فلسطيني في الشيخ جراح يحمي منزله بـ«النار»

إسرائيل ترجئ إخلاءه بعدما تحصن داخله وهدّد بحرق المكان

سكان منزل في حي الشيخ جراح مطلوب إخلاؤه يعتلون سطحه مهددين بحرق أنفسهم بعبوات وقود أمس (أ.ب)
سكان منزل في حي الشيخ جراح مطلوب إخلاؤه يعتلون سطحه مهددين بحرق أنفسهم بعبوات وقود أمس (أ.ب)
TT

فلسطيني في الشيخ جراح يحمي منزله بـ«النار»

سكان منزل في حي الشيخ جراح مطلوب إخلاؤه يعتلون سطحه مهددين بحرق أنفسهم بعبوات وقود أمس (أ.ب)
سكان منزل في حي الشيخ جراح مطلوب إخلاؤه يعتلون سطحه مهددين بحرق أنفسهم بعبوات وقود أمس (أ.ب)

أرجأت إسرائيل إخلاء منزل عائلة فلسطينية في حي الشيخ جراح في القدس، بعد مواجهات مع صاحب المنزل الذي تحصّن بـ«النار»، ومتضامنين هبوا للدفاع عن العائلة التي فقدت، أمس، الجزء الأكبر من أرضها المحاذية للمنزل.
وكانت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، قد حاصرت منزل محمود صالحية من أجل إخلائه، تنفيذاً لقرار من بلدية القدس بمصادرة الأرض التي يوجد عليها منزل العائلة لـ«الصالح العام»، بهدف إقامة مدارس ومراكز تعليمية وغيرها، وذلك بحسب قرار من محكمة إسرائيلية قبل 3 سنوات، لكنها دخلت في مواجهة مع صاحب المنزل الذي تحصّن فوق سطحه مهدداً بإحراق نفسه والمنزل قبل إخلائه.
وقال محمود وهو يحمل غالون وقود ويقف بين عبوات غاز نشرها على سطح منزله: «سأحرق نفسي والبيت إذا اقتربوا... لن نرحل من جديد، ولن يتكرر مشهد تهجير عائلتي من قرية عين كارم». وأضاف: «إذا طلعنا من هون بس على المقبرة، ما رح نطلع من بيوتنا خلينا نموت فيها (...)، بكفي ذل. تشردنا مرة من عين كارم وما رح نتشرد مرة أخرى... إذا أخذوا بيوتنا ما بوخذوها إلا نار».
وتختصر حكاية صالحية، نضالاً طويلاً في حي الشيخ جراح ضد شبح التهجير الذي يطول عائلات عدة هناك. ويتألف عقار صالحية من منزلين ومنشأة تجارية وقطعة أرض تبلغ مساحتها 6 دونمات، تقع قرب أرض كرم المفتي التي جرت مصادرتها لإقامة «حديقة توراتية» تخدم المستوطنين.
وقبل أن تتحصن العائلة داخل المنزل، هدمت الآليات الإسرائيلية، مشتلاً يعود للعائلة في نفس الأرض، ما فجّر مواجهات في المكان. واعتدت قوات الاحتلال على متظاهرين ومتضامنين، واعتقلت شابين من المكان، ما خلف توتراً شديداً. وهبّ مقدسيون من أجل الدفاع عن عائلة صالحية بعد مناشدات فلسطينية رسمية وشعبية.
وقالت حركة «فتح» إن إقدام سلطات الاحتلال على محاصرة محيط حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، لاقتحام منزل عائلة صالحية وهدمه وإجبارها على إخلاء محتويات مشتل يعود لها، تمهيداً لهدمه والاستيلاء على الأرض المحيطة به، يندرج في إطار التهجير القسري، والتطهير العرقي، الذي يرتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ودعت الحركة إلى التكاتف ومواجهة إجراءات الاحتلال، ومؤازرة أصحاب البيوت المهددة بالهدم والتوجه لحمايتها، والالتفات إلى هذا المخطط الاستعماري، لإفشاله. وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل، حيال ما يحصل في مدينة القدس، من انتهاكات، وجرائم منظمة، تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوها.
ولا يعرف إذا كان قرار البليدة بإرجاء الإخلاء مؤقتاً أم أنه سيستمر لفترة طويلة على غرار ما حدث مع منازل أخرى في الحي. واكتفت البلدية بالقول، في بيان مشترك مع الشرطة الإسرائيلية، إن «مندوبين توجهوا إلى المنزل فجر الاثنين، لتنفيذ أمر إخلاء بعد تخصيص الأرض لبناء مدرسة لصالح سكان حي الشيخ جراح. وكان المفاوضون في منزل صالحية بعد أن بدأ العديد من سكان المنزل في تحصين أنفسهم بعبوة غاز ومواد أخرى قابلة للاشتعال».
وتدخلت السلطة الفلسطينية عبر اتصالات خارجية من أجل وقف الهدم.
وقال مستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية أحمد الرويضي إن القيادة الفلسطينية أجرت اتصالات حثيثة مع الأطراف الدولية، من أجل توفير الحماية لأهالي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة. ودعا الرويضي قناصل الدول الأجنبية والبعثات الدبلوماسية بمدينة القدس لمساندة أهالي القدس، وأن يكونوا شهوداً على جرائم الاحتلال بحق المدينة المقدسة.
ولفت إلى أن منزل صالحية هو أحد منازل حي الشيخ جراح الـ28 المهددة بالتهجير القسري، من أجل تنفيذ مشاريع استيطانية، كما أن محاولات تهجير أهالي هذا المنزل وهدمه تأتي كخطوة للاستيلاء على باقي العقارات بالحي. وطالب الرويضي، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بفتح تحقيق فوري في الاستيطان.
كما طالبت وزارة الخارجية والمغتربين بتدخل فوري وعاجل وفاعل لإجبار دولة الاحتلال على التراجع عن ارتكاب هذه الجريمة البشعة. وقالت، في بيان، إن هذه الجريمة، تمثل الاختبار النهائي لما تبقى من مصداقية للمواقف الدولية ومواقف الأمم المتحدة ومواقف الإدارة الأميركية من قضية الشيخ جراح.
وأوضحت «الخارجية»، في بيان، أن «هذه الجريمة تأتي في إطار عمليات الاقتلاع العنصرية التي تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة وأحيائها المختلفة وبلداتها، في تصعيد خطير لعمليات التطهير العرقي التي تمارسها قوات الاحتلال وشرطته ضد المواطنين المقدسيين لتفريغ المدينة من أصحابها ومواطنيها الأصليين».
وحملت «الخارجية»، الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نفتالي بنيت، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة، وعن حياة ثلاث أسر فلسطينية تعيش في المنزل المستهدف بالإخلاء، وكذلك مسؤولية نتائج وتداعيات هذه الجريمة البشعة، واستخفافها واستهتارها بالإجماع الدولي على إدانة ورفض إخلاء المنازل المستهدفة في حي الشيخ جراح.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.