مصري يقاوم ذوبان هوية القاهرة بريشته في «بينالي الدرعية»

إبراهيم الدسوقي لـ «الشرق الأوسط» : صارت المدن متشابهة كمطاعم الوجبات السريعة

الفنان إبراهيم الدسوقي أمام بعض من أعماله
الفنان إبراهيم الدسوقي أمام بعض من أعماله
TT

مصري يقاوم ذوبان هوية القاهرة بريشته في «بينالي الدرعية»

الفنان إبراهيم الدسوقي أمام بعض من أعماله
الفنان إبراهيم الدسوقي أمام بعض من أعماله

لكل مدينة نكهتها الخاصة، إلا أن بعضها تتجه للتخلي عن نكهتها، لتشبه بقية مدن العالم، كما يرى الفنان المصري إبراهيم الدسوقي، الذي اتخذ مدينته (القاهرة) نموذجاً لذلك، مُبدياً مخاوفه من أن تنسلخ القاهرة عن هويتها لتغرق في بحر الحداثة، وهو ما عكسه عبر عمل من خمس لوحات، جاء بعنوان «سلسلة تجمعات مسورة - في انتظار الثامنة صباحاً»، يُعرض في «بينالي الدرعية» الذي يقام حالياً بنسخته الأولى في حي جاكس بالعاصمة السعودية الرياض.
بعيون الفنان، يصف الدسوقي عبر لوحاته المتسلسلة حالة الحنين إلى ماضي مدينته، بعد أن أصبحت نسخة من المدن الجديدة، وهو ما انعكس بدوره على المجتمع القاهري وآلية تواصل أفراده، في عمل فني أشبه بمقاومة اكتساح الحداثة ووحش العولمة وتيار الرقمنة، بحثاً عن روح المدينة القديمة، التي كانت متفردة بتراثها وأصالتها وبساطة الحياة فيها.
ويرى الدسوقي أن أحياء المدن اليوم صارت تتشابه مع أحياء أي مدينة أخرى في العالم، مضيفاً: «هو خلق لمجتمع عالمي ومتشابه، مثل العلامات التجارية (ماكدونالدز) و(كارفور)، التي أصبحت موجودة في كل المدن، وهي بنفس الألوان والأسلوب والمنتجات، مما جعل المجتمع فاقداً للسبغة الوطنية والهوية؛ مجتمعاً مُنمطاً يشبه العديد من الدول والأماكن».
يتحدث الدسوقي لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «القاهرة - المدينة الكبيرة - هي منذ القدم لم تعرف حدوداً زمنية ولا جغرافية، فيها تستطيع التحرك طيلة اليوم، من حي إلى آخر، ما بين المناطق الغنية والمتوسطة والفقيرة، من دون حدود طبقية، وبالإمكان التنقل في أي وقت من النهار أو الليل بين الأحياء المختلفة. كانت القاهرة مدينة مفتوحة 24 ساعة، ومستيقظة طيلة اليوم». ويكمل: «في بداية الثمانينات، بدأت تظهر الضواحي أو الأحياء على أطراف القاهرة، أحياء لا تلتزم بالتخطيط ولا بالحدود الزمنية والجغرافية المفتوحة للقاهرة، هي أحياء من الممكن أن تُغلق من الليل إلى بداية النهار، أو ربما لها بوابات قابلة للغلق وأيضاً الحركة مُقيدة داخلها، ومن الصعوبة دخولها في أي وقت».
ويرى الدسوقي، وهو من مواليد القاهرة عام 1969، أن الأحياء الجديدة خلقت قواعد وقوانين خاصة بها تختلف عن القوانين السائدة في القاهرة، التي اعتاد عليها سكان المدينة لعقود مضت، مما أوجد نوعاً من الطبقية، حسب وصفه. وتجسيداً لهذه الرؤية، انطلق الدسوقي في عمله من فكرة أن التجمعات الجديدة لا ينفع الدخول لها - حسب قواعدها - إلا الثامنة صباحاً، لذا جاءت لوحته تضم رجلين منتظرين، يتشابهان شكلاً، ولكن بزاوية مختلفة، مما يعطي إحساساً بمرور الوقت، وهما ينتظران أمام بوابة كهربائية تُفتح الساعة الثامنة صباحاً.
وفي لوحتين، تأتي نباتات يصفها الدسوقي بالقول «هي إما أنها ليست في الأرض لكونها دائماً معزولة عن الأرض، أو في أوانٍ خزفية منمقة ولامعة، أو لها حدود وبعيدة عن التربة، فهي ليست أرضاً مزروعة وممتدة، بل زراعة في أحواض للتزيين، كما أنها ليست نبتة مثمرة، بل على العكس من ذلك، نجدها تطرح زهوراً سوداء في منتهى القباحة والسلبية».
وفي اللوحة الرابعة، تظهر الطبقية كذلك في مكافحة الناموس بالقاهرة، يقول الدسوقي: «كانت هناك أجهزة توضع في الغرف لتتخلص من الناموس في الأحياء التي ينتشر بها، إنما في الأحياء الجديدة والمناطق الخضراء المعمولة للتزيين، صارت هناك ماكينة الرش التي تضغط الكيروسين وتنشره في الهواء، بصورة دخان يقتل الناموس».
أما الجزء الأخير من العمل، فيُرجع الدسوقي فكرته لشوارع القاهرة القديمة التي كانت تضم المطبات والحُفر، أما في القاهرة الجديدة فيأتي الأسفلت لامعاً ومصقولاً. وأشار إلى أنه في القاهرة الجديدة يستخدم العمال عربة نصفها الأمامي على شكل دراجة ونصفها الخلفي أشبه بسيارة نقل، لنقل النفايات ومخلفات الزراعة، وهي ما رسمها في آخر لوحة بالعمل.
ويردف الدسوقي، أن «العمل هو عن كل شيء عكس القاهرة. فالمكان هو نفسه جغرافياً، لكنه عكس قواعد القاهرة المتعارف عليها ثقافياً ومعيشياً». وعلى مستوى الأداء يقول، «كان لا بد أن تبدو الأشكال مفصولة عن الخلفية وعن نسيج القماش نفسه، بما يعكس حال الأحياء المفصولة عن نسيج القاهرة وعن واقعها وتاريخها».
وهو ما دفعه لترك قماش اللوحة بلونه نفسه، بينما الأشكال الموضوعة فوقه لا تحمل علاقة مع الخلفية، إذ لا توجد خلفية للأشخاص ولا الزرع، وليس هناك سماء ولا مبانٍ ولا شوارع، ويضيف: «هي معزولة عن الواقع المحيط بها، مثلما المجتمعات صارت معزولة عن المدينة التي تنتمي لها».
واللوحات المُنفذة بألوان زيتية، رسمها الدسوقي على طبقات عدة، وحاول بقدر الإمكان أن يُعطي غنى وكثافة للون الزيتي، وعند الاقتراب من اللوحة تتضح الطبقات الزيتية في مواجهة الفراغ الذي على القماش غير المدهون، قائلاً إن «الغنى والطبقات والعمق، يجاوره السطح الفقير على حالته الأولية، تماماً كحال مجتمع مُسطح وجديد وعقيم وهو يواجه غنى المدينة القديمة».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.