حرب شوارع في الرمادي.. وقائد شرطة الأنبار يؤكد منع احتلال «داعش» للمجمع الحكومي

«قوات الرد السريع» لـ {الشرق الأوسط} : فرقة عسكرية وصلت للمدينة أمنت الإمدادات

حرب شوارع في الرمادي.. وقائد شرطة الأنبار يؤكد منع احتلال «داعش» للمجمع الحكومي
TT

حرب شوارع في الرمادي.. وقائد شرطة الأنبار يؤكد منع احتلال «داعش» للمجمع الحكومي

حرب شوارع في الرمادي.. وقائد شرطة الأنبار يؤكد منع احتلال «داعش» للمجمع الحكومي

تشهد شوارع وسط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار معارك شرسة على مدار الساعة بين مسلحي تنظيم «داعش» المنتشرين في شوارع المدينة وأزقتها وأحيائها السكنية، والقوات الأمنية العراقية ومقاتلي العشائر من أبناء محافظة الأنبار.
قتال الشوارع هو المشهد الأبرز في المدينة التي خلت بشكل شبه كلي من سكانها المدنيين، حيث تسمع أصوات الأعيرة النارية وقذائف «آر بي جي» بين الحين والآخر.
في غضون ذلك، أعلن قائد شرطة الأنبار اللواء الركن كاظم الفهداوي عن صد تعرض لتنظيم «داعش» على المجمع الحكومي وسط مدينة الرمادي، مشيرًا إلى أنه تم إلحاق خسائر كبيرة بعناصر التنظيم وإجبارهم على الانسحاب. وقال الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قواتنا الأمنية من الشرطة المحلية وقوات الطوارئ وبمساندة فاعلة من قبل مقاتلي العشائر تمكنت من صد سلسلة من الهجمات لمسلحي تنظيم داعش على المجمع الحكومي من منطقة الحوز وسط الرمادي».
وأضاف أن «مواجهات واشتباكات عنيفة اندلعت بين قواتنا الأمنية التي يساندها الأبطال من أبناء العشائر، وبين عناصر التنظيم وتم إلحاق خسائر كبيرة وجسيمة بين عناصر التنظيم وإجبارهم على الانسحاب». وتابع الفهداوي أن «طيران التحالف كثف من طلعاته الجوية وقصف مواقع مهمة للتنظيم في مناطق البوفراج والأندلس والسجارية والبوغانم في مدينة الرمادي ومناطق أخرى يوجد فيها عناصر تنظيم داعش».
من جانبه، أوضح قائد قوات الرد السريع العميد الركن ناصر الفرطوسي لـ«الشرق الأوسط» إن قطعات عسكرية على مستوى فرقة عسكرية وصلت إلى مدينة الرمادي للمشاركة بعملية تحريرها من سطوة مسلحي تنظيم «داعش». وأضاف الفرطوسي أن «القوات التي وصلت إلى مدينة الرمادي مدربة على حرب الشوارع وقتال المدن، وشاركت في طرد المسلحين من قرب المبنى الحكومي لمحافظة الأنبار وسط الرمادي، مما جعل طرق الإمدادات مؤمنة لوصول التعزيزات، ومدينة الرمادي لم تعد مهددة بشكل مباشر».
وأبدت قيادات عسكرية ثقتها في مواجهة «داعش» خلال الأيام المقبلة، حيث أوضح نائب قائد «الفرقة الذهبية» العميد عبد الأمير الخزرجي لـ«الشرق الأوسط» أن «جهاز مكافحة الإرهاب وبإسناد من القطعات الأمنية وأبناء العشائر والقوة الجوية وطيران الجيش بدأت (صباح أمس) عملية عسكرية لتحرير منطقة الصوفي شرقي الرمادي».
وأضاف الخزرجي أن «تلك القوات دخلت المنطقة من ثلاثة محاور، وهناك تقدم كبير للقوات الأمنية داخل منطقة الصوفية التي تم فيها قتل كثير من عناصر تنظيم داعش وحرق عجلات وآليات كان يستخدمها المسلحون».
ولكن نائب الرئيس العراقي إياد علاوي اعتبر أن سبب التدهور الأمني الحاصل في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار وما يجري من تداعيات أمنية في مصفى بيجي ومناطق أخرى في محافظة صلاح الدين، يعود إلى ضعف أداء القيادات الأمنية. وقال علاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة والقيادات الأمنية تتحمل مسؤولية ما يجري من تداعيات أمنية خطيرة في الأنبار، وعليها فورا اتخاذ موقف عاجل لتدارك الأوضاع المأساوية التي تمر بها الأنبار خصوصًا، والعراق عموما، والعمل على تنفيذ الوثيقة التي تقدم بها إلى الرئاسات الثلاث حول إعداد استراتيجية متعددة الجوانب لتحقيق الانتصار وضمان الوحدة المجتمعية».
وأضاف علاوي أن «الخطر أصبح حقيقيًا نتيجة استمرار السكوت عن الخروقات، وآخرها الخرق الأمني الذي حصل في المناطق المحيطة بمدينة الرمادي قبل ثلاثة أيام والانسحاب المفاجئ لقطعات الشرطة والجيش من قواطعها وعدم تسليح أبناء المنطقة من العشائر العربية والعسكريين السابقين الوطنيين، مما يؤشر بوضوح على ضرورة إجراء تحقيق على مستوى عال للتعرف على الأسباب الحقيقية لما حصل وما يحصل من مؤامرة واضحة لفتح الطريق أمام تنظيم داعش الإرهابي لدخول المدينة».
وتابع علاوي: «لقد هربت الآلاف من العائلات مشيًا على الأقدام باتجاه العاصمة بغداد والمحافظات المجاورة، وهذا طريق نجاتهم الوحيد من الإرهابيين المجرمين، واصطدمت بإجراءات منعتهم من إيجاد أماكن لائقة بهم كمواطنين كرام».
وشدد علاوي على أنه «يجب اتخاذ موقف عاجل وتدارك الأوضاع قبل أن تحدث الكارثة وتسيطر الجماعات المتطرفة على بقية مركز المحافظة وتبطش بالأهالي بارتكاب أبشع جرائم القتل الجماعي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.