معركة ضرائب حكومية في بريطانيا

ضغوط كبرى على جونسون لتحرك عاجل

يتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون لضغوط واسعة لتقليل العبء من على المواطن البريطاني (أ.ف.ب)
يتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون لضغوط واسعة لتقليل العبء من على المواطن البريطاني (أ.ف.ب)
TT

معركة ضرائب حكومية في بريطانيا

يتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون لضغوط واسعة لتقليل العبء من على المواطن البريطاني (أ.ف.ب)
يتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون لضغوط واسعة لتقليل العبء من على المواطن البريطاني (أ.ف.ب)

تعهد مايكل غوف، وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، بخفض الضرائب في وقت لاحق، فيما تعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون للضغط من جانب أعضاء بارزين من حزب المحافظين لتقليل العبء من على المواطن البريطاني.
وكان جاكوب ريس موج، رئيس مجلس العموم البريطاني، وديفيد فروست، المسؤول السابق عن شؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، انتقدا نهج جونسون الخاص بالضرائب في الأيام الأخيرة، حيث دعا الأول رئيس الوزراء إلى شطب زيادة مقبلة في ضريبة الأجور لتمويل جهاز الصحة الوطني، بحسب ما أوردته وكالة بلومبرغ للأنباء. وفي مقابلة مع صحيفة «ميل» مساء الأحد، قال فروست إنه يجب على جونسون العودة إلى أجندة منخفضة الضرائب. وقال غوف في مقابلة إذاعية عبر هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يوم الاثنين: «نحن ملتزمون بالإنفاق العام المطلوب لتوليد نمو اقتصادي»، وذلك عندما سئل بشأن الدعوات من جانب المحافظين البارزين لخفض الضرائب. وأضاف «مثلما سوف نحصل على النمو الاقتصادي في الوقت المناسب، فسوف نخفض الضرائب أيضا في الوقت المناسب».
وتأتي الدعوات بخفض الضرائب فيما من المنتظر أن تشتد صعوبات المعيشة على البريطانيين في أبريل (نيسان) المقبل عندما يتم تطبيق الزيادة في أسعار الطاقة وضريبة الرعاية الصحية الجديدة.
ومن جهة أخرى، دعا حزب المعارضة الرئيسي في بريطانيا إلى فرض ضريبة غير متوقعة ولمرة واحدة، على صناعة النفط والغاز في بحر الشمال، لمكافحة ارتفاع فواتير الطاقة.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» يوم الأحد عن حزب العمال القول، إن ملايين الأسر تحتاج إلى مساعدة لاستيعاب فواتير الطاقة الآخذة في الارتفاع بشكل حاد هذا العام، ملقيا باللوم على حكومة المحافظين الحاكمة، في مرور «عقد من التردد والتأخير وسوء التخطيط بالنسبة لقطاع الطاقة في بريطانيا».
وقال حزب العمال إن فرض ضريبة لمرة واحدة على المنتجين في بحر الشمال، سيكون جزءا من مجموعة من الإجراءات التي من شأنها أن تخفض الزيادة المتوقعة في أسعار الطاقة في شهر أبريل المقبل، بنحو 200 جنيه إسترليني (272 دولارا) لمعظم الأسر.
وإضافة إلى مشكلة التضخم، ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية يوم الأحد أن حالات نقص العمالة جراء المرض بـ(كوفيد - 19) والتطعيم الإلزامي قد ينتج عنهما خسارة في إجمالي الناتج المحلي، تبلغ 35 مليار جنيه إسترليني (48 مليار دولار)، خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).
وأظهرت الدراسة التي أعدها مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني أن الخسارة المتوقعة تعادل 8.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتستند لافتراضات حكومية مخططة بمعدل تغيب يبلغ 25 في المائة.
ووفقا لوكالة بلومبرغ، تفرض الإصابات الآخذة في التصاعد جراء متحور أوميكرون الأكثر عدوى، ضغوطا على نظام الرعاية الصحية والأعمال بالبلاد، مع تزايد أعداد الموظفين المتغيبين عن العمل بسبب المرض أو العزل الذاتي.
من ناحية أخرى، قال وزير التعليم البريطاني ناظم الزهاوي يوم الأحد إن البلاد «تسير في طريق نحو الانتقال من الجائحة إلى مرض متوطن» بالنسبة لفيروس «كورونا»، حيث تضع الحكومة خططا للتعايش مع (كوفيد - 19) وبعد أن أصبح أول وزير في الحكومة البريطانية يؤيد خطوات لخفض فترة العزل الذاتي للمصابين بالفيروس إلى خمسة أيام بدلا من سبعة، قال الزهاوي لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن الاختبارات الدورية إلى جانب اللقاحات، والجرعات التنشيطية، والعلاجات المضادة للفيروسات سوف تشكل جوانب رئيسية لجهود البلاد للعودة للحياة الطبيعية. كما قال لقناة «سكاي نيوز» إنه يأمل أن تكون بريطانيا «واحدة من الاقتصادات الرئيسية التي تظهر للعالم كيفية انتقالها من الجائحة إلى مرض متوطن، والتعامل حينئذ مع ذلك، أيا كانت المدة التي سيستمر (المرض) معنا، سواء خمس أو ست أو سبع أو عشر سنوات». وقال إنه إذا وافق المستشارون العلميون للحكومة، فإن خفض فترات العزل سيخفف من نقص الموظفين، خصوصا بالمدارس، حيث يتعرض بعضها لنسبة غياب كبيرة للعمالة تصل إلى 40 في المائة. ومع ذلك يبلغ المعدل الإجمالي للغائبين نحو 8.5 في المائة، مرتفعا فقط بشكل طفيف عن مستويات حديثة.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».