خطوات واجبة لإنقاذ أفغانستان

خطوات واجبة لإنقاذ أفغانستان
TT

خطوات واجبة لإنقاذ أفغانستان

خطوات واجبة لإنقاذ أفغانستان


أفغانستان في حالة سقوط حر. فمنذ سيطرة «طالبان» على السلطة في أفغانستان، انهار الاقتصاد وانسحق الناس في الانهيار.
نضبت السيولة النقدية للمعاملات الأساسية، والعملة الأفغانية آخذة في التراجع، والتجارة تتهاوى بسبب انعدام الثقة بالقطاع المالي. ومن المتوقع أن يضيع 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في غضون عام، مصحوباً بفقر عالمي مدقع.
العاملون في المجال الإنساني في سباق مع الزمن لمساعدة العائلات الأفغانية خلال فترة الشتاء القارس. وما يشهدونه ينذر بالخطر: فنحو 23 مليون شخص يواجهون الجوع، والمرافق الصحية تفيض بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ونحو 70 في المائة من المعلّمين لا يتقاضون رواتبهم، في وقت بات فيه ملايين الأطفال - الذين يمثّلون مستقبل أفغانستان - خارج المدرسة.
المساعدات الطارئة التي يتمّ تسليمها أمر حيوي، لكنها ليست بالكافية. ولن يكون من الممكن الحد من الموت في أفغانستان هذا الشتاء من دون دعم دولي صلب للحفاظ على الوظائف الاجتماعية التي لا غنى عنها في الدولة، ومن دون ضخ السيولة في الاقتصاد.
يمكن تقديم الدعم على أسس إنسانية بحتة، ومن دون الإخلال بالأهداف الدولية الأخرى المتمثلة في الإبقاء على العقوبات المحدّدة الهدف وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. ولا بد من التمييز بين «طالبان» والدولة الأفغانية، فهما ليستا الشيء نفسه.
أفغانستان بلد تمّ دعمه تاريخياً بالمساعدات الخارجية. لكن المواقف السياسية ازدادت تشدداً ضد حكّام الأمر الواقع الجدد في كابل. فقد تم إغلاق قنوات الدعم السابقة، وهو ما أثّر على العاملين الرئيسيين في القطاع العام، كالأطباء والممرضات والمعلمين، الذين لم تُدفع رواتبهم منذ شهور. ولا تملك المرافق الصحية القدرة على دفع ثمن الوقود لتشغيل المولدات أو سيارات الإسعاف. إن تأمين الخدمات الأساسية آخذ في الانهيار، وأصبح الأشخاص الذين يعتمدون على هذه الخدمات ضحايا عن غير قصد.
تتفاقم الأزمة الحالية منذ عقود، وازدادت حدّة بسبب أسوأ موجة جفاف شهدها البلد خلال 20 عاماً. وفي عام 2022، سيعتمد ثلثا السكان على المساعدات الغذائية، ومن دون مستوى أعلى من الدعم الدولي سيتعرض مزيد من الأطفال لمستويات عالية من سوء التغذية. ومع عدم توفّر عيادات للرعاية الصحية، سيموت مزيد من النساء أثناء الولادة. وهذا الشتاء، ستواجه العائلات صقيعاً حاداً من دون توفّر كهرباء أو مياه نظيفة.
في النهاية، قد يفقد الأفغان كل أمل ويتركون البلد، ما يؤدي إلى موجات هجرة لا يمكن السيطرة عليها ولا يريدها أحد باستثناء المتاجرين بالبشر. ولتغيير هذا الاحتمال القاتم، لا بد من التحرّك بشكل طارئ.
أولاً، على المانحين الاستمرار في العطاء بسخاء للاستجابة الإنسانية المنقذة للحياة، كما فعلوا منذ أغسطس (آب). وهذا العام، تعد الخطة الإنسانية لأفغانستان أكبر نداء قطري على الإطلاق، وتصل قيمته إلى 4.44 مليار دولار أميركي. وتهدف وكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني إلى تأمين الغذاء والماء والرعاية الصحية والحماية والمأوى والتعليم وأشكال أخرى من الدعم الحيوي إلى 22 مليون شخص. وتعتمد هذه الخطة على دعم المانحين.
إننا نرحّب بقرار الصندوق الائتماني لإعادة إعمار أفغانستان التابع للبنك الدولي بتحويل 280 مليون دولار إلى «اليونيسيف» وبرنامج الغذاء العالمي. ويجب أن تتبع هذه الخطوة إعادة برمجة الصندوق بالكامل لدعم الشعب الأفغاني هذا الشتاء.
كما نرحب بتبني مجلس الأمن استثناءً إنسانياً في نظام عقوبات الأمم المتحدة على أفغانستان. ومن شأن هذا أن يعطي ضمانات قانونية للمؤسسات المالية والجهات التجارية الفاعلة بأنها لا تنتهك العقوبات عندما تتعامل مع العاملين في المجال الإنساني.
ثانياً، يجب أن يكون هناك قدر أكبر من المرونة في وجهات استخدام تمويل المانحين، بما في ذلك رواتب العاملين في القطاع العام، ودعم الهيكليات التي تقدم الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، والمساعدة لدعم سبل عيش المواطنين. وسيوفر هذا حافزاً للأشخاص للبقاء في أفغانستان وتخيل مستقبل لعائلاتهم في بلدهم.

من المهم أن نكون واضحين بأنّ دعم هذه الهيكليات لا يعني تمويل كوادر «طالبان». فالإدارة العامة في أفغانستان يديرها موظّفو القطاع العام، وكانوا جميعهم تقريباً في تلك الوظائف قبل سيطرة «طالبان» على السلطة. والهيكليات القائمة ضرورية ولا يمكن استمرارها بشكل فعّال أو استبدال برامج إنسانية بها. فالإغاثة هي إجراء ضروري لسد الفجوة لإنقاذ الأرواح من حين لآخر، لكن الأزمة في أفغانستان تتجاوز بالفعل الأبعاد الإنسانية.
ثالثاً، تحتاج المشاركة الدولية إلى إقامة حوار مدروس بعناية مع سلطات الأمر الواقع الأفغانية. ويمكن أن يشمل ذلك تخفيض بعض العقوبات الاقتصادية أو التخفيف منها، أو إعادة إدخال تدريجية للمساعدة الإنمائية طويلة الأجل، استجابة للتقدّم المحرز في القضايا ذات الاهتمام الدولي مثل حقوق النساء والفتيات.
إنّ الانخراط الدولي الحالي في أفغانستان لا يفي بالغرض. إذ ينتظر العالم أن تحرز «طالبان» تقدّماً في سلسلة من المعايير الدولية دون تحديد واضح لما هو متوقّع. ومن ناحية أخرى، فإن «طالبان» إما غير راغبة في تلبية هذه التوقّعات أو أنّ أهداف التوقّعات غير واضحة لها.
ويعد «نهج العمل كالمعتاد» وصفة افتراضية للفشل الدولي. وبدلاً من ذلك، تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية أن يكون أكثر حسماً وتطلّباً وانخراطاً مما هو عليه حالياً في عملية دبلوماسية حذرة.
اللحظة التي نمر بها هي لحظة حاسمة استثنائية لشعب أفغانستان. ولدينا امتياز التحذير المسبق من المصير الذي ينتظر هذا الشعب إن لم نتحرك. وتقع علينا مسؤولية بسبب التحذير المسبق، علماً بأننا إن لم نتصرف بشكل عاجل وبإرادة جماعية، فسيكون الثمن عسيراً.
لا يمكننا أن نفشل في القيام بما نعلم أنه صواب، وما ندرك أنه ممكن.

 



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.