«الحشد الشعبي» يفجر خلافات صامتة وأخرى معلنة بين عشائر الأنبار

شيوخ مع مشاركته في تحرير المحافظة وآخرون يعارضون وفريق ثالث متحفظ

«الحشد الشعبي» يفجر خلافات صامتة وأخرى معلنة بين عشائر الأنبار
TT

«الحشد الشعبي» يفجر خلافات صامتة وأخرى معلنة بين عشائر الأنبار

«الحشد الشعبي» يفجر خلافات صامتة وأخرى معلنة بين عشائر الأنبار

في وقت وقع فيه أكثر من 50 شخصية عشائرية ووجيه ورجل دين في محافظة الأنبار «وثيقة شرف» بشأن تأييد مشاركة قوات الحشد الشعبي (المتطوعين الشيعة) في القتال ضد تنظيم داعش من أجل تحرير المحافظة، فإن هذه الوثيقة فجرت خلافا بين عشائر الأنبار بين مؤيدة وأخرى رافضة وثالثة متحفظة.
وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار وشيخ عموم قبيلة البونمر غازي الكعود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الأنبار باتت ضرورية بعد مشاركتهم في معارك صلاح الدين التي ما كان لها أن تحسم لولا التلاحم الوطني بين جميع أبناء العراق»، مشيرا إلى أن «عشائر الأنبار التي تتصدى لتنظيم داعش هي التي اتفقت على السماح للحشد الشعبي للمشاركة في هذه المعركة وأن عدد الشيوخ والوجهاء ورجال الدين ممن وقعوا على الوثيقة أكثر من 70 شخصا». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الملابسات التي حصلت بعد تحرير مدينة تكريت لا سيما على صعيد عمليات الانتقام والنهب والسلب قد أخذت بنظر الاعتبار، قال الكعود إن «ما حصل تمت مواجهته بقوة سواء من قبل الحكومة أو المرجعيات الدينية وقد اتخذت إجراءات تعد جيدة بشكل عام الأمر الذي لن يتكرر حدوثه في الأنبار».
من جانبه أكد فارس إبراهيم الدليمي، عضو مجلس «حلف الفضول» الذي يضم العشائر التي أعلنت وقوفها بوجه تنظيم داعش في الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوثيقة التي تم التوقيع عليها شملت العشائر المتصدية لتنظيم داعش وجها لوجه والتي لم تجد في التحفظ على مشاركة الحشد الشعبي من قبل بعض الجهات ما يمكن أن يفيد محافظة الأنبار ولذلك تم الاتفاق على إعداد كتاب رسمي تم التوقيع عليه من قبل 45 شخصية عشائرية ووجيه من أهالي الأنبار موجه إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي نعلن فيه وبكل صراحة ترحيبنا بمشاركة الحشد الشعبي في معركة الأنبار». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هذا بمثابة تفويض من كل عشائر الأنبار، قال الدليمي «الذين وقعوا هم المتصدون في الداخل لتنظيم داعش، إذ أن هناك انقساما سواء على مستوى شيوخ العشائر أو المجتمع الأنباري سواء من داعش أو من الحشد والشعبي وبالتالي لا يوجد إجماع بل أستطيع القول إن هناك ثلاثة أنواع من المواقف بين شيوخ العشائر الأول هم الشيوخ الموجودون في الساحة وهؤلاء هم الذين وقعوا على مشاركة الحشد الشعبي، والثاني هم المؤيدون لتنظيم داعش من الشيوخ وهؤلاء رافضون لكل شيء لأنهم فاقدون لكل شيء بما في ذلك قطرات الحياء، والثالث هم بعض الشيوخ ممن آثروا الابتعاد عبر الإقامة في عمان فإنهم ليسوا رافضين ولا موافقين بل هم متحفظون».
وبشأن الطريقة التي سيتم فيها التعامل مع الحشد على غرار ما حصل في محافظة صلاح الدين حيث كان هناك بالأصل حشد شعبي سني بينما لا يوجد نظير له في الأنبار، قال الدليمي إن «أهالي الأنبار من أبناء العشائر وبقيادة شيوخهم ووجهائهم ممن وقعوا على هذه الوثيقة هم من سيتولى ترتيب الأمر بحيث يجري القتال جنبا إلى جنب وبالتنسيق الكامل مع قيادات الحشد الشعبي حتى لا يحصل أي خرق أو خلل لأن الجميع حريص على ألا تحصل سلبيات من أي نوع».
في السياق ذاته، أبدى الشيخ وسام الحردان، أحد الزعامات العشائرية البارزة في محافظة الأنبار وزعيم صحوة العراق الجديدة، تحفظه على ما يجري. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمور ليست واضحة بما فيه الكفاية حيث تبدو الصورة مشوشة ومشوهة سواء على صعيد سبل مواجهة داعش والكيفية التي يمكن بموجبها إشراك الجيش والشرطة وأبناء العشائر والحشد الشعبي في المعارك». وأضاف أن «العمل بطريقة المد والجزر لن يؤدي في النهاية إلى النتيجة المطلوبة لأنه لا توجد خطة واضحة يمكن من خلالها العمل على طرد تنظيم داعش من المحافظة».
بدوره، أكد ألشيخ ماجد العلي السليمان، شيخ قبائل الدليم المقيم في عمان، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن «اللقاء الذي جمعنا نحن مجموعة من شيوخ محافظة الأنبار مع رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل نحو شهر تضمن الكلام عن التسليح ومشاركة الحشد الشعبي وغيرها من القضايا التي تمثل هما مشتركا لنا». وأضاف السليمان «على صعيد التسليح بدأت الحكومة تسلح العشائر ولكن دون المستوى المطلوب سواء من حيث الكمية والنوعية. أما على صعيد مشاركة الحشد الشعبي فقد أوضحنا للعبادي إن ما تحتاج إليه الرمادي هو السلاح فقط لا الرجال يضاف إلى ذلك أن تحفظنا كان ولا يزال هو أن هذه المشاركة ربما تخلق لنا مشاكل مع الأخوة في الوسط والجنوب لكثرة المتصيدين في المياه العكرة من كل الأطراف».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».