تركيا والأمم المتحدة تؤكدان أهمية الدعم الدولي لليبيا

ويليامز بحثت في أنقرة سبل المضي في العملية الانتخابية

مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
TT

تركيا والأمم المتحدة تؤكدان أهمية الدعم الدولي لليبيا

مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)
مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز (أ.ف.ب)

أكدت الأمم المتحدة وتركيا أهمية الدعم الإقليمي والدولي الشامل لليبيا، والبناء على ما تم إحرازه من تقدم في الحوار، وتعزيز روح التوافق بين مختلف الأطراف في هذا البلد.
وأجرت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، مباحثات مع نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، والمبعوث التركي الخاص إلى ليبيا جان ديزدار، تناولت التطورات في ليبيا.
وأكدت ويليامز في سلسلة تغريدات، عبر «تويتر» أمس، اتفاقها مع الجانب التركي، خلال مباحثاتها في أنقرة على أهمية وجود دعم إقليمي ودولي متماسك وشامل لليبيا، يقوم على البناء على التقدم المحرز في الحوار الليبي - الليبي.
وأضافت ويليامز أنها والجانب التركي شددا خلال المباحثات، التي عقدت في أنقرة ليل الجمعة/ السبت، على ضرورة تعزيز روح التوافق بين الأطراف الليبية من أجل الصالح العام للبلاد، مشيرة إلى أنه تم خلال المباحثات تبادل وجهات النظر حول التطورات السياسية في ليبيا، والعملية الانتخابية وسبل المضي قدماً.
وبدأت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز جولة انطلقت من تونس لتشمل تركيا ومصر، بهدف حلحلة الأزمة الليبية ودعم الانتخابات.
ووصفت تركيا الوضع في ليبيا بأنه حرج للغاية، معتبرة أن إجراء الانتخابات يعد من أهم سبل ضمان وحدتها. وطالبت في الوقت ذاته بالابتعاد عن مناقشة مسألة الشرعية في البلاد حتى إجرائها. كما شددت على استمرار دعمها لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن الوضع في ليبيا حرج للغاية. مشدداً على أن إجراء الانتخابات «من أهم الوسائل لضمان وحدة الدولة»، مشيراً إلى أن الغرب حدد موعداً لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن الليبيين قالوا إن الظروف في البلاد غير مناسبة، ونتيجة لذلك تم تأجيلها.
وشدد الوزير التركي، في تصريحات مؤخراً، على ضرورة عدم مناقشة الشرعية في البلاد حتى موعد الانتخابات واتخاذ الخطوات اللازمة.
وتدعم تركيا استمرار حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في إدارة شؤون البلاد إلى أن يتم إجراء الانتخابات. وتصر على بقائها العسكري في ليبيا، رافضة اعتباره وجوداً أجنبياً. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن بلاده «دعمت منذ البداية، وستواصل دعم العملية السياسية في ليبيا»، لافتاً إلى أن الانتخابات كانت إحدى خطوات ومراحل هذه العملية السياسية، وأن بلاده قدمت الاقتراحات اللازمة لإجرائها، لكن لأنها لم تناسب الظروف هناك، قرر الليبيون تأجيلها باتفاق فيما بينهم.
كما شدد كالين على أن مذكرتي التفاهم للتعاون العسكري والأمني، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، الموقعتين بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. ما زالتا ساريتي المفعول، وأنه رغم اعتراضات بعض الأطراف داخل ليبيا، أو بعض دول المنطقة، فإن لليبيين موقفاً واضحاً جداً، وإرادة حيال استمرارهما، واصفاً ذلك الموقف بـ«الأمر المرضي بالنسبة لتركيا»، ومؤكداً أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب الليبي والحكومة الشرعية (حكومة الدبيبة)، سواء من حيث الأمن أو دعم العملية السياسية، أو إعادة بناء ليبيا وتعزيز بنيتها التحتية.
وتحتفظ تركيا بقوات عسكرية وآلاف من المرتزقة السوريين في ليبيا، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة مع السراج، وترفض سحبها أو اعتبارها قوات أجنبية، رغم الضغوط الدولية لسحب جميع القوات والمرتزقة الأجانب من ليبيا.
وعبر كالين عن أمل بلاده في أن يتم الإعلان في أقرب وقت، وأمام الجميع، عن العملية السياسية الجديدة في ليبيا ضمن جدول زمني جديد، وخريطة طريق شفافة، دون التسبب في أي توتر أو صراع، قائلاً إنه «بغض النظر عن موعد وضع الجدول الزمني للانتخابات، وكيفية تخطيطه من قبل الليبيين، فإننا سنواصل الوقوف إلى جانبهم كفاعل داعم وميسر خلال تلك المرحلة».
وكانت تركيا قد دعت جميع الأطراف في ليبيا إلى التحرك بروح المسؤولية، عقب تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي كان مقرراً إجراؤها في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقالت الخارجية التركية، في بيان إن الانتخابات تعتبر منعطفاً مهماً في العملية الانتقالية في ليبيا، مشددة على ضرورة أن تكون الانتخابات عادلة ومستقلة، وأن تحظى بالاعتراف من قبل جميع الأطراف، وأن تمارس الحكومة التي ستنتخب صلاحياتها في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف البيان أنه «من أجل سلامة الشعب الليبي الشقيق ينبغي ألا يحدث فراغ في الشرعية والسلطة في البلاد، إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات، ونتوقع من جميع الأطراف الليبية أن تتحرك بروح المسؤولية والتحلي بالحكمة في هذا الإطار».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.