وصل الجدل بشأن حالات الانتحار في مصر إلى قبة البرلمان؛ إذ تقدمت الهيئة البرلمانية لـ«حزب الحرية المصري»، بمشروع قانون لتعديل قانون العقوبات بهدف «تجريم الانتحار، وإيداع من يحاول الانتحار مصحة، لمدة تتراوح من 3 شهور إلى 3 سنوات».
وقال النائب أحمد مهنى، عضو مجلس النواب المصري، وصاحب المقترح، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «العقوبات تتضمن غرامة تتراوح ما بين 10 آلاف و50 ألف جنيه مصري، في حال تكرار المحاولة».
وأثار المقترح فور تداوله جدلاً بين المصريين، بين مؤيد للفكرة بهدف «إجبار مَن يحاول الانتحار على العلاج»، وبين معارض يرى أن المقترح «يتضمن عقاباً وليس علاجاً».
وأوضح النائب مهنى أنه «تقدم بمشروع القانون إلى مجلس النواب المصري، أول من أمس، باسم الهيئة البرلمانية لـ(حزب الحرية المصري)»؛ مشيراً إلى أن «القانون المصري لا يجرم الانتحار أو الشروع فيه، وإنما يجرِّم التحريض عليه؛ لكن في ظل انتشار وقائع الانتحار أصبح لا بد من وضع حدود قانونية للمسألة، وهو ما يتضمنه مقترح القانون الذي يقضي بإيداع من يحاول الانتحار في إحدى المصحات للعلاج، لمدة تتراوح ما بين 3 شهور و3 سنوات حسب حالته، وفي حالة تكرار المحاولة يعاقب الشخص بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه»، لافتاً إلى أن القانون «يستلزم مشاركة وزارة الداخلية والتضامن والصحة والعدل».
وأثار مقترح القانون الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض، وتم تداول المقترح بنوع من السخرية التي مفادها أن «من يحاول الانتحار أمامه اختياران: إما أن ينجح ويموت، وإما أن يفشل ويُعاقَب».
وهنا يؤكد مهنى أن «الهدف من القانون استشفائي وليس عقابياً، فهو وسيلة لإجبار مَن يحاول الانتحار على العلاج، وذلك بهدف الحد من هذه الظاهرة، إضافة إلى أن هذا العلاج سيساهم في تحديد أسباب الانتحار لدى الشباب، وبالتالي توفير طرق لمواجهتها».
ويؤيد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، مشروع القانون إذا كان بهدف العلاج، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «قانون الطب النفسي في مصر ينص على إحالة أي شخص لديه ميول انتحارية للمستشفى للعلاج؛ خصوصاً مرضى الاكتئاب والانفصام»؛ مشيراً إلى أنه «من الضروري إجبار الأسرة على علاج أبنائها الذين لديهم ميول انتحارية»، لافتاً إلى «ارتفاع حالات الانتحار بين المراهقين العصابيين، وإصرار الأهل في كثير من الأحيان على علاجهم في المنزل، وهو أمر لا ينجح دائماً».
بدوره يتساءل المحامي نجاد البرعي: «لو كان الهدف العلاج، فلماذا تُفرض الغرامة؟»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «من يحاول الانتحار شخص مريض، ومن الممكن لو أن الهدف هو العلاج، أن ينص القانون على عرضه على أطباء نفسيين، لتقرير العلاج اللازم له، وتحمل الدول نفقة العلاج مثلاً؛ خصوصاً أن العلاج النفسي مكلف، لا أن ينص على إيداعه مصحة وفرض غرامة عليه، فهذه عقوبة وليست علاجاً».
ويأتي هذا الجدل في أعقاب انتحار مراهقة مصرية، بعد تهديدها بنشر صور خاصة لها، وهي ليست الحالة الأولى؛ إذ شهدت البلاد العام الماضي حالات انتحار لشباب أحدثت جدلاً في المجتمع، من بينها انتحار شابين جامعيين بكليتَي الطب والهندسة، داخل أحد فنادق الإسكندرية، وإلقاء فتاة جامعية بنفسها في مياه ترعة بأسيوط، وانتحار طالب بكلية الطب بإلقاء نفسه من أعلى مبنى جامعة بمدينة 6 أكتوبر (تشرين الأول).
ووفقاً لتقرير «منظمة الصحة العالمية» الصادر نهاية عام 2019، فإن «هناك حالة انتحار حول العالم كل 40 ثانية، وأكثر من نصف المنتحرين دون سن 45، وفي فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً».
مصر: مقترح برلماني لتجريم «محاولة الانتحار» يثير جدلاً
يتضمن إيداع المدانين بمصحة لنحو 3 سنوات
مصر: مقترح برلماني لتجريم «محاولة الانتحار» يثير جدلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة