تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022

مطلوب مزيد تطوير شراكة تونس والدول المغاربية مع اوروبا والخليج

تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022
TT

تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022

تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022


بدأ عام 2022 ودول المنطقة، وبينها تونس، تواجه تحديات اقتصادية اجتماعية وسياسية أمنية بالجملة، بعضها هيكلي وبعضها الآخر ظرفي، في ظل الأزمة الصحية الغير مسبوقة كورونا وانعكاساتها السلبية على مؤشرات التنمية ونسب النمو عالميا وإقليميا ووطنيا، فضلا عن تضرر تونس من تعاقب سنوات عدم الاستقرار السياسي داخليا وعدم الاستقرار ألامني على حدودها الشرقية خارجيًا.
وإذا سلمنا أن فشل منوال التنمية القديم تسبب منذ مطلع هذا القرن  في سلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ثم في اندلاع الثورة التونسية والثورات العربية في 2011، فإن صناع القرار الجدد لم ينجحوا في تغيير هذا المنوال، فكانت الحصيلة حالة من عدم الرضى الشعبي وعدم الاستقرار تسبب في بروز مخاطر جديدة تهدد العقد السياسي الاجتماعي الذي حصل عليه توافق كبير في مطلع 2014، أي الدستور، كما تهدد التوازنات المجتمعية والاقتصادية والوحدة الوطنية.
ولا يخفي أن تراكم الأزمات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية الهيكلية منذ عقود يوشك أن يتسبب في انهيار الدولة و تراجع الإحساس بالانتماء للوطن الموحد مقابل بروز الولاءات الفئوية والقطاعية و الجهوية.. وفي انتشار نزعات الغلو والتطرف.
وأعتقد أن تونس بالرغم من انفتاح مجتمعها ونخبها ورصيد البلاد في عالم التنمية البشرية والسياسية وتجاربها التعددية المتعاقبة.
 ليست بمنأى عن هذه المخاطر.
يشهد العالم تطورات جيو استراتيجية وتكنولوجية واقتصادية وسياسية نوعية ستنعكس على فرص التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية في تونس وفي كل دول المنطقة.
وستكسب الرهان في ظل التنافس العالمي الجديد الدول والمؤسسات التي ستحسن توظيف ورقة التحكم في اقتصاد المعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي و تكنولوجيات الاتصالات ومسار الرقمنة.
وبالرغم من المضاعفات السلبية لوباء كورونا على الصعيدين الكوني والإقليمي سوف تتحسن أوضاع الشعوب والدول التي ينجح صناع القرار فيها في مواكبة التقدم السريع في عالم الرقميات.
في المقابل سوف تتسع "الهوة الرقمية " بين بعض دول الجنوب ودول الشمال، وسنشهد مزيدا من التراجع لدور الدول والحكومات والمؤسسات التي لا تواكب المستجدات في عالم اقتصاد المعرفة والتحولات الرقمية الجديدة.
في هذا السياق العام بات من الضروري  لتونس و لدول شمال افريقيا أن ترفع في مستوى الشراكة والمبادلات  مع دول الاتحاد الأوربي.
لقد انطلق مشروع برشلونة الأوربي المتوسطي طموحا في 1995 ثم في القمة الاورو متوسطية الأولى في 2005.
 وكان الهدف تحرير تنقل المسافرين ورؤوس الأموال والسلع في الاتجاهين.
وقطعت أشواط ايجابية رغم الانتكاسات. وساهم الاتحاد الأوربي بصفة جماعية وبعض دوله بصفة ثنائية في تأهيل جزيء للاقتصاد التونسي.

لكن عوامل كثيرة، من بينها التركيز على إدماج دول أوروبا الشرقية كأولوية على حساب تعهداتها لشركائها في دول جنوب المتوسط، وبينها تونس ، بما في ذلك فيما يتعلق بدعم الانتقال الديمقراطي والاندماج الاقتصادي والانتقال الرقمي لكن لابد أن تدرك دول أوربا اليوم أن مستقبل استقرارها وأمنها وتوازنها الديمغرافي والاجتماعي رهين شراكة مع دول جنوب المتوسط، واعتماد شراكة تنموية شاملة وتنظيم تنقل المسافرين والمهاجرين في الاتجاهين دون  اختزال التدخلات والمساعدات في " الحلول الأمنية والعسكرية ".
إن معدل الدخل الفردي في دول شمال البحر الأبيض المتوسط  يقدر بعشرة أضعاف دخل المواطن في دول جنوب المتوسط.
 إذن فالهوة تزداد عمقا في وقت تعثر فيه الانتقال الديمقراطي وتأخر فيه الانتقال الرقمي وتزايدت فيه نسب الفقر والبطالة  ومؤشرات الاضطراب الأمني.
 لذلك فمهما كانت التعطيل لحرية التنقل والعقوبات التي سوف تفرض على المهاجرين غير النظاميين سيفرض ملف الهجرة نفسه مجددا بسبب الاختلال الديمغرافي والاقتصادي والهوة الرقمية و ظروف العيش والأوضاع السياسية في ضفتي البحر الابيض المتوسط.
حاليا يقدر عدد السكان في البلدان المتوسطية العشرة بمائتي مليون ساكن شمالا ومثلهم جنوبا.
لكن من المتوقع أن يتراجع النمو الديمغرافي في بلدان جنوب أوروبا،مقابل تضاعف سكان دول جنوب المتوسط  قبل عام 2050.
 إذن فمن مصلحة الجميع البدء منذ الآن في شراكة ناجعة في قطاعات التدريب والتربية والتعليم والإنتاج والخدمات واعتماد سياسات مشتركة  تجنب دول الجنوب هجرة مزيد من الأدمغة وتضمن للدول الأوربية حاجياتها القادمة من الخبرات والعمال في مختلف القطاعات.
بالتوازي على تونس ودول شمال افريقيا أن توظف إيجابا علاقاتها مع الدول المتقدمة في المشرق العربي وتحديدا مع دول الخليج التي حققت في الأعوام الماضية تقدما اقتصاديا كبيرا وانفتاحا ثقافيا.
أعتقد أن ذلك ضروري وممكن، خاصة مع الدول الخليجية الشقيقة التي نجحت في تنويع اقتصادياتها واستثماراتها محليا وعربيا ودوليا ودخلت "مرحلة ما بعد النفط ".
كما سيكون مفيدا لتونس ودول المغرب العربي تطوير علاقاتها مع دول الخليح العربية التي برهنت على تقدمها السريع والناجع في مجال الانتقال الاقتصادي و الرهان على تقدم الإنسان و الموارد البشرية والانفتاح الثقافي.
ولا شك أن من بين أولويات المرحلة القادمة بالنسبة لتونس ودول جنوب المتوسط العربية تشبيك علاقاتها الثنائية والإقليمية مع دول الخليج التي يمكن أن ترفع مستوى استثماراتها وشراكتها معها خدمة لمصالح كل الأطراف وتكريسا  لقاعدة تقاطع المصالح.
مؤشرات عام 2022 توحي بكون التحديات خطيرة والغموض كبير لكن تطوير شراكات البينية والإقليمية يمكن أن يساهم في محاصرة الأزمات.. كل الأزمات.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».