سيرجيو ليوني... أسلوب سينمائي خاص ميّزه عن أقرانه

أمير العمري يتناول أبرز أفلامه ومغزى تخفيه وراء اسم أميركي مستعار

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

سيرجيو ليوني... أسلوب سينمائي خاص ميّزه عن أقرانه

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يستعيد كتاب «سيرجيو ليوني وسينما الويسترن سباغتي» للناقد السينمائي أمير العمري لمحات ومفارقات من السيرة الدرامية للمخرج الإيطالي الشهير ليوني (1929 - 1989)، لعل أكثرها شجناً مشهد موته الذي باغته وهو يشاهد مع زوجته فيلم روبرت وايز «أريد أن أعيش»، وجنازته التي عزف فيها الموسيقار الإيطالي موريكوني على آلة الأورج داخل الكنيسة، النغمة الرئيسية لأحد أشهر أفلام ليوني على الإطلاق وهو «ذات مرة في الغرب»، تحية للراحل المُلقب بـ«الكاوبوي الإيطالي» لمنجزه السينمائي الذي ألهم أجيال من بعده، حتى رحل في الستين من عمره.
ويستدعي الناقد، في كتابه الصادر أخيراً عن دار «المرايا» للنشر بالقاهرة، ذكرياته كطفل عربي كان مأخوذاً بأفلام «الكاوبوي» أو أفلام «الويسترن» الأميركية، التي كانت تُبهر الجميع صغاراً وكباراً ببريق رجال رُعاة البقر في مواجهة الهنود الحُمر، وهي مواجهات صنعت منها سينما الويسترن أساطير جابت العالم مرسخة فكرة البطولة المُطلقة الأميركية و«ثقافة الكاوبوي» ببنادقهم الحديثة، ضد الهنود الحمر المسلحين بالرماح والسهام. عن ذلك، يقول العمري: «كنا نراهم على نحو ما، معركة بين رموز الحضارة الحديثة، وقوى التخلف العتيدة، ولم يكن الوعي العام قد نضج بعد بشأن حقوق السكان الأصليين، والأقليات الإثنية، كما لم تكن نظرتنا كأطفال إلى تلك الأفلام تتجاوز بالطبع جانب المتعة والتسلية والإثارة، وأظنه كان الجانب الذي يجذب الكبار في العالم إلى أفلام الغرب الأميركي».

اسم أميركي مستعار
من وسط مشاهد الكاوبوي ظهر بطل قليل الكلام، له سمت غامض وشديد البأس، هو بطل فيلم «من أجل حفنة دولارات»، الذي أطل بهيئة أبطال الكاوبوي لكنه لا يواجه هنوداً حمراً هذه المرة، وإنما مكسيكيون، ولاقى هذا الفيلم رواجاً واسعاً في مصر، كما يروي مؤلف الكتاب، ثم تلاه جزء ثان بعنوان «من أجل مزيد من الدولارات»، ثم «الطيب والشرس والقبيح» وجميعها أفلام حققت اهتماماً واسعاً في تلك الفترة، وظهر على أفيشاتها اسم مخرجها «بوب روبرتسون»، الذي يتتبع الكتاب كيف أن هذا الاسم سيتضح فيما بعد أنه اسم مُستعار اختبأ وراءه المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني لسنوات.
يبرز الكتاب، الذي يقع في 263 صفحة، دوافع تخفي ليوني وراء اسم أميركي ليضعه على فيلمه «الويسترن»، الذي يبدو وكأن أحداثه تدور في الغرب الأميركي، فيما الحقيقة أنه كان يقوم بتصوير تلك الأفلام ما بين إسبانيا وإيطاليا، لتنشأ بعد ذلك، كما يقول المؤلف، «موجة كبيرة من هذا النوع من الأفلام أطلق عليها النقاد (الويسترن سباغتي) للتفرقة بينها وبين الأفلام الأميركية (الأصلية)».
ويبحث الكتاب في ملامح ليوني التي جعلت له لوناً سينمائياً خاصاً بعيداً عن أقرانه من المخرجين الإيطاليين، فلم يكن يعتبر نفسه من جماعة سينما المؤلفين مثل فيلليني وفيسكونتي وبازوليني، كما كان يرفض المفهوم السياسي للسينما الذي شاع في إيطاليا خلال تلك الفترة التي صعد فيها، لكن «كانت توجد في طيات أفلامه من نوعية الويسترن سباغتي، التي لم يكن النقاد وقتذاك يتعاملون معها بجدية، رسائل وإشارات سياسية تعكس أيضاً موقف مخرجها ورؤيته».

كادرات تشكيلية
ويتحدث العمري عن محبته لسينما ليوني ليس فقط لأسلوبه السينمائي الذي يبدو بسيطاً ومركباً في الوقت نفسه، إنما كذلك لما يجد فيه دائماً من علاقة وثيقة بالفن التشكيلي، بخاصة العصر الباروكي، ولغته البصرية الخاصة حتى في أكثر أفلامه ميلا للون الـ«أكشن» والمبارزات بالرصاص. وهو يعتبر أن «أفلامه تنتمي للسينما الخالصة التي لا تشبه أياً من الفنون الأخرى حتى ما يستند منها على أصل أدبي مكتوب». ويتوقف الكاتب مليّاً عند ما أطلق عليها «ثلاثية الدولارات»، التي تضم الأفلام الثلاثة التي أخرجها سيرجيو ليوني، ببطولة كلينت إيستود، الذي صار من بعدها نجم شباك بعد أن كان ممثلاً مغموراً عندما بدأ مع ليوني. ويحمل اختيار الدولارات في عناوين الأفلام دلالة خاصة، فهي، حسب الكتاب، «تُلخص على نحو خافت الولع الأميركي بالمال، والثراء، كما تعكس أيضاً النظرة الأوروبية للأميركي، التي ترى أن أهم ما يشغل الأميركي هو الدولار، أو المال»، ويرى العمري أن ليوني كان يرى أن الصراع في الغرب الأميركي كان أساساً صراعاً من أجل المال، أو الثراء، أو العثور على الكنز المدفون في مقبرة، أو سرقة بنك وغيرها من الأفكار محور الصناعة في تلك الفترة.

أقل أسطورية
يتأمل الناقد السينمائي ملامح أبطال ليوني في سينما «الويسترن سباغتي»، الذين «كانوا قليلي الكلام، غامضين، يجسدون شجاعة بطل الغرب الأميركي، مما ينزع عنهم هالتهم الأسطورية التي شاعت في أفلام الويسترن الأميركية التقليدية. وهنا كان ليوني يميل ليكون صاحب رسالة أخلاقية تتفق مع القيم المسيحية الغربية، يريد إحقاق الحق ووضع الأمور في نصابها الصحيح وتطبيق القانون ولو كلفه الأمر حياته». من أشهر العبارات التي يذّ بها العمري، والتي حُفرت في ذاكرة النقاد والجمهور من بين أفلام ليوني، كانت «إذا أردت أن تقتل لا تتكلم بل أقتل» وهي العبارة التي رددها إيللي والاش في فيلم «الطيب والشرس والقبيح»، الذي يعد أحد أبرز أفلام المخرج الإيطالي الراحل، و«حفرت تلك الجملة في الذاكرة، بحيث من يخفي انفعالاته ويعرف كيف يتحكم فيها هو الأقدر على مواجهة خصومه بعد أن يجبرهم على التخلي عن حذرهم. وصمت البطل هو صمت طويل يسبق الانفجار المفاجئ والمتوقع».
ويرفق المؤلف بالكتاب عدداً من الشهادات التي كتبتها مجموعة بارزة من السينمائيين حول تجربة «الكاوبوي الإيطالي» ليوني، مروراً بتجربته الطويلة وحلمه في نهاية حياته بإخراج فيلم على غرار فيلمه الأبرز «ذات مرة في أميركا»، ولكنه كان يحلم بأن يدور في الاتحاد السوفياتي، وظل يعمل خلال السنوات الخمس الأخيرة من حياته على تطوير فكرة قصة حب تدور بين مراسل ومصور صحافي أميركي وفتاة روسية خلال ثلاث سنوات من الحصار الذي فرضته قوات الغزو الألماني النازي على مدينة لينينغراد، وما نتج عنها من تضحيات على المستوى الإنساني. وكان ليوني قبل رحيله، يحلم بأن يحمل هذا الفيلم اسم «لينينغراد»، الذي حسب شهادة كاتب سيرته كريستوفر فرايلينج، قد ترسخ لديه بعد سماعه إلى سيمفونية شوستاكوفيتش السابعة، وبعدما قرأ كتاب «900 يوم» لهاريسون ساليزبيري الذي كان من بين أفضل الكتب مبيعاً في تلك الفترة ويحكي عن أيامها الشائكة



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).