الفلسطينيون ينعون «أيقونة المقاومة الشعبية»

الشيخ الهذالين دهسته مركبة إسرائيلية أثناء اقتحام قريته

اشتباك سليمان الهذالين مع قوات إسرائيلية أزالت مركزاً طبياً في قرية يطا الصيف الماضي ودهسته عربة عسكرية بداية هذا العام (رويترز)
اشتباك سليمان الهذالين مع قوات إسرائيلية أزالت مركزاً طبياً في قرية يطا الصيف الماضي ودهسته عربة عسكرية بداية هذا العام (رويترز)
TT

الفلسطينيون ينعون «أيقونة المقاومة الشعبية»

اشتباك سليمان الهذالين مع قوات إسرائيلية أزالت مركزاً طبياً في قرية يطا الصيف الماضي ودهسته عربة عسكرية بداية هذا العام (رويترز)
اشتباك سليمان الهذالين مع قوات إسرائيلية أزالت مركزاً طبياً في قرية يطا الصيف الماضي ودهسته عربة عسكرية بداية هذا العام (رويترز)

نعى الفلسطينيون، أمس، الشيخ سليمان الهذالين (75 عاماً)، مطلقين عليه لقب «أيقونة المقاومة الشعبية»، بعدما قضى متأثراً بإصابته جراء دهسه من مركبة تابعة للجيش الإسرائيلي قبل نحو أسبوعين.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، في بيان مقتضب، «المجد والخلود لروح الشهيد الشيخ سليمان الهذالين، أيقونة المقاومة الشعبية، الذي استشهد متأثراً بإصابته جراء دهسه من مركبة لجيش الاحتلال خلال دفاعه عن أرضه في قرية أم الخير في مسافر يطا في الخليل».
وقال بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، «تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات جريمة إعدام الشهيد سليمان الهذالين (75 عاماً)، متأثراً بجروحه الخطرة التي أصيب بها عند مدخل قرية أم الخير بمسافر يطا جنوب الخليل، وذلك بعد أن دهسته آلية احتلالية بشكل متعمد... أثناء دفاعه عن أرضه خلال الاقتحام الوحشي».
كانت مركبة إسرائيلية قد دهست الهذالين أثناء اقتحام قريته يوم الخامس من يناير (كانون الثاني) لمصادرة سيارات غير قانونية. وقال قريبه حازم الهذالين (24 عاماً)، المدرس من قرية أم الخير، إن سليمان تعرض للدهس عن عمد، وأضاف أنه كان على بعد عشرة أمتار عندما دهسته المقطورة التي أرسلت لقريته.
وأعلنت وزارة الصحة، في بيان، أمس، «استشهاد المسن سليمان الهذالين متأثراً بجراحه الخطرة التي أصيب بها عند مدخل قرية أم الخير بمسافر يطا جنوب الخليل، بعد دهسه بمركبة تابعة لقوات الاحتلال». وأشارت الوزارة إلى أن المسن الهذالين أصيب بالرأس والصدر والبطن والحوض، وأدخل إلى مستشفى الميزان بالخليل لتلقي العلاج إلى حين استشهاده الاثنين.
ولم تعقب الشرطة الإسرائيلية على الاتهامات. وقالت في بيان نقلته صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية يوم 14 يناير، إن فلسطينيين ألقوا الحجارة على الشاحنة وقوات الشرطة المرافقة لها، ما جعل من المستحيل عليهم التوقف لمساعدة رجل صعد على إطارات المركبة وسقط.
والشيخ الهذالين من المدافعين البارزين عن أهالي مسافر يطا المهددة بالمصادرة، ولطالما تقدم صفوف المدافعين عن الأراضي المهددة متكئاً على عصاه وواقفاً بتحدٍ أمام الجنود والآليات.
ووصفت حركة «فتح»، الهذالين، بأنه «أيقونة المقاومة الشعبية في مسافر يطا»، متوجهة بالتعزية والمواساة لعائلته.
وقالت «الجبهة الشعبية»، «إن هذه الجريمة الجديدة بحق الشهيد الهذالين تضاف إلى سجل جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني».
ودعت الجبهة إلى ضرورة العمل على تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية ولجان الحراسة والحماية للدفاع عن شعبنا، وصد محاولات المستوطنين الذين يواصلون إرهاب أبناء شعبنا.
وقالت حركة «الجهاد الإسلامي» إن «استشهاد المسن الهذالين بمثابة برهان جديد على إرهاب الدولة الصهيونية».
ودعت «الجهاد»، الجماهير، للعمل على تصعيد المواجهة مع الاحتلال في كل بقعة من أرضنا واستمرار الهبات الشعبية، ومساندة أهلنا ودعم صمودهم للجم الاحتلال وصد أطماعه الاستيطانية.
واتهمت حركة «حماس»، قوات الاحتلال، بتعمد النيل والانتقام من الحاج الهذالين، في محاولة يائسة لتحييد دوره وتأثيره في المقاومة، مؤكدة أن «دماء الهذالين لن تذهب هدراً وستكون وقوداً يعاظم قوة المقاومة الشعبية في ضفتنا الأبية».
وأضافت: «يرحل شيخ المقاومة الشعبية بعد مسيرة طويلة من الصمود في أرضه ومواجهة الاحتلال بعكازه وصدره العاري، في حالة وطنية سيذكرها التاريخ المقاوم بمداد من نور، وستهتدي بسيرته أجيالنا الشابة في مواجهة الاحتلال الغاشم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».