اشتباك سياسي في لبنان بين حاكم «المركزي» و«التيار العوني»

سلامة رفض المثول أمام القاضية عون وطلب كف يدها

رياض سلامة (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)
TT

اشتباك سياسي في لبنان بين حاكم «المركزي» و«التيار العوني»

رياض سلامة (رويترز)
رياض سلامة (رويترز)

للمرة الأولى، يخرج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عن صمته، ويتهم الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ميشال عون، من دون أن يسميه، بالوقوف وراء تحريك الدعاوى القضائية ضده، وتشويه سمعته في لبنان والخارج، من خلال استدعائه بشكل دائم من قبل المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، المحسوبة على الرئيس عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
ورفض سلامة المثول أمام القاضية عون، التي استدعته إلى جلسة تحقيق كانت مقررة أول من أمس الخميس، لاستجوابه في الدعوى الجديدة المقامة ضده من قبل الدائرة القانونية لمجموعة «الشعب يريد إصلاح النظام»، التي اتهمته بـ«اختلاس الأموال العامة والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال»، ما دفع القاضية المذكورة إلى استدعائه مجدداً إلى جلسة تحقيق يوم الثلاثاء المقبل، ووعدت باتخاذ إجراءات قانونية بحقه في حال امتنع عن المثول أمامها.
ويلاحق سلامة في ثلاث دعاوى أخرى عالقة أمام قضاة التحقيق في جبل لبنان، وكلها تأسست بادعاءات من القاضية عون، إلا أن مصادر في النيابة العامة في جبل لبنان نفت وجود أي خلفية سياسية وراء استدعاء سلامة للتحقيق، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «النائب العام الاستئنافي، سواء كان غادة عون أو غيرها لا يمكنه تجاهل دعاوى تقدم أمامه، إذا تضمنت أدلة ومستندات». وشدد على أن الدعاوى التي تقدم ضد سلامة «ستخضع للتحقيق، فإذا دافع عن نفسه ودحض الاتهامات بالوثائق، تحفظ القضية وتتوقف الملاحقة، أما إذا عجز عن دحضها، لا بد من اتخاذ الإجراء الذي يقتضيه القانون»، معتبراً أن «الزعم بوجود استهداف سياسي لشخص حاكم مصرف لبنان لا قيمة له، والواثق من براءته لا يدافع عن نفسه بالتهرب من التحقيق والإدلاء بتصريحات بعيدة عن الحقيقة والواقع».
وفيما تعذر الاتصال بالوكيل القانوني لحاكم مصرف لبنان، والتثبت مما إذا كان سلامة سيمثل في جلسة الأسبوع المقبل، رفض «التيار الوطني الحر» تحميله مسؤولية الملاحقات القضائية لسلامة. وقال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام لـ«الشرق الأوسط»، «نحن لا نتدخل بعمل القضاء، ولا نقبل التدخل به أو الضغط على أي قاض بالملفات التي يحقق بها، نحن من ينادي دائماً باستقلالية السلطة القضائية، كونها المرجع الصالح للبت بالنزاعات». وذكر درغام أن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، «عندما استدعي للإدلاء بإفادته أمام النائب العام المالي (القاضي علي إبراهيم) في أحد الملفات، لم يتردد للحظة، انطلاقاً من إيمانه بدور القضاء»، معتبراً أن «اتهام التيار بالتحريض عليه لا يستأهل الرد». ورأى أن «الواثق من نظافة كفه يذهب إلى القضاء ويدافع عن نفسه ويترك العدالة تأخذ مجراها».
وعلى أثر قرار القاضية عون، سارع سلامة يوم الخميس إلى إصدار بيان عالي النبرة، أعلن فيه أنه قدم دعوى أمام محكمة الاستئناف في جبل لبنان لكف يد القاضية عون عن التحقيق بأي ملف يتعلق به «بسبب الانتقائية التي تعتمدها». وأشار إلى أن هذه القاضية «رفضت أن ترفع يدها عن هذه القضية رغم تبلغها دعوى كف يدها». وقال حاكم مصرف لبنان، «إنني أحترم القانون وأظهرت ذلك في مراحل سابقة من خلال مثولي تكراراً أمام القضاة رغم قناعتي بعدم أحقية الدعاوى المقامة ضدي، التي لها هدف واحد هو استغلالها إعلامياً ضمن عملية تشويه صورتي أمام الرأي العام في لبنان والخارج».
وأعطى سلامة أمثلة كيف أن القاضية عون تستهدفه، فأوضح أنها «تواظب على نشر تغريدات عبر (تويتر)، وقد أبدت فيها استعدادها للإدلاء بشهادتها وتقديم مستندات قانونية لدى السلطات القضائية في ليشتينشتاين برفقة المحامي وديع عقل (القيادي في التيار الوطني الحر)». وأضاف حاكم البنك المركزي اللبناني: «بحسب القواعد القانونية لا يمكن لقاض أن يكون خصماً وحكماً في آن»، مؤكداً أن «أسباباً سياسية تقف وراء كل هذه الدعاوى، وهي تستغل القضاء ضده من عام 2016 (أي منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية) وهي مستمرة حتى الآن».
واستدعى بيان سلامة العالي النبرة، رداً سريعاً من القاضية عون، التي ذكرته بأن «الواثق من براءته لا يحتاج للتذرع بكل هذه الدفوع». وسألت في بيانها: «إذا كان سلامة لا يعرف مضمون الوقائع التي سنسأله عنها، كيف استنتج أنني أعطيت رأياً مسبقاً في هذه الدعوى؟». ونصحته بـ«الخضوع للقانون طالما أنه مقتنع ببراءته».



الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.