عاصفة داخلية تهدد كيان جماعة «إخوان» الأردن

وسط صراع «الصقور» و«الحمائم»

أنصار {الإخوان} في الاردن خلال مظاهرة امام احد المساجد في عمان تطالب بالإفراج عن زكي بن أرشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن (غيتي)
أنصار {الإخوان} في الاردن خلال مظاهرة امام احد المساجد في عمان تطالب بالإفراج عن زكي بن أرشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن (غيتي)
TT

عاصفة داخلية تهدد كيان جماعة «إخوان» الأردن

أنصار {الإخوان} في الاردن خلال مظاهرة امام احد المساجد في عمان تطالب بالإفراج عن زكي بن أرشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن (غيتي)
أنصار {الإخوان} في الاردن خلال مظاهرة امام احد المساجد في عمان تطالب بالإفراج عن زكي بن أرشيد الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن (غيتي)

ثمة شبه إجماع لدى المراقبين على أن موافقة الحكومة الأردنية على منح ترخيص جديد لطرف من «جماعة الإخوان المسلمين» عززت حالة الانقسام والانشقاق والتفكك، وأدخلت الجماعة في أزمة على الشرعية والزعامة، هي الأخطر منذ تأسيسها عام 1945، خاصة أنها مرخّصة من رئاسة الوزراء الأردنية مرتين: الأولى كانت وفق القانون المستمد من التشريعات العثمانية على اعتبار أنها «جمعية إسلامية» عام 1946، في زمن مراقبها العام الأول عبد اللطيف أبو قورة.
والثانية عام 1954م في عهد المراقب العام الثاني محمد عبد الرحمن خليفة، وجاءت صفة الترخيص على أساس أنها «جماعة إسلامية شاملة متعددة الأغراض».
وتفاقمت الأزمة الأخيرة داخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مع حصول المراقب العام الأسبق، عبد المجيد الذنيبات (1994 - 2006) على ترخيص جديد لها بذريعة واهية هي تصويب الوضع القانوني للجماعة. ولكن الأسباب الحقيقية الكامنة تتعداها، وهي أعمق مما هي عليه، لم تصرح بها قيادة الجماعة الجديدة، وجاءت نتيجة طبيعة للسجال والجدال العنيف الذي نشأ داخل «الجماعة الأم» حول طبيعة النظر والعمل في منهجها، أسفر عنه نشوء تيارين رئيسيين: الأول، بقي ملتزمًا بالخط الذي رسمه المؤسس حسن البنا، والثاني، راديكالي تبنى أطروحات سيّد قطب. ولقد تأثر الإخوان المسلمون في الأردن بهذا السجال وظهرت عمليات فرز واستقطاب داخل الجماعة في الأردن على الرغم من الخصوصية النسبية التي تمتعت بها التجربة الأردنية، وبرز هذان التياران تحت اسمي «الحمائم» و«الصقور».
أزمة «إخوان» الأردن، التي جاءت على مستويين، أحدهما بين الجماعة والنظام السياسي، والثاني داخلي بين تياري «الحمائم» و«الصقور»، ترجع إلى جملة من الأسباب، نلخصها فيما يلي:
أولاً، منطق العمل الوطني يعتبر محور الإشكالية في علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالسلطة، إذ شكلت القضايا المحلية، كالديمقراطية والشورى، والتعددية والحزبية، والحريات وقضايا المرأة، بالإضافة إلى الانتخابات والمشاركة السياسية، مجالاً واسعًا للسجال والجدال داخل جماعة الإخوان المسلمين. وهو ما أفرز آراء متعددة ووجهات نظر مختلفة حول مجمل القضايا أثارت مزيدًا من الشك والريبة من قبل السلطة حول الموقف الحقيقي للجماعة، ومدى جديتها وصدقها ومساهمتها في عمليات التطور السياسي والتنمية من أجل بناء أردن قوي يتمتع بالاستقرار والازدهار. ولقد أبدت جماعة الإخوان المسلمين وواجهتها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، قدرًا كبيرًا من المرونة، واتسم تعاملها وتعاطيها على مجمل القضايا الوطنية بالبراغماتية في فترات سابقة.
ثانيًا، الخلافات حول العمل الوطني الدولي. الجماعة أظهرت نزعة متشددة ومتصلبة بخصوص النظام العالمي وعملية السلام، وقضية فلسطين، باعتبارها قضايا تمسّ جوهر العقيدة الإسلامية ولا يمكن التفاوض والتحاور بشأنها، بينما تمتاز السلطة في الأردن بالانفتاح والمرونة السياسية والواقعية في التعامل مع مجمل القضايا الدولية والتحديات العالمية. هذه القضايا شكلت محوّر النزاع والخلاف مع السلطة في ضوء «واقعية» السلوك السياسي للسلطة في الأردن و«عقائدية» حكم سلوك جماعة الإخوان المسلمين والجبهة.
ثالثًا، شكل الخلاف على الزعامة والمصالح داخل الجماعة أحد أهم المحرّكات. إذ يدّعي تيار «الحمائم» أن القيادة الحالية مارست عمليات تزوير للانتخابات الداخلية التي قادت إلى الإقصاء والتهميش وإضعاف فاعلية المطالبات الإصلاحية الداخلية التي نادوا بها، وعلى رأسها «مبادرة زمزم». وفي المقابل، ترد القيادة متهمة «الحمائم» برفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات الداخلية بعد خسارتهم الكبيرة فيها.
رابعًا، اتهام تيار «الحمائم» تيار «الصقور»، الذي سيطر على مفاصل الجماعة الدعوية والتنظيمية والسياسية والإعلامية والمؤسساتية بأنه يُدار من الخارج، وبأن لديه تنظيمًا سريًا يحمل أجندات غير وطنية، وأن أولوياته تنصبّ على الاهتمام بحركة حماس والقضايا الإسلامية الإقليمية والعالمية على حساب القضايا الوطنية.
وفي المقابل، يرد «الصقور» متهمين منافسيهم بأنهم يسعون لتفكيك الجماعة وبتوجيه من أطراف أخرى.
خامسًا، تبادل الاتهامات والتخوين بين طرفي النزاع داخل الجماعة، ولقد برز عقب الخسارة الفادحة التي مني بها تيار «الحمائم» وغيابهم عن صنع القرار. ومن ثم ظهر الاتهام بوجود تنظيم سرّي للجماعة يدير الجماعة، وهو صاحب القرار لا مكتبا الشورى والتنفيذي. وكذلك الاتهام بأن الجماعة تدار من الخارج من قبل الجماعة الأم في مصر، ممثلة بمكتب الإرشاد والتنظيم الدولي.
لقد تولّدت قناعة تامة لدى صانع القرار الأردني بأن سياسات الهيمنة التي تمارسها جماعة الإخوان المسلمين على مؤسسات المجتمع المدني الأردني، ما هي إلا استراتيجيات للانتقال من الهيمنة على المجتمع المدني إلى السيطرة على المجتمع السياسي، عن طريق حرب المواقع. ومن هنا ارتأى النظر إلى مؤسسات الجماعة باعتبارها إحدى الأدوات والآليات التي تمارسها الجماعة وتستثمرها سياسيًا، وليست مجرد مؤسسات خيرية محضة. ولذلك فإن هذه المؤسسات هي أحد محاور الإشكالية في العلاقة مع السلطة، في حال استمرت في الانتشار والتوسع في المستقبل، خاصة أنها أصبحت بالفعل تشكل «دولة» مؤسساتية بكل ما تحمله الكلمة من معنى موازية للدولة الرسمية. وهذا الحال ساهم في زيادة نفوذها المنافس لاقتسام السلطة والثروة إلى حد كبير، من خلال المطالبة بتوزيع المكاسب والنفوذ، وربما اتبعت الجماعة الأم وفروعها المنتشرة في العالم العربي ذات الاستراتيجية والمقاربة في محاولة أسلمة المجتمعات في بقية الدول، ما يجعلها «دولة داخل الدولة».
لذلك كله، عمدت الدولة الأردنية وأجهزتها المختلفة عبر استراتيجية طويلة الأمد إلى إضعاف نفوذ الجماعة والسيطرة على مؤسساتها الدعوية والخيرية والاقتصادية. وقامت بعدة خطوات وإجراءات من شأنها إضعاف نشاطاتها وفعاليتها في الأردن، ضمن مقاربة ناعمة استغرقت ما يزيد عن 20 سنة. فعلى الصعيد القانوني والسياسي: غيّرت الحكومة في بداية التسعينات قانون الانتخاب ليعتمد قانون الصوت الواحد للسيطرة على حجم مشاركة الجماعة داخل مجلس النواب.
وعلى الصعيد الدعوي، أصدرت الحكومة قانون الوعظ والإرشاد، الذي يمنع وصول الخطباء والدعاة الإخوانيين إلى المنابر، واستخدامها في الدعايات الانتخابية وسيطرت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية على جميع مساجد المملكة.
وعلى الصعيد المالي، وضعت الحكومة يدها على إدارة «جمعية المركز الإسلامي»، وابتدأت هذه العملية خلال عام 1992، واستمرت حتى سيطرت الحكومة على إدارة جمعية المركز الإسلامي الخيرية عام 2006م، واستخدمت ذريعة وجود فساد مالي وإداري، ولكن لم يتم تحويل ملف القضية إلى القضاء، لعدم توفر الأدلة.
وقد يكون القرار الحكومي بالموافقة على منح تيار «الحمائم» ترخيصًا جديدًا لـ«جماعة الإخوان المسلمين»، يصب في تلك الإجراءات الحكومية (ولعله يكون آخرها) في محاولة لإنهاء فاعلية الجماعة في المشهد السياسي، ووضعها أمام خيارات صعبة لقبول دمج هذا التيار ضمن القيادة والتأثير في صنع القرار مستقبلاً، أو عودة الجماعة للعمل التنظيمي السري المحظور.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».