ليال راجحة لـ «الشرق الأوسط»: يجب إعطاء الفرص للوجوه الجديدة

تدخل للمرة الأولى عالم الدراما من خلال «عالحد»

راجحة مع الممثلة السورية سلافة معمار خلال تصوير المسلسل
راجحة مع الممثلة السورية سلافة معمار خلال تصوير المسلسل
TT

ليال راجحة لـ «الشرق الأوسط»: يجب إعطاء الفرص للوجوه الجديدة

راجحة مع الممثلة السورية سلافة معمار خلال تصوير المسلسل
راجحة مع الممثلة السورية سلافة معمار خلال تصوير المسلسل

تدخل المخرجة اللبنانية ليال راجحة لأول مرة عالم الدراما من خلال مسلسل «عالحد» الذي يعرض حالياً على منصة «شاهد». فتقدم من خلاله طاقة إخراجية خارجة عن المألوف، وتعتمد على كاميرا حرة غير تقليدية بحيث أخذت المشاهد في رحلة سينمائية عبر الشاشة الصغيرة.
«عالحد» مسلسل اجتماعي بوليسي، وهو من بطولة سلافة معمار وصباح الجزائري ورودريغ سليمان وعلي منيمنة ومروى خليل وغيرهم من الوجوه التمثيلية الشابة والجديدة. تقول راجحة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أصررت على تلوين العمل بوجوه جديدة. هؤلاء يملكون ركيزة دراسية كبيرة وطاقة لافتة، وباستطاعتهم أن يأخذوا العمل إلى مستوى آخر نحتاجه في الدراما اليوم. وبرأيي أن طلاب الجامعة اللبنانية قسم التمثيل والإخراج يستحقون إعطاءهم الفرص».
ليال التي تدور كاميرتها في أجواء غامضة حيناً وبحركة غير مقيدة بكادر أو ضوء حيناً آخر، يجذبها هذا النوع من النصوص الذي يتألف منه «عالحد». «في الماضي القريب لم أكن متحمسة لدخول عالم الدراما لأسباب كثيرة. عدم توفر الشروط المواتية تزيد هذا العمل صعوبة. كما أنني كنت أرفض القيام بأي خطوة ناقصة لا تضيف إلى مشواري. ولكن بعد اجتماعي مع المنتج صادق الصباح ومدير الإنتاج زياد الخطيب، غيرت رأي. فما طلبوه مني كان بمثابة الهدف الذي أرغب في تحقيقه، وهو نقل السينما إلى الشاشة الصغيرة. فاعتبرت (عالحد) فيلماً سينمائياً طويلاً يوفر لي المساحة والفرصة اللتين أنشدهما لولوجي عالم الدراما».
نجحت ليال راجحة وضمن خطة إخراجية تعتمدها في «عالحد» أن تدخل عالم الدراما من بابه الواسع. رؤيتها الإخراجية مثقلة بتجارب سبق وخزنتها من عملها في كليبات غنائية، وكذلك في أفلام سينمائية. فـ«حبة لولو» الذي عرض في صالات السينما عام 2013 حصد نجاحاً واسعاً، وكذلك فيلم «شي يوم رح فل». وبرزت مقدرتها الإخراجية في «عالحد» من خلال عينها الثاقبة وكاميرتها العبثية التي نفخت فيها نبض الإنسان بلحم ودم. فنسي المشاهد معها أنه يحضر عملاً عبر الشاشة، بل شعر مرات وكأنه يشارك في كادراته. فهي عرفت كيف تمسك بزمام اللعبة إلى أقصى حد، متجاوزة بذلك خطوط الإخراج التقليدي.
في الفترة التحضيرية للمسلسل دأبت ليال على البحث كي تطور أفكارها تجاهه «حتى قبل العمل كنت أستعد وأتحضر. فعلى المخرج أن يبقى متيقظاً لأي جديد يطرأ على مهنته. ولذلك عليه أن يستمر في التعلم والاطلاع، وهو ما يتحول إلى نضج عنده».
وعما لفتها في نص «عالحد» تقول: «أحب هذا النوع من النصوص الذي يعتمد على الغموض وموضوعات مولودة من رحم الشارع. كما تجذبني الحالات الذهنية والعقلية المرتبطة بحالات نفسية. وجدت كل هذه العناصر في نص (عالحد) واستمتعت كثيراً بالعمل». كتب «عالحد» كل من لبنى حداد ولانا الجندي ويتألف من 12 حلقة. وهو يحكي قصة امرأة سورية صيدلانية تدعى ليلى (سلافة معمار)، تعيش حياة غير مستقرة بعد مرور ثماني سنوات على اختفاء زوجها. وتأخذها الأيام إلى مواقف وتجارب لم تكن تتوقعها. تكتشف أسراراً في حياتها، وهو ما يبدل من مجراها.
وعما لفتها بالممثلة السورية سلافة معمار تقول: «إنها إنسانة محترمة جداً ومتواضعة رغم النجومية التي تتمتع بها. وهي على فكرة تحترم الممثل الذي يشاركها المشهد بحيث لا تحاول تفشيله، أو تهميشه ممارسة التعالي على أدائها».
وترى راجحة أن العمل مع ممثل نجم يسهل من عمل المخرج. «إنه من دون شك يملك خبرة كبيرة تنعكس لاشعورياً على أدائه، وكيفية تلقفه التوجيهات من المخرج بسهولة. وسلافة معمار بالذات ومن خلال تعاوني معها، تتفاعل بسرعة. فهي تصغي جيداً إلى أي توجيه وملاحظة، تعيش الدور وتعبئ الطاقة المطلوبة لترجمته».
«عالحد» تعني وصول قدرة التحمل إلى الخط الأحمر، فكيف ترجمت ليال راجحة كل الغضب والقلق في كاميرتها؟ ترد: «كان من الضروري أن ألحق بتفاصيل الشخصية وأشرحها في ذهني كي أستطيع تفعيل عدم توازنها أمام الكاميرا. وهذه الفلتات في عدستي والغموض الذي أثرته عند المشاهد من خلالها، جاء بناء على شخصية ليلى. فالأمر لم يكن بمثابة عرض عضلات، بل كان المطلوب أن ألامس إحساس المشاهد». تفاجأت راجحة بردود فعل المشاهدين تجاه المسلسل الذي يلاقي نجاحاً كبيراً. كما أن الكثير من مشاهده المؤثرة والغنية بأداء محترف يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. «لم أكن ناشطة من قبل على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكني إثر عرض المسلسل اكتشفت مدى تفاعل المشاهد بتفاصيل كثيرة. فهذه الخطوط التي مررتها هنا وهناك، اعتقدت أن المشاهد لن يلاحظها، وأنها ستشبع تطلعاتي ليس أكثر».

وهل برأيك عين المشاهد اليوم أصبحت تتمتع بثقافة درامية أكبر من الماضي؟ «ما يهم المشاهد هو أن يلامسه العمل عن قرب. فالموضوع لا يتعلق بثقافة أو إلمام ودراسة، بل بمشاعر يمكن للمخرج ولفريق العمل إيصالها إليه. وهو ما اكتشفته عبر «تويتر» في تعليقات المشاهدين على العمل واختيارهم لقطات من المسلسل تظهر مدى تفاعلهم معه».
وعن إيقاع حلقات المسلسل المقبلة تقول: «هي أحداث تتصاعد مع الوقت فتصبح أكثر حماساً وتشويقاً، حاملة مفاجآت كثيرة». وماذا عن النهاية التي يحملها؟ «ستكون نهاية ملائمة تشبه أحداثه الواقعية».
ولماذا يضع بعض المخرجين نهايتين لعمل ما، فيختار واحدة منها تفاجئ أحيانا فريق العمل؟ ترد: «الأمر يتعلق بالرؤية الإخراجية التي يملكها المخرج نفسه، فهو حر في خياراته. ولكن أن يغير النهاية بعد وقوفه على طلبات المشاهد فهو برأي شخص لا يعرف كيفية التحكم بعمله. فالفن هو أمر نسبي، ولا يشترط على صاحبه أن يترجم من خلاله رؤيته له».
تتابع ليال راجحة عدداً من الأعمال الدرامية التي عرضت أخيراً على المنصات وبينها ما لفتها كمسلسل «60 دقيقة» لمحمود نصر. ولكن هل يمكن القول اليوم إنها انطلقت في عالم الدراما، ولا رجعة عنه؟ تقول: «لم أحزم أمري بعد في هذا الخصوص، ولكني حاضرة لكل عمل يملك العناصر الفنية المطلوبة والشروط الجيدة لإنهاض الدراما بشكل عام».



ليلى علوي: التعاون السعودي - المصري سيثمر أفلاماً عالمية

ترى ليلى أن شخصية «نوال» استطاعت أن تطور تفكيرها وتتمرد على النمطية التي اعتادتها (حسابها على «إنستغرام»)
ترى ليلى أن شخصية «نوال» استطاعت أن تطور تفكيرها وتتمرد على النمطية التي اعتادتها (حسابها على «إنستغرام»)
TT

ليلى علوي: التعاون السعودي - المصري سيثمر أفلاماً عالمية

ترى ليلى أن شخصية «نوال» استطاعت أن تطور تفكيرها وتتمرد على النمطية التي اعتادتها (حسابها على «إنستغرام»)
ترى ليلى أن شخصية «نوال» استطاعت أن تطور تفكيرها وتتمرد على النمطية التي اعتادتها (حسابها على «إنستغرام»)

قالت الفنانة ليلى علوي إن شخصية «نوال» التي تجسدها في فيلم «جوازة توكسيك» موجودة في كثير من بيوتنا، فهي الزوجة والأم التي تحاول الحفاظ على بيتها، مشيرة إلى أنها لم تتعاطف مع الشخصية بقدر تصديقها لها.

وقالت علوي في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن فكرة الفيلم تؤكد على ضرورة تقبل الآخر في حياتنا، موضحة أن نجاح فيلمي «ماما حامل» عام 2021، و«شوجر دادي» عام 2023 شجعنا للتعاون لثالث مرة توالياً، وربما لمرات أخرى مقبلة. وأشادت ليلى بالتعاون السينمائي بين السعودية ومصر، وأنه سوف يثمر أفلاماً تصل للمنافسة عالمياً، منوهة إلى أن التنوع والتجديد أكثر ما تحرص عليهما في اختياراتها الفنية.

وتفاعلت ليلى مع شخصية «نوال» التي أدتها، معبرة عن المرأة وحاجتها للاهتمام بمشاعرها في كل مراحل حياتها، قائلة: «(نوال) موجودة في كثير من بيوتنا، فهي المرأة التي تسعى للحفاظ على أسرتها وتعتبر أولادها أهم ما في حياتها، ورغم أنها تواجه ضغوطاً عديدة، وتقابل بعدم اهتمام من الطرف الآخر، فإنها في كل الأحوال تظل زوجه محبة، وحتى تصرفاتها كحماة نابعة من حبها لابنها ولأنها تربت على أفكار محددة، لكن مع الوقت والمواقف المختلفة يكون لديها تقبل».

وتفسر الفنانة المصرية أسباب حماسها لفكرة الفيلم، قائلة: «أرى أن مساحات التقبل لدينا تحتاج إلى أن تزداد مع تنوع اختلافاتنا، وأعجبني أن الفيلم يناقش (التابوهات) الموجودة في المجتمع، فليس ما يعجبني وأقتنع به وأراه صحيحاً يسعد أولادي، كما يعلمنا الفيلم كيف نقترب من أولادنا ونفهمهم أكثر».

ولفتت إلى أن الفيلم حاول تغيير الصورة الذهنية للطبقة الأرستقراطية في مصر «كنا نرى هذه الطبقة على الشاشة وبها قدر من التحرر وعدم المسؤولية، وهذا غير صحيح، لذلك ظهروا في عملنا كأشخاص متواضعين يحبون عمل الخير وغير مؤذين لأحد، إذ يظل بداخل كل منا جانبا الخير والشر».

وظهرت ليلى في الجزء الثاني من الفيلم بشكل مغاير بملابسها وطريقة تفكيرها وقراراتها: «قابلت في حياتي كثيراً من السيدات اللواتي يشبهن (نوال) رغم حبهن وارتباطهن بالبيت والأولاد لكنهن يفتقدن السعادة، فتحاول كل منهن بعد أن أنهت مهمتها في تنشئة أولادها أن تبحث عن حياتها هي، ويكون الحل الوحيد في الانفصال والطلاق؛ لأن الطرف الثاني يكون من الصعب أن يتغير، وقد نشأنا في مجتمعاتنا على أن المرأة هي التي يجب أن تتحمل لكي تحقق الأمان للأسرة، لكن في وقت من الأوقات طاقة التحمل تنتهي ويكون من الصعب إعادة شحنها». وفق تعبيرها.

لذلك ترى ليلى أن «نوال» استطاعت أن تطور تفكيرها وتتمرد على التفكير النمطي الذي اعتادته، وتقول إن ذلك استدعى أن تجلس طويلاً للتحاور مع المؤلف والمخرج في التحول الذي طرأ على الشخصية: «هذه جزئية أحبها في التمثيل لأن الإنسان بطبعه متغير وهناك مساحة لتطور أفكاره أو تراجعها، فنحن نعيش عمرنا كله نتعلم، ليس فقط العلوم المختلفة، لكن نتعلم أيضاً كيف نعيش الحياة وما هو الشيء المناسب لكل منا».

بعد ثلاثية «ماما حامل» و«شوجر دادي» و«جوازة توكسيك»، تتوقع ليلى أن تجمع فريق العمل أفلام أخرى: «العمل الفني حين تكون عناصره مريحة في التعامل وكواليسه جميلة، يكون الكل متحمساً لإعادة التجربة مرات عدة، طالما توافرت القصة الجديدة وحقق الفيلم نجاحاً مع الجمهور، وهذا ما حدث معنا وقد يتكرر لقاؤنا مجدداً، لا سيما وقد أصبح بيننا (كيميا) واضحة، وتفاهم وتناغم بعد أن قدمنا 3 أفلام ناجحة».

وفيما تتابع ليلى ردود الأفعال على فيلمها، فإن هناك أشخاصاً تنتظر رأيهم بشغف وهم «نجلها خالد وشقيقتها لمياء وبناتها وأصدقاؤها المقربين، لكنها تعود لتؤكد أن الرأي الأول والأخير يكون للجمهور».

وتنفي علوي تركيزها على الكوميديا في السنوات الأخيرة قائلة: تركيزي اعتمد على التنوع والاختلاف، فمثلاً أدواري في أفلام «200 جنيه» و«مقسوم» و«التاريخ السري لكوثر» كلها شخصيات متنوعة ومختلفة بالنسبة لي، وحتى الشخصيات الثلاث التي قدمتها مع لؤي السيد ومحمود كريم جاءت كل منها مختلفة بحكايتها وأحاسيسها وشكلها؛ لأنني حريصة على التنوع والتجديد، ولكن في إطار الرسالة الاجتماعية المقدمة في الأفلام كلها.

وعن تعثر تصوير وعرض «التاريخ السري لكوثر» الذي تقدم ليلى بطولته تقول: «أي عمل فني أقوم به يكون مهماً بالنسبة لي، أما عن تعثر ظهوره فتُسأل في ذلك جهة الإنتاج، ومن المفترض أنه سيتم عرضه عبر إحدى المنصات وليس في السينما».

وترى ليلى أن الإنتاج السينمائي السعودي المصري المشترك مهم لصناعة السينما في كل من مصر والسعودية والوطن العربي كله: «أشكر كل القائمين على هذا التعاون في البلدين، فهو يرفع من جودة الإنتاج ويجعلنا أكثر قدرة على المنافسة عالمياً، وهو يعود بالفائدة على الجمهور الذي يشاهد تنوعاً وجودة وقصصاً مختلفة، كما يحقق هذا التعاون أحلام كثير من السينمائيين في نوعية الأفلام التي يتمنون العمل عليها، وقد حققت ذلك السينما الأوروبية والعالمية في كثير من الأفلام التي نشاهدها في السينما والمهرجانات».

وعلى مدى عامين غابت ليلى عن دراما رمضان، وهي تتمنى أن تعود بعمل مختلف: «مثلما يهمني التنوع في السينما، أبحث كذلك عن الاختلاف والتنوع في الدراما التلفزيونية».