نقص التمويل يقلص مساعدات الأمم المتحدة عن 8 ملايين يمني

TT

نقص التمويل يقلص مساعدات الأمم المتحدة عن 8 ملايين يمني

قلص برنامج الغذاء العالمي ابتداء من الشهر الحالي الحصص الغذائية عن ثمانية ملايين يمني من أصل 13 مليون شخص كانوا يحصلون على حصص غذائية شهرية بسبب نقص التمويل، فيما يواجه خمسة ملايين آخرين خطر المجاعة مع استمرار ميليشيات الحوثي في تصعيد المواجهات في مختلف الجبهات ونزوح أكثر من 150 ألف فرد خلال العام المنصرم.
وبحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن فإنه وابتداء من يناير (كانون الثاني) الحالي سيحصل ثمانية ملايين على حصص غذائية مخفضة، من أصل 13 مليون شخص كانوا يحصلون على حصص غذائية شهرية، بينما هناك خمسة ملايين معرضون لخطر الانزلاق في ظروف المجاعة سيتم الإبقاء على حصصهم الغذائية كاملة.
وأعاد المكتب الأممي ذلك إلى نفاد الأموال لمواصلة تقديم المساعدة الغذائية، قائلا إن 2.9 مليون شخص حصلوا خلال العام الماضي على مساعدات غذائية مخفضة، بينما حصل ثمانية ملايين على حصص غذائية كاملة.
ووفق التقرير فإن التخفيضات تأتي في أسوأ وقت ممكن للعائلات التي تعتمد على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة. حيث ارتفع في الأشهر الثلاثة الماضية الاستهلاك الغذائي غير الكافي - أحد مقاييس الجوع التي يتتبعها برنامج الأغذية العالمي - بسرعة ليؤثر على نصف جميع الأسر حيث أدى انخفاض قيمة العملة والتضخم المفرط إلى انهيار قيمة العملة المحلية. وتضاعفت أسعار المواد الغذائية في معظم أنحاء البلاد في العام نفسه. وفي الوقت نفسه، يستمر القتال في جبهات متعددة.
التقرير نقل عن برنامج الغذاء العالمي القول «في كل مرة نقوم بتقليل كمية الطعام، نعلم أن المزيد من الأشخاص الذين يعانون بالفعل من الجوع ويعانون من انعدام الأمن الغذائي سينضمون إلى صفوف الملايين الذين يعانون من الجوع».
كما نقل عن كورين فلايشر، المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قولها «إن الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير يائسة وعلينا أن نوسع مواردنا المحدودة وأن نعطي الأولوية، مع التركيز على الأشخاص الذين هم في أشد الحالات خطورة».
وأكدت المسؤولة الأممية أنه مع دخول تخفيض المساعدات الغذائية حيز التنفيذ من هذا الشهر ستتلقى العائلات بالكاد نصف الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية اليومية. وأنه مع وجود تمويل جديد، سيكون من الممكن تجنب إجراء تخفيضات أكثر حدة في القريب العاجل. إذ قد يؤدي هذا إلى قطع الناس عن برامج المساعدة الغذائية تمامًا. وقد يتم أيضًا تقليل علاج سوء التغذية والتغذية المدرسية للأطفال.
ووفق فلايشر: «فإن الشعب اليمني الآن أكثر ضعفاً من أي وقت مضى ، ويعاني من الصراع المستمر والأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي دفعت الملايين إلى الفقر»، «وإن مخزون الغذاء التابع لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن ينخفض بشكل خطير في وقت تستنفد فيه ميزانيات الأزمات الإنسانية حول العالم إلى أقصى حد».
بيانات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من نصف سكان اليمن، أي 16.2 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد، ونصف الأطفال دون سن الخامسة (2.3 مليون) معرضون لخطر الإصابة، وتشير إلى أنه مع نهاية الشهر الماضي ظل اليمن أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج حوالي 20.7 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية. كما تفاقم الوضع، الناجم بشكل أساسي عن الصراع والانهيار الاقتصادي، وبسبب جائحة كورونا والأمطار الغزيرة والفيضانات وتصاعد الأعمال العدائية.
وتؤكد البيانات الأممية، أنه رغم النقص الحاد في التمويل وبيئة العمل الصعبة، واصلت 195 منظمة إنسانية تقديم المساعدات إلى ما متوسطه 11.3 مليون شخص شهريًا.
وفيما يخص سوء التغذية، يقول برنامج الأغذية العالمي إنه يحتاج إلى 813 مليون دولار أمريكي لمواصلة مساعدة الفئات الأكثر ضعفاً حتى شهر مايو (أيار) القادم كما يحتاج إلى 1.97 مليار دولار أميركي لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية الحيوية للأسر التي على شفا المجاعة. فيما تجري وكالات الإغاثة حاليًا تقييمات للاحتياجات على مستوى الدولة لفهم الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا على أن توفر النتائج معلومات قيمة لاتخاذ القرارات على المستوى الاستراتيجي، بما في ذلك متطلبات التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022.


مقالات ذات صلة

مقتل أكثر من 12300 مدني منذ بدء الحرب في أوكرانيا

أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة تشيرنيف الأوكرانية (رويترز)

مقتل أكثر من 12300 مدني منذ بدء الحرب في أوكرانيا

قالت مسؤولة في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، إن أكثر من 12300 مدني قُتلوا في الحرب الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتّحدة)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.

الولايات المتحدة​ السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)

أميركا تتهم روسيا بتمويل طرفَي الحرب في السودان

اتهمت الولايات المتحدة، روسيا، بتمويل الطرفين المتحاربين في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.