في ظل تأكيد ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، أن مهمتها تنحصر في «قيادة المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ودعم العملية الانتخابية في البلاد»، ثارت حالة من الجدل والتخوف من إعادة العمل على وضع «خريطة طريق جديدة»، ما قد يطيل أمد الأزمة، ويضيع فرص إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وعدّ عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، علي التكبالي، أن «عودة الحديث الأممي للتركيز على أي مسار آخر غير المسار السياسي لا يعني سوى إعادة تدوير الأزمة وإبقائها في مربع اللاحلّ».
وقلّل التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من التعويل على وضع «خريطة طريق» جديدة لتحسين المسارين الأمني والاقتصادي، بما يظن البعض أنه قد يؤدي إلى تحقيق استقرار سياسي يسمح بإجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن حكومة «الوحدة الوطنية» جاءت بالأساس كحكومة انتقالية بهدف التمهيد للانتخابات، وتوحيد المؤسسات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.
وتابع التكبالي موضحاً أنه «مع نهاية فترة عمل الحكومة نجد أن الأوضاع المعيشية للمواطنين لم تشهد أي تقدم يذكر، فضلاً عن أنها لن تنجز الانتخابات العامة في الموعد المتفق عليه» قبل نهاية عام 2021.
وللخروج من الأزمة، يرى التكبالي أنه يتوجب على البعثة الأممية البدء في المسار الأمني، والعمل على كبح جماح الميليشيات في غرب ليبيا، موضحاً أنه «من دون ذلك لن تكون هناك انتخابات، ولن تتشكل سلطة شرعية للبلاد تعمل على رسم خطط تتلاءم مع مصالح الليبيين».
من جانبه، دعا عضو مجلس النواب الليبي، عبد المنعم الكور، للتفريق بين تأجيل الانتخابات وحدوث الانسداد السياسي، مشيراً في هذا الإطار إلى جهود البرلمان التي تجرى حالياً لوضع خريطة طريق، تنظم العمل خلال الفترة المقبلة.
وأوضح الكور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المسار السياسي مستمر، والبرلمان يعكف حالياً على إعادة النظر في العملية السياسية برمتها، ووضع خريطة في أقرب وقت ممكن، تمهيداً لإقرارها، والتوافق حولها مع باقي الأطراف السياسية، لافتاً إلى أن «هذا كله بهدف تنظيم العمل لفترة زمنية لا تقل عن عام، ولا تزيد عن عامين».
وتوقع الكور، وهو عضو لجنة المالية بمجلس النواب، أن يكون لهذه الخطوة أثر في تحقيق قدر واسع من الاستقرار السياسي، الذي ينعكس بطبيعة الحال إيجابيا على مسار الاقتصاد، وخاصة توحيد المؤسسات وزيادة إنتاج النفط، مشيراً إلى أن الخريطة تتضمن تعزيز الوضع الأمني عبر توحيد المؤسسة العسكرية، ما سينعكس إيجابياً على الجوانب الاقتصادية، على أن تنتهي بإجراء الانتخابات العامة.
بدوره، رأى رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، جمال شلوف، أن الانسداد السياسي الراهن قد يهدد فعلياً بنسف المسار الأمني، منوهاً إلى أن الأخير شهد تباطؤاً في ظل حكومة «الوحدة الوطنية» في مختلف أبعاده، سواء تعلق الأمر بقضية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، أو جمع السلاح ودمج الميليشيات.
ورأى شلوف أن رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة «حاول التغول على دور اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في السابق، بخصوص فتح الطريق الساحلي».
ولفت في هذا السياق إلى «أجواء التحشيد العسكري المنتشرة في العاصمة طرابلس من وقت لآخر، واستدعاء المجلس الرئاسي، والحكومة للميليشيات الموجودة بالعاصمة، في ظل ترقب حدوث اشتباكات فيما بينها، جراء تنازعها على مناطق النفوذ والهيمنة».
وسبق أن هدّد أعيان وشيوخ قبائل منطقة «الهلال النفطي» بإيقاف تصدير النفط مجدداً في حال استمرار امتناع الحكومة عن اعتماد رواتب قوات «الجيش الوطني»، وعناصر الأمن الداخلي، وهو الأمر الذي انتقده بشدة مدير التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، اللواء خالد المحجوب.
من جهته، أكد الأكاديمي الليبي، عطية الفيتوري، أن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في البلاد «يعد من المتطلبات الضرورية للمسار الاقتصادي، وخاصة الجهود التنموية، مثل زيادة الاستثمار الوطني والأجنبي في البلاد، بما يسمح بامتصاص البطالة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي».
ورأى الفيتوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما سماه بـ«الوضع الضبابي» الراهن، واستمرار الانقسام الجهوي لا يؤديان إلا لزيادة التدخل الأجنبي في الشأن الليبي لدرجة كبيرة.
ليبيون يتخوفون من إطالة أمد الأزمة بـ«خريطة طريق» جديدة
ليبيون يتخوفون من إطالة أمد الأزمة بـ«خريطة طريق» جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة