القضاء المصري يحسم اليوم مصير مرسي

محاميه لـ {الشرق الأوسط} : سير الدعوى يرجح رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة

القضاء المصري يحسم اليوم مصير مرسي
TT

القضاء المصري يحسم اليوم مصير مرسي

القضاء المصري يحسم اليوم مصير مرسي

يحسم القضاء المصري اليوم (الثلاثاء) مصير الرئيس الأسبق محمد مرسي، عندما يصدر بشأنه أول حكم قضائي منذ عزله قبل نحو عامين، وذلك في القضية المعروفة إعلاميا بـ«أحداث قصر الاتحادية». وتوقع عبد المنعم عبد المقصود، عضو هيئة الدفاع عن الرئيس الأسبق، أن ترفض المحكمة دفع مرسي بعدم اختصاصها، حيث ما زال يصر على أنه الرئيس الشرعي للبلاد، فيما استنفرت الجماعة أنصارها للتظاهر بالتزامن مع النطق بالحكم.
وقال عبد المقصود لـ«الشرق الأوسط»: «بات مستبعدا أن تأخذ المحكمة بذلك.. أتوقع أن يصدر حكم يشمل مرسي وكل المتهمين في القضية». وعزل مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، مطلع يوليو (تموز) 2013، إثر احتجاجات شعبية عارمة ضد حكمه، الذي استمر عاما واحدا فقط. ويتهم في قضية الاتحادية، مع 14 آخرين من قيادات وأعضاء الجماعة، بارتكاب جرائم قتل والشروع في قتل متظاهرين سلميين احتجوا على إصداره إعلانا دستوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 يحصن قراراته.
وبينما توقعت مصادر إخوانية صدور حكم مشدد ضد مرسي وأعوانه. دعت جماعة الإخوان أنصارها إلى ما وصفته بـ«حراك ثوري شامل في كل شوارع مصر لا يتوقف» بداية من اليوم (الثلاثاء)، دفاعا من أجل «استعادة شرعيتهم».
وسبق أن صدرت أحكام بالإعدام والسجن بحق المئات من قيادات وأنصار الجماعة، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، الذي نال حكمين بالإعدام حتى الآن جاري استئنافهما حاليا. وأمس قضت محكمة مصرية بإعدام 22 من أنصار الجماعة بعد إدانتهم بالهجوم على قسم شرطة في الجيزة.
وقال عضو هيئة الدفاع عن مرسي ومتهمي جماعة الإخوان إنه «اعتاد صدور أحكام الإدانة ضد كل المتهمين الإخوان في كل القضايا التي تنظر حاليا، وبالتالي لن يكون جديدا أن يحكم على مرسي بالإعدام أو السجن المشدد».
وتعود وقائع قضية الاتحادية إلى الخامس من ديسمبر (كانون الأول) عام 2012، عندما هاجم أنصار مرسي اعتصامًا لمتظاهرين بمحيط قصر الاتحادية (شرق القاهرة)، احتجاجًا على إعلان دستوري أصدره مرسي في 22 نوفمبر من نفس العام.
وأسفرت محاولة فض الاعتصام عن مقتل 10 أشخاص من أبرزهم الصحافي الحسيني أبو ضيف، وإصابة 57 آخرين بإصابات متنوعة نتيجة احتجازهم بطريقة غير قانونية على يد أنصار مرسي. كما تسببت الأحداث في وقوع مصادمات دامية بين أنصار مرسي ومعارضيه في جميع أنحاء البلاد.
وتضم لائحة المتهمين، إلى جانب مرسي، كلا من (أسعد الشيخه نائب رئيس ديوانه، وأحمد عبد العاطي مدير مكتبه الرئاسي، وأيمن عبد الرؤوف هدهد مستشاره الأمني، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، وجمال صابر، وعلاء حمزة، ورضا الصاوي، وعبد الحكيم إسماعيل). إضافة إلى 5 متهمين هاربين خارج البلاد هم (هاني توفيق، ولملوم مكاوي، وأحمد المغير، وعبد الرحمن عز الدين، ووجدي غنيم).
وكشفت تحقيقات النيابة أن مرسي طلب من قائد الحرس الجمهوري حينها ووزير الداخلية الأسبق عدة مرات فض الاعتصام، غير أنهما رفضا تنفيذ ذلك، مما دعا المتهمين إلى استدعاء أنصارهم لفض الاعتصام بالقوة. وأشارت التحقيقات إلى أن بعض المتهمين حرضوا علنا في وسائل الإعلام على فض الاعتصام بالقوة. وجاء في الأدلة أن المتهمين وأنصارهم هاجموا المعتصمين واقتلعوا خيامهم وأحرقوها وحملوا أسلحة نارية محملة بالذخائر وأطلقوها صوب المتظاهرين. وأسندت النيابة العامة لمرسي تهم تحريض أنصاره ومساعديه على ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار، واستخدام العنف والبلطجة وفرض السطوة، وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء، والقبض على المتظاهرين السلميين واحتجازهم دون وجه حق وتعذيبهم.
بدأت المحكمة نظر القضية في 4 نوفمبر 2013، برئاسة المستشار أحمد صبري يوسف، واستمرت في نظرها على مدار 51 جلسة. ويعرف المستشار يوسف بالحسم والقوة والسيطرة على الجلسات، ويعتبر نطقه بالحكم هو آخر ما يربطه بالقضاء لبلوغه سن المعاش.
وقال عبد المقصود إن «أعضاء هيئة الدفاع عن مرسي دفعوا منذ أول جلسة بعدم ولاية المحكمة عليه كونه لا يزال رئيسا للجمهورية وله إجراءات خاصة لمحاكمته» وفق تعبيره. لكن المحكمة أصرت على مناقشة الاتهامات الموجهة ضده وانتدبت من جانبها محاميا آخر من قبل نقابة المحامين يدعى السيد حامد للدفاع عنه. وسبق أن صرح حامد بأنه «حضر جميع جلسات المحاكمة ودافع عن مرسي بكامل طاقته والتمس من المحكمة براءته».
واستنكر محامي الإخوان منعه وجميع هيئة الدفاع من لقاء المتهمين إلا نادرا، مشيرا إلى أن ما يتعرضون له هم وموكلوهم من مضايقات، تعد حيثيات كافية للطعن ضدها إذا ما صدر حكم ضدهم.
من جهتها، دعت جماعة الإخوان، المصنفة كتنظيم إرهابي، الشعب المصري إلى «حراك ثوري شامل في كل شوارع مصر لا يتوقف، بداية من الثلاثاء، دفاعا عن إرادتهم المسلوبة، واستعادة شرعيتهم»، على حد قولهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.