ألمانيا: المؤبد لضابط سوري سابق ارتكب جرائم ضد الإنسانية

ياسمين المشّان تحمل صور أشقائها الذين قضوا تحت التعذيب في سوريا خارج مبنى المحكمة بكوبلنس (إ.ب.أ)
ياسمين المشّان تحمل صور أشقائها الذين قضوا تحت التعذيب في سوريا خارج مبنى المحكمة بكوبلنس (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا: المؤبد لضابط سوري سابق ارتكب جرائم ضد الإنسانية

ياسمين المشّان تحمل صور أشقائها الذين قضوا تحت التعذيب في سوريا خارج مبنى المحكمة بكوبلنس (إ.ب.أ)
ياسمين المشّان تحمل صور أشقائها الذين قضوا تحت التعذيب في سوريا خارج مبنى المحكمة بكوبلنس (إ.ب.أ)

أصدر القضاء الألماني اليوم (الخميس) حكماً بالسجن مدى الحياة على ضابط سابق في المخابرات السورية إثر إدانته بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، في سياق أوّل قضية في العالم مرتبطة بفظائع منسوبة إلى نظام الرئيس بشار الأسد.
وقضت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس، غرب ألمانيا، بأن السوري أنور رسلان (58 عاماً) مسؤول عن مقتل معتقلين وتعذيب آلاف آخرين في معتقل سرّي للنظام في دمشق، وذلك بين عامي 2011 و2012. وأشير إلى هذا المركز على أنه تابع لـ«قسم التحقيقات الفرع 251» المعروف باسم «أمن الدولة - فرع الخطيب» داخل دمشق.
ورغم مرور أكثر من عشر سنوات على اندلاع الانتفاضة في سوريا، فإن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها محاكمة حول العالم محورها فظائع متّهم بارتكابها نظام الرئيس بشار الأسد، سعى عدد من النشطاء والمنظمات غير الحكومية إلى توثيقها. وهذا هو ثاني حكم يصدره القضاء الألماني بعد حكم على ضابط آخر من المخابرات السورية أدنى رتبة في فبراير (شباط) 2021.
وفي الجزء الأوّل من هذه المحاكمة التي تحظى باهتمام بالغ من الجالية السورية الكبيرة في المنفى، قضت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس بسجن إياد الغريب، العضو السابق في جهاز المخابرات، أربع سنوات ونصف إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين في 2011 ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب حيث تعرّضوا للتعذيب.
وقد أقرّت المحكمة في قرارها بـ«هجوم موسّع وممنهج ضدّ المدنيين» يشنّه نظام الأسد على السوريين منذ أن نزلوا إلى الشارع مطالبين بالديمقراطية في مارس (آذار) 2011. والتزم أنور رسلان الذي كان يرأس شعبة التحقيقات في «الفرع 251» من جهاز أمن الدولة الواسع الانتشار الصمت طوال جلسات هذه المحاكمة التي بدأت في 23 أبريل (نيسان) 2020.

وفي مايو (أيار) 2020. تلا محاموه إفادة خطّية نفى فيها الضابط السابق مشاركته في تعذيب المعتقلين وقتلهم. وما انفكّ وكلاء الدفاع يذكّرون بأن موكّلهم انشقّ في 2012 وحاول التخفيف من معاناة المعتقلين. وفي الواقع، فإنّ رسلان لم يحاول إخفاء ماضيه عندما لجأ إلى ألمانيا مع عائلته سنة 2014. لا بل طلب بنفسه من الشرطة في برلين أن تحميه في فبراير (شباط) 2015 وأخبرها أنّه كان ضابطاً في المخابرات السورية.
وافتضح أمر رسلان حين تعرّف عليه في أحد شوارع العاصمة الألمانية مواطن سوري آخر هو أنور البنّي، المحامي والمعارض الذي يقوم الآن بمطاردة المتعاونين السابقين مع النظام اللاجئين في أوروبا. وأوقف رسلان في فبراير (شباط) 2019 وهو مذّاك رهن الحبس الاحتياطي.
ولمحاكمة هؤلاء السوريين، تطبّق ألمانيا المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم. ومنذ بدء المحاكمة، مثل أكثر من 80 شاهداً أمام القضاء، من بينهم 12 منشقاً وعدّة رجال ونساء أتوا من دول مختلفة في أوروبا للإدلاء بشهاداتهم بشأن الفظائع التي تعرّضوا لها في فرع الخطيب.
غير أنّ شهوداً آخرين رفضوا المثول أمام المحكمة، في حين وافق آخرون على الإدلاء بإفاداتهم بشرط ألا يتمّ الكشف عن هوياتهم، فقاموا بإخفاء وجوههم أو وضعوا شعراً مستعاراً، خوفاً من أن يتعرض أقاربهم الذين ما زالوا في سوريا لأعمال انتقامية. وفي سابقة من نوعها، عُرضت أمام المحكمة صور من «ملف قيصر»، وهو أمر لم يسبق حدوثه في أي محاكمة حتى اليوم.
وقيصر هو الاسم الذي أُطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة وثّقت 6786 معتقلاً سورياً قتلوا بطرق وحشية بعدما تضوّروا جوعاً وتعرّضوا لشتّى صنوف التعذيب. وقدّم أحد السوريين شهادة عن المقابر الجماعية التي كانت تُطمر فيها جثث المعتقلين.

وقال وسيم مقداد أحد المدّعين بالحقّ المدني في هذه القضية في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «آمل أن نكون قد أعطينا صوتا لمن لا صوت لهم» في سوريا، مؤكّداً «جلّ ما أريده هو إحقاق الحقّ وليس الأخذ بالثأر أو الانتقام». وتطرّق المدّعي العام في مرافعته إلى المسؤولية التاريخية لألمانيا، مستشهداً بأحد الناجين من محرقة اليهود.
وقد أودى النزاع في سوريا بحياة نحو 500 ألف شخص ودفع 6.6 مليون سوري إلى المنفى في الخارج. وأكّدت المحامية جمانة سيف التي تعيش في المنفى أن «هذه المحاكمة في غاية الأهمية بالنسبة إلى السوريين لأنها تتمحور على جرائم خطرة جدّاً ما زالت تُرتكب اليوم».
وفي دليل على مدى أهمّية هذا الحكم بالنسبة إلى الجالية السورية، قرّرت المحكمة التي سبق لها أن رفضت بثّ المداولات توفير ترجمة فورية إلى العربية وقت تلاوة الحكم. ومن المرتقب أن تنطلق اليوم (الخميس) في فرانكفورت محاكمة أخرى على صلة بنظام بشار الأسد تطال طبيباً سورياً لجأ إلى ألمانيا.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.