استهداف قاعدتين في العراق بصواريخ و«مُسيَّرات»

إحداهما «زليكان» التركية في نينوى والأخرى «بلد» الجوية شمال بغداد

قاعدة زليكان العسكرية التركية (رويترز)
قاعدة زليكان العسكرية التركية (رويترز)
TT

استهداف قاعدتين في العراق بصواريخ و«مُسيَّرات»

قاعدة زليكان العسكرية التركية (رويترز)
قاعدة زليكان العسكرية التركية (رويترز)

تواصل الميليشيات والفصائل المسلحة التي يعتقد بصلاتها الوثيقة مع إيران هجماتها في طول العراق وعرضه، سواء بالطائرات المُسيَّرة أو بالصواريخ والعبوات الناسفة، على ما تقول إنها أهداف أميركية في مناطق وأماكن عسكرية في البلاد.
وفي حين تصدر السلطات العراقية بشكل منتظم بيانات رسمية عن معظم الهجمات التي تطال المنطقة الخضراء في بغداد، وبقية المعسكرات التابعة للجيش العراقي، ويعتقد بوجود بعض المستشارين العسكريين الأميركيين فيها، تتجاهل السلطات غالباً الهجمات شبه اليومية التي تتعرض لها قاعدة زليكان العسكرية التركية، في منطقة بعشيقة بمحافظة نينوى الشمالية.
وبعد أقل من 24 ساعة على هجمات طالت المنطقة الخضراء وبعض المناطق العسكرية، وبعد موجة تنديد واستنكار ضد تلك الهجمات أطلقتها معظم القوى الشيعية، وضمنها بعض قيادات الفصائل المسلحة، عادت الفصائل المنفلتة، أمس السبت، لتشن هجمات جديدة بطائرات مُسيَّرة على قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين (165 كيلومتراً شمال العاصمة بغداد).
وتعتبر «بلد» من أكثر قواعد القوة الجوية العراقية حيوية؛ لأنها القاعدة الرئيسية لأهم الأسراب والطائرات العراقية العاملة، مثل مُقاتلات «F16»، وطائرات «L159»، وطائرات «سيزنا كرفان 208 و172» وطائرات التدريب «T-6»، إلى جانب وجود معامل ومعدات وقطع غيار متكاملة لصيانة تلك الطائرات المقاتلة.
وقالت خلية الإعلام الأمني، إن «3 طائرات مُسيَّرة اقتربت فجر السبت من المحيط الجنوبي لقاعدة بلد الجوية، في محافظة صلاح الدين». وأضافت أنه «تمت مشاهدة الطائرات بالعين المجردة من قبل القوة المكلفة بحماية الأبراج الخارجية، والتأكد من أنها طائرات معادية، وأن القوة قامت بفتح النار باتجاه هذه الطائرات التي لاذت بالفرار».
من جانبه، أوضح آمر قاعدة بلد الجوية اللواء الركن ضياء محسن، أمس، تفاصيل إحباط محاولة استهداف القاعدة بثلاث طائرات مُسيَّرة. وقال محسن لوكالة الأنباء الرسمية: «في الساعة الخامسة والربع من فجر اليوم، تم رصد اقتراب 3 طائرات مُسيَّرة من قاعدة بلد الجوية، وصدر أمر بإطلاق النار عليها، وتمت معالجتها ولاذت الطائرات بالفرار»، وأضاف أن «الجو كان ضبابياً ولم تستطع هذه الطائرات استهداف القاعدة». وتابع: «وبعد رصد هذه الطائرات بالعين المجردة من خلال الأبراج، والتأكد من أنها مجهولة الهوية، تم الاتصال بالدفاع الجوي للاستفسار عن هذه الطائرات، وتم التأكد من أنها مجهولة وغير معروفة الهوية، ولذلك تم إعطاء الأمر بفتح النار عليها من قبل حماية القاعدة، ومن دون مشاركة الدفاع الجوي».
وأكد محسن، أن «القاعدة تضم راداراً يستخدم على مدار الساعة لمراقبة الطائرات، وكذلك يوجد رادار للدفاع الجوي، وهذه الطائرات انطلقت من مكان قريب، لذلك تعذر رصدها عبر الرادار، ولا يمكن تحديد مكان انطلاقها بشكل دقيق، لذلك تم رصدها بالعين المجردة من أبراج الحماية وتم التعامل معها من خلال إطلاق نار كثيف، ما دفعها للفرار».
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أدانت، الجمعة، الهجمات التي تزعزع استقرار البلاد، وجددت التزام الحكومة بـ«توفير الأمن والحماية للبعثات الدبلوماسية، واعتماد جميع السُّبُل الضامنة لتيسيرِ عملها، وفقاً لِما نَصَّت عليه الاتفاقيات الدولية». ورغم الهجمات العديدة والمتواصلة منذ نحو عامين، لم تتمكن السلطات الحكومية من إيقاف تلك الهجمات، فضلاً عن معرفة الفصائل والميليشيات التي تقف خلفها.
وإلى جانب الهجمات التي طالت قاعدة بلد الجوية، تعرضت قاعدة زليكان التركية في ناحية بعشيقة (17 كيلومتراً شمال شرقي مدينة الموصل)، أمس، إلى هجوم جديد بالصواريخ. وتتعرض القاعدة منذ أشهر إلى هجمات صاروخية من قبل فصائل يعتقد أنها موالية لإيران وتعمل ضمن مظلة «الحشد الشعبي» في منطقة سهل نينوى، وغالباً ما تتسبب الهجمات في هلع سكان المنطقة ذات الأغلبية الإيزيدية الذين يشتكون من أن القاعدة التركية غير الشرعية في مناطقهم تهدد أمنهم، وتحرمهم من استثمار وزراعة أراضيهم القريبة من القاعدة.
وفي الأسبوع الماضي، اشتكى النائب الإيزيدي السابق صائب خدر، من أن «السلطات المحلية في محافظة نينوى، وكذلك السلطات الاتحادية في بغداد، لا تكترث لما يجري في منطقة بعشيقة وبقية مناطق الأقليات في سهل نينوى، ولا تهتم بما يجري هناك من تهديدات أمنية خطيرة».
بدوره، طالب عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى، شيروان الدوبرداني، أمس، القوات الأمنية، بالقبض على من وصفهم بـ«الإرهابيين» الذين يطلقون الصواريخ ويتسببون في بث الرعب في قلوب الأهالي بمنطقة بعشيقة.
وقال الدوبرداني لشبكة «رووداو» الإعلامية: «هنالك استهداف متكرر من قبل الإرهابيين لمعسكر زليكان؛ حيث تم استهداف المعسكر في الساعة التاسعة من صباح اليوم (السبت) بصاروخين، ما تسبب في خسائر مادية».
واعتبر الدوبرداني، أن «العمليات الإرهابية المتكررة مؤشر خطر على استقرار وأمن محافظة نينوى من قبل الإرهابيين والميليشيات»، وأشار إلى أن «استهداف معسكر زليكان يتم من أطراف ناحية بعشيقة، وضمن حدودها الإدارية، وأن هذه المناطق من ضمن مسؤولية اللواء 30 في (الحشد الشعبي) واللواء الثالث بالجيش العراقي».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).