خبراء أمميون يعدّون معتقل غوانتانامو «وصمة عار» ويطالبون بإغلاقه

وثيقة أميركية توصي بإطلاق سجين صومالي بـضمانات أمنية

مدخل معسكر «دلتا» بـ«غوانتانامو» في الذكرى الـ20 لافتتاحه (أ.ب)
مدخل معسكر «دلتا» بـ«غوانتانامو» في الذكرى الـ20 لافتتاحه (أ.ب)
TT

خبراء أمميون يعدّون معتقل غوانتانامو «وصمة عار» ويطالبون بإغلاقه

مدخل معسكر «دلتا» بـ«غوانتانامو» في الذكرى الـ20 لافتتاحه (أ.ب)
مدخل معسكر «دلتا» بـ«غوانتانامو» في الذكرى الـ20 لافتتاحه (أ.ب)

حض خبراء أمميون مستقلون الولايات المتحدة على إغلاق معتقل غوانتانامو الذي يشهد «انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان» منذ افتتاحه قبل 20 عاماً، في وقت وافقت فيه السلطات الأميركية على نقل السجين الصومالي غولد حسن دوران (47 سنة) بضمانات أمنية، ليصير أول شخص تجلبه وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» من أحد مراكزها السريّة إلى المعتقل ويوصى بإطلاقه. ووفقاً لوثيقة ضمان أمني وُزعت أول من أمس، حصل غولد حسن دوران على موافقة لنقله بمجرد أن يجد الدبلوماسيون الأميركيون دولاً تقدم لهم ضمانات أمنية. وكانت «سي آي إيه» قد قبضت على دوران في جيبوتي عام 2004 وجرى إبقاؤه نحو 900 يوم في الحجز من دون تهمة في مرافق اعتقال سريّة قبل نقله إلى غوانتانامو منذ سبتمبر (أيلول) 2006، ولا يمكنه العودة إلى بلاده لأن الكونغرس يحظر نقل سجناء غوانتانامو إلى الصومال وليبيا وسوريا واليمن. ومن غير المحتمل أن يذهب دوران إلى أي مكان قريباً. وأفادت وكيلة الدفاع عن دوران المحامية شايانا كاديال أن موكلها تلقى موافقة بعد إطلاع موكلته على القرار. وتدعو الوثيقة التي أُعدت في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى «بذل جهود حثيثة للعثور على موقع نقل مناسب (...) خارج الولايات المتحدة، مع مراعاة الضمانات المعقولة والمعاملة الإنسانية». وأوضحت أن دوران عاش في السويد كلاجئ شاب، ولديه أقارب في كندا ولديه «خيارات جيدة» لدول إعادة التوطين المحتملة، واصفة إياه بأنه «ذكي وواسع الحيلة ويتمتع بتجربة العيش في عدة بلدان مختلفة». وكانت إدارة بايدن قد نقلت سجيناً واحداً فقط من غوانتانامو، وهو مغربي بدأت مفاوضات إعادته في أثناء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وعُلقت خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب واختُتمت في يوليو (تموز) الماضي. وحال التوصل إلى اتفاق في شأن أحد السجناء الذين تجري تبرئتهم، يجب على وزير الدفاع أن يوقع على القرار ويمنح الكونغرس 30 يوماً للموافقة.
ورفض الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) جون كيربي، الحديث عن قضية المواطن اليمني معاذ العلوي، بعدما نشرت أخته على «فيسبوك» أنه تَبلّغ أيضاً الموافقة على تسليمه. وقالت: «نسأل الله أن يفرّج عنهم أجمعين». والعلوي هو أحد أشهر فناني معتقل غوانتانامو. وفي عام 2018، كانت النسخ المقلَّدة للسفن الشراعية التي صنعها من الأشياء الموجودة في الزنازين، محور معرض «قصيدة البحر»، وهو معرض فني في كلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الفن الذي ابتكره سجناء غوانتانامو ملك للحكومة الأميركية، ومنعت السجناء من إعطاء قطع لمحاميهم أو لأي شخص آخر. كما توقف موظفو السجن عن عرض أعمالهم الفنية في زياراتهم لوسائل الإعلام.
أما النزيل الآخر الرفيع المستوى الذي يمكن أن يكون أول من يغادر فهو الباكستاني ماجد خان الذي تلقى تدريبه في الولايات المتحدة وأقرّ بارتكاب جرائم حرب وحُكم عليه بالسجن 26 عاماً اعتباراً من عام 2012، ولكن العام الماضي وصل خان ومحاموه إلى اتفاق سرّي مع مسؤول كبير في «بنتاغون» لإنهاء عقوبته في وقت مبكر من الشهر المقبل، وفي موعد لا يتجاوز فبراير (شباط) 2025.
في هذا السيناريو، سيتعين على الدبلوماسيين الأميركيين التفاوض بشأن نقله أو إعادته إلى بلده.
ويتزامن صدور البيان المشترك من الخبراء الأمميين الذين انتدبتهم الأمم المتحدة لكنهم لا يتحدثون باسمها، مع ذكرى مرور 20 سنة على دخول أوائل المعتقلين إلى غوانتانامو في 10 يناير (كانون الثاني) 2002، في إطار «الحرب على الإرهاب» التي شنتها الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001. وقال الخبراء في بيانهم إن «20 سنة من الاعتقالات التعسفية من دون محاكمات، مصحوبة بتعذيب أو سوء معاملة، هو ببساطة أمر غير مقبول لأي حكومة، ولا سيما لحكومة تدّعي حماية حقوق الإنسان». وإذ وصفوا المعتقل بأنه «ثقب أسود قانوني» و«وصمة عار» في التزام إدارة الرئيس جو بايدن بحُكم دولة القانون، ناشدوا الولايات المتحدة، وهي عضو جديد في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: «إغلاق هذا الفصل البغيض من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان. ودعوا إلى إعادة المعتقلين الذين لا يزالون في غوانتانامو إلى أوطانهم أو إرسالهم إلى بلدان ثالثة آمنة، وتعويضهم عن أعمال التعذيب والاعتقالات التعسفية التي تعرضوا لها». وأشاروا إلى أنه منذ عام 2002 قضى تسعة من المعتقلين في غوانتانامو، بينهم سبعة أفادت السلطات الأميركية بأنهم ماتوا انتحاراً، من دون أن تحصل أي متابعة قضائية في أي من هذه الحالات. وطالبوا بمحاكمة المسؤولين عن أعمال التعذيب التي تعرض لها المعتقلون. وخلال السنوات الـ20 الماضية، احتُجز ما مجموعه 780 شخصاً في غوانتانامو، ثم أُطلقت غالبية هؤلاء بعدما اعتُقلوا أكثر من عشر سنين سنوات من دون أن توجَّه إليهم أي تهمة قضائية. ولم يبقَ حالياً في غوانتانامو سوى 39 معتقلاً، بينهم 13 شخصاً صدرت قرارات بإطلاقهم. بيد أن ترحيلهم ينتظر موافقة بلدانهم الأصلية أو دول ثالثة على استضافتهم، وهناك 14 معتقلاً آخر ينتظرون الإفادة من قرارات إطلاق مماثلة، أما البقية، وعددهم 12، فاثنان منهم فقط صدرت عليهما أحكام بالسجن أما العشرة الباقون فلا يزالون ينتظرون المحاكمة.


مقالات ذات صلة

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

العالم من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة يوم الأربعاء لصالح المطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حركة المقاومة الإسلامية.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابق مع بيدرسون بمقر وفد السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

فيصل بن فرحان يناقش المستجدات السورية مع بيدرسون

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع غير بيدرسون المبعوث الأممي إلى سوريا، مستجدات الأوضاع السورية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي غزيون يسيرون بين أنقاض المباني المنهارة والمتضررة على طول شارع في مدينة غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تطلب أكثر من 4 مليارات دولار لمساعدة غزة والضفة في 2025

طلبت الأمم المتحدة اليوم الأربعاء، أكثر من أربعة مليارات دولار لتقديم مساعدات إنسانية لثلاثة ملايين شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحضر مؤتمراً صحافياً في بريتوريا، جنوب أفريقيا، 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

غوتيريش: نرى بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم (الأربعاء)، خلال زيارة إلى جنوب أفريقيا، أن هناك بارقة أمل من نهاية الديكتاتورية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.