الشاعرة مايا أنجيلو أول امرأة سوداء تظهر على عملة معدنية أميركية

العملة المعدنية التي تظهر عليها الشاعرة مايا أنجيلو (أ.ف.ب)
العملة المعدنية التي تظهر عليها الشاعرة مايا أنجيلو (أ.ف.ب)
TT

الشاعرة مايا أنجيلو أول امرأة سوداء تظهر على عملة معدنية أميركية

العملة المعدنية التي تظهر عليها الشاعرة مايا أنجيلو (أ.ف.ب)
العملة المعدنية التي تظهر عليها الشاعرة مايا أنجيلو (أ.ف.ب)

أصبحت الشاعرة والناشطة الحقوقية مايا أنجيلو أول امرأة سوداء تظهر على عملة معدنية أميركية من فئة «ربع دولار»، في نسخة جديدة من هذه العملة كشفت عنها، الاثنين، «هيئة سَكّ العملة» الأميركية التابعة لوزارة الخزانة.
وستكون أنجيلو؛ وهي مؤلفة كتاب «I Know Why the Caged Bird Sings»، أول شخصية يُحتفل بذكراها عبر برنامج «أرباع النساء الأميركيات» الذي وُقع عليه ليصبح قانوناً في يناير (كانون الثاني) 2021.
وأفادت «الهيئة» في بيان بأنها بدأت «شحن الكمية الأولى من النقود المعدنية» التي تظهر عليها أنجيلو.

وقالت نائبة مدير «هيئة سك العملة»؛ فينتريس جيبسون: «يشرفني أن أقدم أول عملة معدنية متداولة مخصصة للاحتفاء بالنساء الأميركيات وإسهاماتهن في التاريخ الأميركي».
وتابعت أن «كل قطعة نقدية صُممت عام 2022 لتعكس حجم وقيمة الإنجازات التي يُحتفل بها من خلال برنامج العملات التاريخي»، مضيفة أن «مايا أنجيلو التي ظهرت صورتها على العملة الأولى من سلسلة النقود المعدنية هذه، استخدمت الكلمات للإلهام والارتقاء».
ويوجه برنامج «ذي أميركان ويمن كوارترز» هيئة سك العملة لإصدار نقود من فئة «ربع دولار» سنوياً بين عامي 2022 و2025 عليها صور 5 رائدات مختلفات حققن إنجازات للدولة.
وأعربت وزيرة الخزانة الأميركية؛ جانيت يلين، عن فخرها بأن «هذه القطع النقدية تحتفل بمساهمات بعض أبرز النساء في أميركا».
https://twitter.com/DrMayaAngelou/status/1467519078902509569
وقالت في بيان: «في كل مرة نعيد فيها تصميم عملتنا، تتاح لنا فرصة لنقول شيئاً ما عن بلدنا... ماذا نقدر فيه وكيف تقدمنا بصفتنا مجتمعاً».
وعلى مدى السنوات التسعين الماضية، ظهرت على الجهة الأولى من عملة الـ«25 سنتاً» صورة الرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن، وعلى الجهة الثانية صورة نسر.
أما «ربع الدولار» الجديد الذي سُكّ في فيلادلفيا ودنفر، فيظهر واشنطن على جانبه الأول وأنجيلو على جانبه الثاني.
وتشمل الشخصيات الأخرى التي من المقرر أن تظهر على العملة المعدنية عام 2022 أول امرأة أميركية وصلت إلى الفضاء سالي رايد، وأول امرأة رئيسة لقبيلة «شيروكي» ويلما مانكيلر، والناشطة من أجل حق النساء في الاقتراع نينا أوتيرو وارن، والنجمة السينمائية الصينية - الأميركية آنا ماي وونغ.
وكانت أنجيلو؛ التي ولدت في ميسوري عام 1928، كاتبة مقالات وشاعرة عملت مع مارتن لوثر كينغ جونيور ومالكولم إكس خلال حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
https://twitter.com/carlquintanilla/status/1480705697876787214
وتوفيت الشاعرة؛ التي ألقت قصيدة في حفل تنصيب الرئيس الأسبق بيل كلينتون لولايته الأولى، في عام 2014.
من جهة ثانية، أشارت يلين إلى دعمها وضع صورة الناشطة الحقوقية المناهضة للعبودية هارييت توبمان على العملة الأميركية.
وكان أطلق الرئيس الأسبق باراك أوباما مشروعاً لوضع وجه توبمان على الورقة النقدية من فئة «عشرين دولاراً»، لكنه توقف في ظل إدارة دونالد ترمب.
وعدّت يلين؛ في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن وضع صورة توبمان؛ وهي امرأة سوداء هربت من العبودية وأصبحت زعيمة لحركة إلغاء عقوبة الإعدام في ما قبل الحرب الأهلية، على العملة سيكون «شرفاً»، «لكن تصميم الأوراق النقدية يستغرق وقتاً».



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».