مطالبة نيابية بعزل حكومة الدبيبة... وصالح يدعو لجلسة رسمية

نقاش أميركي ـ روسي حول كيفية استعادة زخم الانتخابات الليبية

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة مرتدياً «الجرد» خلال تفقده «دار الوفاء لرعاية العجرة» (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة مرتدياً «الجرد» خلال تفقده «دار الوفاء لرعاية العجرة» (المكتب الإعلامي للحكومة)
TT

مطالبة نيابية بعزل حكومة الدبيبة... وصالح يدعو لجلسة رسمية

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة مرتدياً «الجرد» خلال تفقده «دار الوفاء لرعاية العجرة» (المكتب الإعلامي للحكومة)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة مرتدياً «الجرد» خلال تفقده «دار الوفاء لرعاية العجرة» (المكتب الإعلامي للحكومة)

أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي «تبرؤهم» من حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مطالبين بعزله واختيار شخصية جديدة لتشكيل حكومة «تكنوقراط» ذات مهام محدودة، في وقت دعا رئيسهم المستشار عقيلة صالح، النواب إلى جلسة رسمية بعد غد في مدينة طبرق بشرق البلاد.
ويأتي هذا المطلب، الذي تبناه 15 نائباً، وسط حرص الدبيبة على توسيع جولاته الداخلية، لتفقد مشاريع أو مستشفيات أو مصحات لرعاية المسنين. وطالب النواب الموقّعون على البيان، رئيس المجلس، بتضمين بند اختيار رئيس حكومة جديد لجدول أعمال الجلسات المقبلة لتشكيل حكومة «تكنوقراط» مختصرة ذات مهام محددة، معلنين تبرؤهم من حكومة الدبيبة، وقالوا: «لا نتحمل مسؤولية عبث الحكومة و(فسادها) خصوصاً بعد تاريخ سحب الثقة منها».
وصعّد النواب من نبرتهم، متمسكين بإيقاف الحكومة عن العمل، والتحقيق معها من قِبل النائب العام في «جميع الجرائم والمخالف القانونية وشبهات الفساد المثارة عبر وسائل الإعلام». وذهب النواب، ومنهم طلال الميهوب وطارق الجروشي، إلى أن الحكومة البديلة سيناط بها مهام محددة، من بينها «الترتيبات الأمنية لرفع حالة (القوة القاهرة)، وتوحيد المؤسسات ورفع المعاناة عن كاهل الشعب ووقف الفساد لتهيئة الساحة الليبية للانتخابات في أسرع وقت ممكن».
ودفعت مصادر برلمانية، رُفض الكشف عن هويتها، باسم المرشح للرئاسة السفير عارف النايض، لتشكيل حكومة مصغرة، إلى جانب مشاركة بعض المرشحين الرئاسيين الذين سبق والتقوا في بنغازي، المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». ومن دون تحديد جدول أعمال الجلسة المقبلة، دعا صالح أعضاء المجلس إلى عقد جلسة رسمية بعد غد (الاثنين) في طبرق، وفق المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، سحب مجلس النواب الثقة من الحكومة بأغلبية أصوات 89 نائباً من أصل 113، لكن المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، أمر الحكومة بالاستمرار في عملها.
وعلى المسار الانتخابي، أعلن مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، أنه التقى في تونس، القائم بأعمال السفارة الروسية في ليبيا جمشيد بولتايف، مساء أول من أمس. ومن دون مزيد من التفاصيل، قال نورلاند عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، إن اللقاء هدف إلى «مقارنة الملاحظات حول آفاق استعادة زخم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا بقيادة ليبية وتيسير أممي».
وأمام دعوات تطالب بإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، قال المرشح المحتمل لـ«الرئاسية» رئيس حزب «التجديد» سليمان البيوضي، في تصريح صحافي، إن من يسعى باتجاه هذا المسار، «يحاول تدمير العملية برمّتها، وغالباً ما تجده منحازاً لاستمرار الحكومة»، متابعاً: «ومن يريد فرض الانتخابات عليه الخروج للشارع والتظاهر لفرض إرادته بعيداً عن الأجندات وأتباع الأجنبي». وأمام تفاعل الأوساط السياسية في ليبيا مع الموعد الذي ضربته المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، لإجراء الاستحقاق الانتخابي في شهر يونيو (حزيران) المقبل، رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن هناك «عناصر إيجابية تتحقق لأول مرة منذ عدة سنوات في ليبيا».
وقال غوتيريش، خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أول من أمس، إن «أعضاء مجلس النواب، الذين يمثلون أنحاء ليبيا كافة، اجتمعوا وأسسوا لجنة لوضع خريطة طريق»، متعهداً بالعمل مع المجلس للتأكد أن هذه الخريطة «ستسمح بعقد الانتخابات بأسرع وقت ممكن»، و«لأنني أعتقد أنه من المهم إقامة مؤسسات شرعية في البلاد».
بدوره، تغاضى الدبيبة عن المطالبة بإقالة حكومته، وتفقد أمس، عقب أدائه صلاة الجمعة، «دار الوفاء لرعاية العجرة والمسنين» بعد اكتمال أعمال المرحلة الأولى من صيانها وإعادة تأهيلها، وهي الصيانة الأولى للدار منذ ما يزيد على العقدين، حسب مكتبه الإعلامي. واستمع الدبيبة، الذي جالس كبار السن، إلى انطباعات وملاحظات نزلاء وموظفي الدار عن أعمال التطوير التي تشهدها.
واستبق الدبيبة تفقد «دار الوفاء» بزيارة لمشروع مصنع إسمنت بمدينة نالوت، أول من أمس. كما توجه إلى معبر وازن الحدودي مع تونس، واطّلع برفقة وزير الداخلية اللواء خالد مازن، وعدد من المسؤولين، على سير العمل والإجراءات المتخذة من العناصر الجمركية والأمنية لضبط الحدود وتسهيل حركة البضائع والمسافرين بين البلدين.
في شأن آخر، تحدثت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، عن الأوضاع في ليبيا خلال عام 2021، بدايةً من اختيار حكومة «الوحدة الوطنية»، حتى فشل إجراء الاستحقاق الانتخابي، الذي كان مقرراً قبل نهاية العام، مشيرة إلى أن ليبيا ما زالت بلا دستور دائم، وفيها فقط «الاتفاق التأسيسي» لسنة 2011 ساري المفعول. إلى جانب وجود مسودّة دستور اقترحتها «هيئة صياغة الدستور» في يوليو (تموز) 2017، لكنها لم تُعرض للاستفتاء الشعبي. وأضافت المنظمة في تقرير لها أمس، أن «الغرفة الدستورية ظلت في المحكمة العليا مغلقة من عام 2014 بسبب النزاع المسلح، ما تسبب في غياب المحكمة الدستورية لمراجعة وإلغاء التشريعات التي تُعد غير دستورية، بما فيها المتعلقة بالانتخابات».
ونوّهت المنظمة إلى أن «نظام العدالة الجنائية الليبي ظل معطّلاً في بعض المناطق بسبب سنوات من الاقتتال والانقسام السياسي»، فضلاً عن أن المحاكم الليبية «في وضع مقيّد لا يسمح لها بحل نزاعات الانتخابات، بما في ذلك التسجيل والنتائج».
وأشارت إلى أنه «جرت ملاحقات ومحاكمات للمواطنين، واستمرت المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، فيما ظل القضاة والمدعون العامون والمحامون عرضة لمضايقات وهجمات الجماعات المسلحة».



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.