جهات يمينية متطرفة تشعل النقب لإسقاط حكومة بنيت

تحذير من محاولة اغتيال النائب منصور عباس

قوات إسرائيلية تواجه محتجين من عرب النقب على خلفية مخطط حديقة عامة في أراضيهم (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تواجه محتجين من عرب النقب على خلفية مخطط حديقة عامة في أراضيهم (أ.ف.ب)
TT

جهات يمينية متطرفة تشعل النقب لإسقاط حكومة بنيت

قوات إسرائيلية تواجه محتجين من عرب النقب على خلفية مخطط حديقة عامة في أراضيهم (أ.ف.ب)
قوات إسرائيلية تواجه محتجين من عرب النقب على خلفية مخطط حديقة عامة في أراضيهم (أ.ف.ب)

كُشف النقاب، في إسرائيل، أمس، عن مخطط وضعه اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، لإشعال النقب وتفجير انتفاضة عربية في النقب، بغرض إحراج الحركة الإسلامية الشريكة في الائتلاف الحاكم وانسحابها، فيتسبب ذلك في إسقاط حكومة نفتالي بنيت. ويتزامن الكشف، مع استمرار الصدامات بين عرب النقب والشرطة الإسرائيلية، على إثر غرس أشجار في أراضيهم بغرض إقامة حديقة قومية لليهود، ثم اقتلاع قسم من هذه الأشجار، أمس.
وقالت مصادر سياسية إن حزب الليكود مباشرة، وفرقة تسمي نفسها «مجموعات دعم نتنياهو»، بادرت إلى إشعال الأوضاع في النقب. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن رئيس لجنة العمال في «الصندوق الدائم لإسرائيل – كاكال»، يسرائيل غولدشتاين، هو الذي يقف وراء حملة تجريف أراضي عرب النقب في منطقة الأطرش وغرس الأشجار فيها. فالقرار بهذا الشأن اتخذ عام 2018 وقام رئيس الوزراء نتنياهو بتجميده. وقرر غولدشتاين إعادة تفعيله.
وقالت الصحيفة إن غولدشتاين هذا عضو نشيط في حزب الليكود، وأعلن الشهر الماضي على حسابه في «فيسبوك»، عن انضمامه إلى نشاط الحزب رسمياً، بهدف إسقاط الحكومة الحالية، ونقلت عن مقربين منه تأكيده أمامهم، أنه يطمح بالترشح لعضوية الكنيست عن حزب الليكود. وبمراجعة حسابه في «فيسبوك»، يتضح أن غولدشتاين وجّه دعوة إلى أعضاء كنيست من حزبه للمشاركة في حملة غرس الأشجار المذكورة في النقب. وكتب قبل يومين: «جئت مع زملائي من الليكود، هذا الصباح، من أجل تأييد ودعم عاملينا في موقع الغرس في النقب. وأقف إلى جانبكم وخلفكم في أي زمان ومكان، ومعاً سنستمر في العمل من أجل إزهار الصحراء حتى مع عدم وجود قائد للحكومة».
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الليكود، قوله، إن غولدشتاين مارس ضغوطاً على العاملين في «ككال»، من أجل تنظيم حدث إعلامي لأعضاء الكنيست من الليكود، في إطار نشاطه في الحزب. وأضاف المصدر أن «غولدشتاين حوّل ككال إلى فرع لليكود».
ومع أن غولدشتاين حاول التملص من مسؤوليته عن الاستفزاز، وكذلك فعل قادة «ككال»، فإن القناعة تترسخ بأن الليكود هو الذي يقف وراء هذه الصدامات التي انجرت إليها الحكومة ووزراؤها والنواب في الكنيست (البرلمان)، الذين دافعوا عن قرار غرس الأشجار، والشرطة التي قمعت الاحتجاج، والمواطنون العرب في النقب الذين خرجوا غاضبين وراحوا يطالبون نوابهم بالانسحاب من الائتلاف، وقام بعضهم بإحراق سيارات، حتى سيارات صحافيين، وكادوا يحدثون كارثة عندما وضعوا أكوام حجارة على سكة الحديد.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، على لسان مسؤول في الائتلاف الحكومي، قوله إن «اليمين المتطرف مستعد للتسبب في إحراق إسرائيل برمتها، من أجل تغيير الحكومة وإعادة نتنياهو إلى الحكم». وقال مصدر في الشرطة إن وحدة السايبر فيها، رصدت، في اليومين الأخيرين، رسائل صوتية يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو إلى إحراق المحاكم، ومحطات الوقود، ومراكز الشرطة والحافلات والمؤسسات الرسمية.
وحذرت الباحثة في شؤون العرب في إسرائيل، د. رونيت مرزان من اغتيال النائب منصور عباس، رئيس كتلة الحركة الإسلامية في الكنيست، في سبيل إحداث فوضى تؤدي إلى سقوط الحكومة. وقالت، في حديث مع عيران زنغر، في الإذاعة الرسمية العبرية «كان»، الخميس، إن «وجود حزب عربي في الائتلاف الحكومي حدث تاريخي في إسرائيل يبشر بعلاقات جديدة بين العرب واليهود. وهذا يزعج اليمين اليهودي المتطرف من جهة والقوى العربية المتطرفة قومياً وإسلامياً، من (حماس) حتى الأحزاب القومية التي تريد تدميره». ودعت إلى الحذر من الوقوع في هذا الفخ. وإلى وقف غرس الأشجار وأي ممارسات استفزازية أخرى في منطقة النقب بالذات؛ حيث تحظى الحركة الإسلامية بتأييد كبير.
يذكر أن الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، دعا إلى تنظيم مظاهرات صاخبة، الثلاثاء المقبل، ضد الحكومة، على خلفية الصراع في النقب. وكانت الشرطة قد جددت حملتها في النقب، أمس، بدعوى أن مجموعة من شبان عرب النقب، اقتلعوا في الليل قسماً من الأشجار التي غرستها «ككال» في الأيام الأخيرة. فاعتقلت مزيداً من الشبان. وردّ الأهالي بإشعال الإطارات المطاطية، وحاولوا إغلاق مفترقات طرق رئيسية على مشارف بلدتي تل السبع وشقيب السلام ومدينة رهط، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، واحتجاجاً على عمليات التجريف.
رئيس كتلة القائمة المشتركة والنائب عن التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ، سامي أبو شحادة، قال أمام عشرات الشباب العرب من النقب في محكمة الصلح بمدينة بئر السبع، بينهم عشرات القاصرين والأطفال، إن «ما يجري في النقب من اعتقالات عشوائية واستهداف للشباب والأطفال، هو إرهاب دولة، فالتحريض المستمر على شعبنا في النقب، والذي نسمعه يومياً من خلال وسائل الإعلام وتحريض نواب اليمين، من الائتلاف والمعارضة، تترجمه الشرطة في سياستها العنصرية تجاه المواطنين العرب في النقب».
وفي ساعات بعد الظهر، من يوم أمس (الخميس)، شارك جمهور غفير في المظاهرة الشعبية على مفرق سعوة - الأطرش، احتجاجاً على ما تتعرض له القرية من تجريف للأراضي وتحريشها من قبل السلطات الإسرائيلية، واعتقالات، واقتحامات للمنازل، وقمع لاحتجاجاتهم ضد سلب أراضيهم.
تقدم المظاهرة عدد من النواب العرب وقيادات الأحزاب والحركات السياسية والأطر الشعبية، ورفع المتظاهرون الشعارات المنددة بالممارسات الإسرائيلية، الهادفة إلى تهجير سكان القرى مسلوبة الاعتراف ومصادرة أراضيهم. وقرروا رفع سقف مطالبهم، من وقف التحريش، إلى الاعتراف الفوري بقرى نقع بئر السبع مسلوبة الاعتراف، وهي؛ خربة الوطن، والرويس، وبير الحمام، وبير المشاش، والزرنوق، التي يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة، وكذلك تجميد هدم البيوت العربية في النقب.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.