مصر: توقيف قيادي بـ«حسم» يعمق أزمات «الإخوان»

خبراء أكدوا أن التنظيم يحاول استغلال أي حدث كي يغطي على خلافاته

TT

مصر: توقيف قيادي بـ«حسم» يعمق أزمات «الإخوان»

ضربة «قوية» وجهتها السلطات المصرية إلى تنظيم «الإخوان»، بتوقيف أحد قيادات حركة (حسم) «الإرهابية»، الموالية للجماعة المُصنفة رسميا «إرهابية». وقال خبراء إن الضربة الأمنية «عمقت أزمات الجماعة»، التي تشهد صراعات في الخارج بين جبهتي إسطنبول ولندن، ما استدعى صفحات موالية للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، لـ«نشر مزاعم تستهدف الدولة المصرية». وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، في تغريدة لها، «حبس حسام منوفي على ذمة التحقيقات» القيادي بـ«حسم»، عقب توقيفه الأسبوع الماضي، على متن طائرة قادمة من السودان ومتجهة إلى تركيا، هبطت في مصر اضطراريا. وحسب بوابة «أخبار اليوم» الرسمية، وتقارير إخبارية، فإن منوفي متهم بـ«المشاركة والتخطيط وتنفيذ عمليات استهداف لقيادات من الشرطة، ومستشارين، وشخصيات مصرية، واتهم في القضية المعروفة إعلامياً بتأسيس حركة حسم». وذكرت أن منوفي «كان على متن طائرة قادمة من السودان ومتجهاً إلى تركيا؛ لكن الطائرة اضطرت إلى الهبوط في مدينة الأقصر (جنوب)، وخلال اتخاذ الإجراءات الاعتيادية بالمطار، تم إلقاء القبض عليه بعد إجراءات الكشف عن اسمه، ضمن قوائم ترقب الوصول لاتهامه في قضايا إرهابية». وقال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، عضو مجلس الشيوخ المصري، إن التنظيم «ينشط عبر المنصات الإلكترونية، ويحاول استغلال أي حدث لكي يغطي على فشله في حل خلافات قياداته وانقساماتهم، التي تتزايد يوماً بعد يوم». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، السلطات المصرية «تتعامل بمنتهى اليقظة مع أي مخططات إخوانية، تروج لأكاذيب وادعاءات، وتوجه ضربات استباقية لعناصرها». حديث المقرحي توازى مع تصريحات مصدر أمني، أشار إلى «رصد السلطات الأمنية لصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يستغلها (الإخوان) لنشر الإشاعات». وقال: «غالبية هذه الصفحات تدار من خارج البلاد، وتنشط بشكل مكثف لتسليط الضوء على حدث بعينه بغرض الإثارة». الخبير الأمني المصري، العميد خالد عكاشة، علق قائلاً في تصريحات له: «من الوارد أن تهبط أي طائرة على الأراضي المصرية لأي سبب قهري أو اضطراري، ومن حق السلطات المصرية الكشف عن الأوراق»، لافتاً إلى أن «(الإخوان) كانوا يروجون من قبل أن منوفي مختفٍ قسرياً، وذلك على خلاف الحقيقة».
وظهرت «حركة سواعد مصر»، المعروفة أيضاً باسم حركة «حسم» عام 2014، وتبنت «عمليات إرهابية» وهجمات عدة. وتشير السلطات الأمنية بمصر إلى أن «(حسم) هي أحد إفرازات الإخوان». وسبق أن رفع شعار «حسم» مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب «الإخوان»، عقب فض اعتصامي أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي إدراج حركة «حسم» في مصر وقادتها على «لائحة الإرهابيين». وسبق أن أدرجت الحركة كـ«كيان إرهابي دولي» في يناير عام 2018.
وقد أكد مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق أن «منوفي هو أحد مؤسسي حركة (حسم)، وكان من أذرع القيادي الإخواني محمد كمال، مؤسس الجناح المسلح لـ(الإخوان) ولجانه النوعية».
المصدر الأمني نفسه ذكر أن «تنظيم (الإخوان) يعتمد على مواقع (السوشيال ميديا) بنسبة كبيرة لتفادي الانحسار الكبير له في الشارع المصري». وفي وقت سابق اتهمت وزارة الداخلية المصرية تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، بـ«استحداث كيانات إلكترونية ارتكزت على إنشاء صفحات إلكترونية على موقع التواصل، لاستقطاب عناصر من أجل القيام بأعمال تخريبية، ونشر الإشاعات». ويشهد الصراع بين «إخوان الخارج» هدوءاً مؤقتاً بعد أشهر من اشتعال الخلافات بين «جبهة لندن»، بقيادة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد، و«جبهة إسطنبول»، بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم. وتفاقم الصراع أخيراً عقب إعلان «جبهة إسطنبول» تشكيل «لجنة للقيام بأعمال المرشد»، واختيار القيادي مصطفى طلبة ممثلاً عنها في منصب مرشد التنظيم لمدة ستة أشهر. وكان إبراهيم منير قد قام في وقت سابق بحل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، فيما أشار محمود حسين فيما بعد إلى أن «مجلس الشورى العام (أعلى هيئة في التنظيم) قرر عزل منير من منصبه، وأبطل قراراته بتجميد وفصل بعض قيادات التنظيم». من جانبه، أكد مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أن «صراع (الإخوان) في الخارج سوف يستمر، نظراً لسعي كل من منير وحسين لزعامة وإدارة التنظيم، الذي تشظى خلال السنوات الماضية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.