أحزاب تونسية تقاضي وزير الداخلية لـ«تعنيف المتظاهرين»

صحيفة فرنسية تستنكر تعرض مراسلها للضرب من الشرطة

جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وسط العاصمة التونسية مساء أول من أمس (رويترز)
جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وسط العاصمة التونسية مساء أول من أمس (رويترز)
TT

أحزاب تونسية تقاضي وزير الداخلية لـ«تعنيف المتظاهرين»

جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وسط العاصمة التونسية مساء أول من أمس (رويترز)
جانب من المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وسط العاصمة التونسية مساء أول من أمس (رويترز)

طالبت عدة أحزاب تونسية، في مقدمتها «الحزب الجمهوري»، و«التيار الديمقراطي»، و«التكتل» وحركة «النهضة» بإطلاق سراح المحتجين الذين تم اعتقالهم مساء أول من أمس على إثر الوقفات الاحتجاجية التي نظمتها أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية، احتفالاً بذكرى «عيد الثورة». ودانت هذه الأحزاب بشدة ما وصفته بأنه تعامل وزارة الداخلية «العنيف» مع «المظاهرات السلمية}واستعمالها خراطيم المياه الباردة لتفريق المحتجين.
في المقابل، وجهت السلطات الأمنية للمعتقلين تهماً متعددة، أبرزها «مخالفة أوامر الحجر الصحي وتدابير الوقاية والمراقبة المأمور بها»، و«عدم الامتثال للقوانين والقرارات الصادرة» من السلطات. ومن المنتظر إحالة الموقوفين على أنظار المحكمة الابتدائية بالعاصمة اليوم الأحد. فيما تم تمكين تسعة عناصر من قوات الأمن من العلاج بمستشفيات عمومية بعد تعرضهم لإصابات متفاوتة الخطورة خلال المواجهات مع المحتجين، وهو ما سيبرر العقوبات التي ستصدر بحقهم، بحسب مراقبين.
وقالت أحزاب الجمهوري و«التيار الديمقراطي» و«التكتل» إنها تقدمت بشكوى إلى النيابة العامة في حق وزير الداخلية توفيق شرف الدين «بتهمة الاعتداء بالعنف الشديد على المحتجين، واختطافهم دون وجه حق». كما نددت الأحزاب الثلاثة، التي تتبنى نفس المواقف الرافضة لخيارات الرئيس قيس سعيد، بما اعتبرته «اعتداءات وحشية»، طالت المتظاهرين، مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، وفتح تحقيق في ظروف اختطافهم.
وقال خليل الزاوية، رئيس «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات»، لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة القائمة «لجأت للقمع الممنهج، وطوعت وزارة الداخلية لخدمة سلطة الانقلاب»، على حد تعبيره. مؤكداً أن المسؤولية «يتحملها رأس السلطة قيس سعيد، ووزير داخليته توفيق شرف الدين... في عمليات الاختطاف العشوائي التي طالت عدداً من مناضلي الأحزاب الثلاثة، وذلك في إطار الاستهداف الممنهج لقياداتها ونوابها البرلمانيين».
من جهتها، أدانت حركة النهضة بشدة ما اعتبرته «منع المتظاهرين السلميين من التعبير بحرية عن آرائهم، والوصول إلى شارع الثورة من قبل قوات الأمن»، وأكدت استعمال الشرطة للهراوات وخراطيم المياه المضغوطة، والغاز المسيل للدموع «في محاولة لتخويف المتظاهرين وإرهابهم».
وأشادت «النهضة» بإصرار من سمتهم «حرائر تونس وأحرارها» على ممارسة حقوقهم وحرياتهم، وإظهارهم «صلابة غير مسبوقة في مواجهة قمع قوات الأمن، وكذبوا أمام العالم سردية الشعب مع الرئيس»، على حد تعبيرها.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة لا ترغب في الدخول في مواجهة مباشرة مع السلطة القائمة، لكنها تحاول في المقابل الاستفادة من التحركات، التي تخوضها عدة أحزاب سياسية يسارية، ومنظمات اجتماعية وحقوقية، باعتبارها تصب في مصلحتها السياسية، علماً بأن الحركة دأبت عن التعبير عن استعداداها للحوار مع كافة الأطراف الوطنية المناهضة لما اعتبرته «انقلاب» الرئاسة على المؤسسات، لكن جل الأحزاب لا تسعى إلى التحالف معها في الوقت الراهن، خاصة حزب العمال، الذي دعا إلى محاسبتها عن الفترات السابقة، وحملها مسؤولية تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية في تونس.
على صعيد متصل، أكدت تقارير إعلامية أن صحيفة ليبراسيون الفرنسية قدمت احتجاجاً رسمياً إلى سفير تونس في باريس، محمد كريم الجموسي، بحجة الاعتداء على مراسلها في تونس من قبل قوات الأمن التونسي، وطالبت بإعادة وثائق مراسلها على الفور، وفتح تحقيق مع المعتدين عليه.
وقالت الصحيفة ذاتها إن مراسلها في تونس، ماثيو غالتير، تعرض للضرب المبرح على أيدي عدد من ضباط الشرطة أثناء تغطيته لمظاهرة أول من أمس، وشددت إدارة الصحيفة على إدانتها الشديدة لهذا الاعتداء، موضحة أن مراسلها لم يقم بأي مخالفة، بل كان فقط يصور عملية اعتقال متظاهر بهاتفه المحمول، قبل أن يهاجمه شرطي يرتدي زياً نظامياً، رغم أن الصحافي الفرنسي أخبره بأنه صحافي، وبعد ذلك، قامت عناصر أخرى من الشرطة التونسية بسحب الصحافي بين شاحنتين. وأضافت إدارة ليبراسيون أن حالة الاستثناء التي تعيشها تونس «لا تبرر بأي حال من الأحوال تقييد حرية الصحافة، وحالات الإفلات من العقاب».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».