تعاونت الشركة الأميركية مع «أوبن إيه آي» لدمج «تشات جي بي تي» في وظائف معينة، وفي مساعدها «سيري».

وبات بإمكان مستخدمي الأجهزة الوصول إلى نموذج الذكاء الاصطناعي من دون مغادرة نظام «أبل».

وترغب المجموعة الأميركية في تدارك تأخرها عن جيرانها في «سيليكون فالي» بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعن شركات أخرى مصنّعة للهواتف الذكية مثل «سامسونغ» و«غوغل» اللتين سبق لهما أن دمجا وظائف ذكاء اصطناعي مماثلة في هواتفهما الجوالة التي تعمل بنظام «أندرويد».

وتطرح «أبل» في مرحلة أولى تحديثاتها في 6 دول ناطقة باللغة الإنجليزية، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة.

وتعتزم الشركة إضافة التحديثات بـ11 لغة أخرى على مدار العام المقبل.