سوريا: رئيس «تيار بناء الدولة» يهرب إلى تركيا.. وتجميد نشاط التيار داخل البلاد

هروبه يأتي قبل عشرة أيام من محاكمته بتهمة «إضعاف الشعور القومي»

سوريا: رئيس «تيار بناء الدولة» يهرب إلى تركيا.. وتجميد نشاط التيار داخل البلاد
TT

سوريا: رئيس «تيار بناء الدولة» يهرب إلى تركيا.. وتجميد نشاط التيار داخل البلاد

سوريا: رئيس «تيار بناء الدولة» يهرب إلى تركيا.. وتجميد نشاط التيار داخل البلاد

أعلن «تيار بناء الدولة» السوري المعارض، أمس (الأحد)، تجميد نشاطه داخل سوريا بعد أنباء عن مغادرة رئيسه، الممنوع من السفر، البلاد. وقال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن «لؤي حسين الذي كان في زيارة للمناطق ذات السيطرة الكردية، بقي منتظرا يومين على الحدود السورية التركية، لحين تدخل أطراف من المعارضة السورية لدى السلطات التركية للسماح له بالدخول».
وقال التيار (المحسوب على معارضة الداخل) في بيان وزعته وكالة الأنباء الألمانية، أمس، إنه «لأسباب أمنية كثيرة، اضطر تيار بناء الدولة السورية إلى تجميد جميع نشاطاته داخل الأراضي السورية، حيث سيكتفي خلال الفترة المقبلة ببعض النشاطات خارج البلاد، ريثما يعاود نشاطه الكامل بعد الإعلان عن مقره الجديد».
وفي اتصال مع الوكالة قال حسين، أمس: «إنني خارج دائرة الخطر الآن، ووصلت لبلد مجاور».
إلا أن حسين تجاهل الأمر تماما في حسابه على «فيسبوك» وقت ورود خبر الوكالة، وكتب: «أقوم بزيارة، منذ يوم الخميس، لمنطقة الجزيرة للاطلاع على تجربة الإدارة الذاتية وكيف تسير الأمور في هذه المنطقة وفي مدن القامشلي وعامودا ورأس العين (سيري كانيه) في غياب النظام أمنيا وعسكريا عنها». كما بدا موقع «تيار بناء الدولة» غير مواكب للأخبار الجديدة، وخلا من أي إشارة لخروج رئيسه من سوريا، في الوقت الذي كتبت فيه منى غانم نائبة التيار في حسابها على «فيسبوك» ما يوحي ببوادر توتر داخل التيار، بقولها: «يدعي أحد أعضاء التيار أني خارج البلاد بطريقة غير نظامية، ورغم علم الجميع بسفري المتكرر خارج البلاد، فأنا استغرب هذا الكلام والافتراء من شخص داخل التيار، خصوصا أنني لست ممنوعة من السفر، وأنا مسافرة بشكل طبيعي ونظامي. كل الكلام المكتوب على صفحة هذا العضو الغاية منه تشويه وشق صف التيار خدمة لجهات معينة».
وكان لؤي حسين ونائبته في زيارة إلى القامشلي ورأس العين التابعتين لمحافظة الحسكة، شمال البلاد، للقاء قيادات كردية محلية. وأوضحت المصادر أن زيارة حسين للقامشلي جرت دون الإعلان عنها أيضا.
ويمنع النظام السوري حسين من السفر خارج سوريا، كونه يحاكم طليقا، بتهمة «إضعاف الشعور القومي وإشاعة أنباء كاذبة»، على خلفية نشره مقالا صحافيا، في جريدة «الحياة» اللندنية، تحت عنون «السوريون لا يشعرون بحاجتهم إلى الدولة».
ومنع حسين من المشاركة في لقاء موسكو التشاوري في النصف الأول من هذا الشهر. وتأتي الأنباء عن هروب لؤي حسين إلى تركيا، قبل عشرة أيام من موعد محاكمته المحددة في 29 أبريل (نيسان) الحالي، بعد عدة تأجيلات، لأسباب مختلفة.
وكانت محكمة الجنايات الثانية بدمشق وافقت، في شهر فبراير (شباط) الماضي، على إخلاء سبيل حسين بكفالة، بعد أن تم اعتقاله في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على الحدود السورية اللبنانية، أثناء توجهه إلى بيروت ومنها إلى إسبانيا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم