تحالف قبائل حضرموت يسعى لطرد «القاعدة».. واتهامات لصالح بالتعاون مع المتطرفين

مصدر حضرمي لـ {الشرق الأوسط} : الرئيس المخلوع يسعى لتدمير اليمن والإضرار بدول الجوار

عناصر من الحراك الجنوبي المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة قرب مدينة عدن أمس (أ ف ب)
عناصر من الحراك الجنوبي المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة قرب مدينة عدن أمس (أ ف ب)
TT

تحالف قبائل حضرموت يسعى لطرد «القاعدة».. واتهامات لصالح بالتعاون مع المتطرفين

عناصر من الحراك الجنوبي المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة قرب مدينة عدن أمس (أ ف ب)
عناصر من الحراك الجنوبي المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي على دبابة قرب مدينة عدن أمس (أ ف ب)

قالت مصادر سياسية يمنية في محافظة حضرموت أمس إن حلف قبائل حضرموت يواصل مساعيه لإيجاد حلول سلمية لأزمة سيطرة تنظيم القاعدة على مناطق حساسة في المحافظة النفطية الهامة وذات المساحة الواسعة والحدود المشتركة مع المملكة العربية السعودية. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حلف القبائل يمارس سياسة التعقل «كي لا تدخل المحافظة في أتون صراع مسلح يأتي على الأخضر واليابس، خاصة أن نزعة سكان حضرموت ليست قتالية، ولا توجد الأسلحة الكافية لخوض مواجهات مع هذه الجماعات المتطرفة، رغم وجود الرجال ورغبة الكثير من الشباب في الذود عن المحافظة بدمائهم»، حسب المصادر اليمنية التي طلبت عدم الكشف عن هويتها. وأكدت أن حلف القبائل «يمارس سياسة النفس الطويل مع هذه الجماعة المتطرفة التي تربت على التدمير والقتل لسنوات طويلة». وذكر مصدر في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، أن ما قامت به تلك العناصر المتطرفة، خلال ساعات عقب اجتياحها مدينة المكلا، «كفيل بتدمير مقومات المحافظة حيث استولوا على أموال باهظة وأسلحة كثيرة ومختلفة». وأضاف: «إنهم متعطشون للانتقام، لأن الكثير منهم ظل لسنوات طويلة في السجون بتهم الإرهاب».
وأشار مصدر خاص إلى أن المفاوضات التي دارت وتدور مع عناصر «القاعدة» في حضرموت، ترتكز على «أساس تفاهمات تقوم على عدة نقاط، أبرزها: أن (القاعدة) لا تستطيع البقاء في حضرموت وحكمها بنظامها الفكري والعقائدي، نظرا لتعدد الأفكار والمشارب الفكرية والسياسية والتوازن الديني بحضرموت». كما أنه أشار إلى «أن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام توسع هذه الجماعات بحضرموت وعلى مقربة من الحدود اليمنية - السعودية، كما هو الحال بالنسبة لدول الخليج الأخرى، إضافة إلى أن القبائل الحضرمية لن تستمر طويلا في سياسة التعقل والحوار». ولفت إلى اعتقاده بأن «محافظة حضرموت ستكون هي الخاسر الأكبر من كل التطورات، لأن هؤلاء العناصر هم من أبناء المحافظة ويطلقون على أنفسهم صفة أو تسمية (شباب حضرموت)، وسيكون المواطن الحضرمي هو الخاسر المباشر والأكثر عرضة لمخاطر الاقتتال».
واتهم مصدر حضرمي الرئيس السابق المخلوع علي عبد الله صالح بالتورط المباشر في التخطيط لإسقاط محافظة حضرموت في أيدي عناصر تنظيم القاعدة. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «صالح خطط لهذا الأمر منذ سنوات طويلة، فقد كان يعتبر حضرموت بقرة حلوبا لملايين أو مليارات الدولارات من عائدات النفط التي لا تذهب مباشرة إلى خزينة الدولة». وأضاف: «يتذكر الكثير من الناس أن بعض قادته العسكريين من أقربائه الذين كانوا في حضرموت كانوا يبيعون كميات من النفط مباشرة في (السوق السوداء) من ميناء الضبة في مديرية الشحر وغيرها من الأماكن». وأضاف المصدر أن «الكثير من الشركات التي تعمل في مجال النفط ترجع ملكيتها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لأقربائه والموالين له». كما أضاف أن «الرئيس المخلوع وعندما بدأت كافة محافظات اليمن تخرج عن طوعه، حرك أحد أسلحته وهو (القاعدة) للسيطرة على المحافظات الجنوبية وبينها حضرموت».
واستعرض المصدر الحضرمي، الذي رفض الكشف عن هويته، بعض «الحقائق التي كانت تعتبر تحضيرا مسبقا لإسقاط حضرموت في براثن الفوضى والاقتتال، ومنها سلسلة الاغتيالات التي طالت أبرز الضباط الحضارمة في المكلا وغيل باوزير والقطن وسيئون وغيرها من المدن، ضمن سياسة تصفية الكفاءات الجنوبية، حيث لم يتم اغتيال ضابط واحد من سنحان (مسقط رأس صالح)، رغم أنهم ينتشرون في كافة وحدات الجيش ويسيطرون على مفاصل الدولة والقوات المسلحة والأمن».
ويقول علي الكثيري، الناطق الرسمي باسم المجلس التنسيقي لقوى تحرير واستقلال الجنوب في حضرموت لـ«الشرق الأوسط» إن سيطرة «القاعدة» على المكلا تم من خلال أبناء حضرموت المنتمين للتنظيم ووفقا لتبريرهم، فإن هذا العمل «جاء استباقا لمخطط إسقاط حضرموت من داخلها لمصلحة الحوثيين ونعتقد أن هناك خلطا واسعا للأوراق بدخول هذه الجماعة». وأضاف: «لقد انهارت السلطة المحلية وقوات المنطقة العسكرية الثانية بصورة تدعو إلى الريبة، ولكن تمكين الحوثيين في حضرموت يظل محل استفسار واستغراب، ومن هنا فإن الحراك الجنوبي بحضرموت يتدارس الموقف الحاصل وسيقف بقوة لدرء المخاطر، ويرفض في الوقت ذاته خلط الأوراق وإيجاد سواتر تتخفى من ورائها التنظيمات والجماعات العنيفة».
وبدوره، حذر المصدر الحضرمي من عدم الاهتمام بما يجري في حضرموت، مؤكدا على ضرورة وجود قوة على الأرض، بأي شكل من الأشكال، لمواجهة تلك الجماعات المتطرفة لتكون رادعا لها وداعما، في الوقت نفسه، للمفاوضات التي يجريها زعماء حلف قبائل حضرموت التي لم تنته بتسليم مدينة المكلا إلى مجلس أهلي. وقال المصدر إن القوات العسكرية المرابطة في حضرموت هي من الموالية لصالح وتسليمها لعاصمة المحافظة ومطارها وميناء تصدير النفط، الضبة في مديرية الشحر «خير دليل على تورط علي صالح في جريمة تدمير حضرموت الساكنة والهادئة، كما هو الحال مع بقية المحافظات الجنوبية».
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر حضرمية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن تحالف صالح - الحوثيين عجز خلال الفترة الماضية عن إيجاد بؤر مذهبية في حضرموت، حيث «لم يجدوا من يؤمن بولاية الفقيه من أبناء حضرموت، كما هو الحال مع بقية المحافظات الجنوبية التي لا يناصرهم فيها سوى شخص واحد من محافظة أبين، تنكر لأهله وقومه وهو الآن منبوذ ومحاصر في صنعاء بين أربعة جدران»، حسب قول تلك المصادر.
وسيطر مسلحو تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، مطلع أبريل (نيسان) الحالي على مدينة المكلا، بعد انسحاب الوحدات العسكرية والأمنية من المدينة وتركها من دون حماية. واستولى المسلحون على مبنى السلطة المحلية والقصر الجمهوري ونهبوا عشرات الملايين من الريالات والدولارات الأميركية من البنك المركزي وغيره من البنوك، كما سيطروا على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، بعد إطلاقهم سراح مئات المعتقلين من المنتمين لـ«القاعدة» من سجون المكلا، وبينهم القيادي البارز في التنظيم خالد باطرفي، الذي نشرت له صور على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يدوس العلم اليمني وأخرى وهو يجلس في مكتب محافظ محافظة حضرموت.
وبعد مشاورات وحوار مطول، تمكن مجلس علماء أهل السنة في حضرموت من التوصل إلى اتفاق مع العناصر المتطرفة «شباب حضرموت»، كما يسمون، على تسليم مدينة المكلا لمجلس أهلي. وقد جرى ذلك، رغم الإشارات الواردة في الاتفاق على مشاركة المتطرفين في إدارة شؤون المدينة بطريقة أو بأخرى، حيث تنص إحدى فقرات الاتفاق على أنه «تم تقديم ما يُسيّر أعمال المجلس والإدارات الخدمية من شباب أبناء حضرموت إلى المجلس الأهلي بالتوافق بين الجميع». غير أن تلك العناصر توسعت، بعد الاتفاق، وانتقلت للسيطرة على مطار الريان، التابع للمكلا وأيضا على أجزاء من ميناء الضبة.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.