التحديات الأمنية في سيناء تتواصل قبل أيام من انتهاء حالة الطوارئ دستوريا

مقتل ضابط وجنديين.. والجيش يعلن مصرع 57 إرهابيا

التحديات الأمنية في سيناء تتواصل قبل أيام من انتهاء حالة الطوارئ دستوريا
TT

التحديات الأمنية في سيناء تتواصل قبل أيام من انتهاء حالة الطوارئ دستوريا

التحديات الأمنية في سيناء تتواصل قبل أيام من انتهاء حالة الطوارئ دستوريا

قتل ضابط في الجيش وجنديان آخران، أمس، في انفجار استهدف مركبة كانوا يستقلونها خلال عملية مداهمة لبؤر إرهابية في شمال سيناء، في وقت تدرس فيه السلطات خيارات أمنية وقانونية لبسط سيطرتها على مدن العريش ورفح والشيخ زويد، في شبه الجزيرة، قبل أيام من انتهاء حالة الطوارئ المعلنة بالمنطقة السبت المقبل، فيما أعلن الجيش مقتل 57 عنصرا إرهابيا خلال الأيام العشرة السابقة.
وقال المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد محمد سمير، في بيان إنه «أثناء قيام عناصر من الجيش بملاحقة المهربين والعناصر الإجرامية على خط الحدود الدولية على الاتجاه الشمالي الشرقي فجر اليوم قامت العناصر الإرهابية بتفجير عبوة ناسفة في إحدى مركبات قوة المداهمة».
وأضاف العميد سمير أن «الانفجار أسفر عن استشهاد ضابط وجنديين من القوات المسلحة وإصابة جندي آخر»، معربا عن تعازي الجيش لأسر الضحايا.
ويشن الجيش والشرطة حملات أمنية موسعة في شمال سيناء، لبسط سيطرتهما على المحافظة الحدودية التي يتركز فيها وجود تنظيمات متشددة، دأبت على استهداف عناصر الجيش والشرطة خلال السنوات الماضية لكن نشاطها تزايد في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وشهدت مدن العريش ورفح والشيخ زويد عمليات إرهابية كبرى قتل خلالها العشرات من عناصر الجيش والشرطة. وفرضت السلطات المصرية حالة الطوارئ في المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومددت حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى تنتهي في 25 أبريل (نيسان) المقبل. ويحظر الدستور مد حالة الطوارئ مجددا.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولين رسميين اجتمعوا بقيادات شعبية وشيوخ قبائل في شمال سيناء للتشاور بشأن التزامهم بحظر التجوال، مع تقليص عدد ساعات الحظر، لتبدأ من الساعة 11 مساء، وحتى الساعة السادسة صباحا في مدينة العريش فقط.
ويرتبط حظر التجول بحالة الطوارئ المعلنة في المحافظة. وقال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن أي تمديد لحظر التجوال أو لحالة الطوارئ مخالف للدستور، لكنه أضاف: «هذا وضع صعب جدا.. نلتمس العذر للحكومة لوجود حالة اشتباك على الأرض، وقد يعني رفع الحظر تعريض القوات للخطر».
ويقول أهالي المنطقة التي أعلنت فيها حالة الطوارئ إنهم تكبدوا خسائر مادية بسبب توقف حركة التجارة بالمحافظة.
وأعلن الجيش أمس أيضا مقتل 57 إرهابيا خلال الفترة من 9 إلى 19 أبريل الحالي. وقال المتحدث العسكري، على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه في إطار تنفيذ خطة القوات المسلحة الشاملة في القضاء على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء وعلى كل الاتجاهات الاستراتيجية، تمكنت القوات من تنفيذ عدة مداهمات ضد العناصر الإرهابية، أسفرت عن مقتل 57 إرهابيا نتيجة أعمال القتال المختلفة أثناء تنفيذ المداهمات.
وفي سياق متصل، نفى المتحدث العسكري تورط أحد طلبة الكلية الحربية في حادث تفجير حافلة كانت تقل طلاب الكلية في شمال الدلتا نهاية الأسبوع الماضي. وقال العميد سمير إنه في إطار حرص القوات المسلحة على توضيح كل الحقائق ودحض الشائعات، تم رصد مداخلة تليفونية لمواطن في أحد البرامج الحوارية ادعى خلالها أن لديه معلومات مؤكدة عن تورط أحد طلبة الكلية الحربية في حادث التفجير الخسيس لنقطة تجمع طلبة الكلية داخل استاد كفر الشيخ نظر لانتمائه لجماعة الإخوان الإرهابية. وفى هذا الصدد تؤكد القوات المسلحة على عدم صحة هذه الادعاءات جملة وتفصيلا، وتهيب بالمواطنين الشرفاء تحري الدقة فيما يتناولونه من معلومات عن جيشهم الوطني حفاظا على الأمن القومي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.