طهران تشهد محاكمة عبثية أخرى

ضحيتها مراسل «واشنطن بوست» في إيران

جيسون رضائيان مع زوجته قبل اعتقاله (نيويورك تايمز)
جيسون رضائيان مع زوجته قبل اعتقاله (نيويورك تايمز)
TT

طهران تشهد محاكمة عبثية أخرى

جيسون رضائيان مع زوجته قبل اعتقاله (نيويورك تايمز)
جيسون رضائيان مع زوجته قبل اعتقاله (نيويورك تايمز)

يقبع جيسون رضائيان، مراسل صحيفة «واشنطن بوست» في طهران، داخل السجن منذ تسعة أشهر دون اتهامات واضحة، ويمثل أمام محاكمة على شاكلة «محاكمة» فرانز كافكا، حيث لم يتجاوز الوقت الممنوح للاستعداد لها مع محامي الدفاع الساعة، بل وحتى هذا الاجتماع لم يحدث بعد، على حد قول المحرر التنفيذي للصحيفة، يوم الثلاثاء.
وقال مارتن بارون، رئيس تحرير الصحيفة، في بيان، إنه كان من المفترض أن يحدث لقاء بين رضائيان وليلى إحسان، المحامية التي تتولى الدفاع عنه، الأسبوع المقبل، وهو اللقاء الوحيد المسموح لهما به. وزاد القبض على رضائيان وحبسه من توتر العلاقات المأزومة بالفعل بين الولايات المتحدة وإيران، في وقت يحاول فيه الطرفان التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي المثير للجدل.
كذلك زاد تقرير صدر يوم الأحد عن وكالة أنباء فارس الإيرانية التوترات، بما ذكره دون سند عن احتمال توجيه اتهامات لرضائيان بالتجسس لصالح الولايات المتحدة من خلال تقديم معلومات عن تأثير العقوبات الغربية على الشركات الإيرانية.
ووصفت صحيفة «واشنطن بوست»، وعائلة رضائيان، وأصدقاؤه، تلك الاتهامات بـ«الكاذبة والهزلية».
وصدر بيان بارون يوم الثلاثاء لتوضيح ما وصفه بـ«سوء فهم» في مقال «أسوشييتد بريس» المنشور يوم الأحد عن تقرير وكالة فارس، الذي نقل على لسان إحسان إنها التقت رضائيان الشهر الماضي في السجن، وإنها تستطيع لقائه في «أي وقت»، وإنه بدا في صحة جيدة. وقال بارون: «لم يتمكن جيسون من مناقشة ليلى مناقشة مسهبة، فلقاؤهما الوحيد حدث منذ بضعة أسابيع في إحدى غرف القضاة قبل تعيين ليلى رسميا لتمثله. ولم يكن يتم السماح لهما بمناقشة قضية جيسون، أو الاتهامات الموجهة إليه، التي لم يتم الإعلان عنها بعد».
وأكد بارون موقف الصحيفة مرة أخرى، وكذا موقف عائلة رضائيان وأصدقائه، وهو أنه لم يرتكب أي خطأ، وخضع لتحقيقات قاسية في السجن، وعانى الحبس الانفرادي لأشهر، فضلا عن الظروف البائسة التي عرضت صحته للخطر. وقال: «هذه الأشكال التي تذكرنا بالقيود في رواية (المحاكمة) لكافكا توضح الظلم الذي تمارسه إيران في كل ما يتعلق بقضية جيسون».
والجدير بالذكر أنه تم القبض على رضائيان، الصحافي الذي يبلغ 39 من العمر، ويحمل الجنسية الإيرانية والأميركية، في 22 يوليو (تموز)، هو وزوجته يجانه صالحي، الصحافية الإيرانية التي تعمل لدى صحيفة إماراتية، واثنين إيرانيين آخرين، لكن تم إطلاق سراح الآخرين بكفالة لاحقا.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟
TT

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

كيف يتفادى الناشرون قيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي؟

تزامناً مع انتشار الصراعات والأزمات والأحداث السياسية، تزايدت الشكاوى من حذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة «تعارضها مع أو انتهاكها لمعايير النشر على تلك المنصات»، الأمر الذي جدّد الجدل حيال مدى تأثر المواقع الإخبارية بقيود منصات «التواصل» على المحتوى السياسي، وكيف يتفادى الناشرون الخوارزميات لعدم حذف تقاريرهم عن النزاعات والحروب.

وحقاً، طوال السنة تصاعدت شكاوى ناشرين وصُناع محتوى من القيود المفروضة على نشر المحتوى السياسي، لا سيما في فترات الأحداث الكبرى خلال «حرب غزة»، من بينها أخيراً قتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، ولقد شكا صحافيون ومنصات إخبارية من «حذف» منشوراتهم و«تقييد» صفحاتهم بسبب نشرهم محتوى عن مقتل السنوار. خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أكدوا أن منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التابعة لشركة «ميتا»، زادت من قيودها على نشر المحتوى السياسي، واقترحوا وسائل عدة للالتفاف حول تلك القيود: أبرزها الالتزام بالمعايير المهنية، وبناء استراتيجيات جديدة للترويج للمحتوى لا تعتمد بشكل كلي على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدكتورة مي عبد الغني، أستاذة الإعلام في جامعة بنغازي والباحثة في الإعلام الرقمي، أرجعت استمرار منصات التواصل الاجتماعي في حذف بعض المنشورات والحسابات إلى «تعارض تلك المنشورات مع المصالح السياسية للشركات المالكة للمنصات». وأردفت أن «تحكم المنصات في المحتوى المنشور يزداد في أوقات الحروب والأزمات وفترات التوتر العالمي، على غرار الحرب الدائرة منذ أكثر من سنة في غزة».

وأوضحت مي عبد الغني أنه «على مدار العام الماضي تعرض المحتوى العربي لأشكال عدة من التقييد ومنع وصول المحتوى وإيقاف البث المباشر، وحذف وحظر المنشورات وحتى إيقاف الحسابات... من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حسابات المواقع الإخبارية العربية، لكونها معنية بنقل ما يحدث في المنطقة من زاوية قد تتعارض مع مصالح وتوجهات الجهات المالكة لمنصات التواصل الاجتماعي».

لمواجهة هذه القيود اقترحت الباحثة والأكاديمية «استخدام أساليب عدة من بينها تقطيع الكلمات، أو استخدام أحرف لاتينية في الكتابة أو صور، مع محاولة اختيار الألفاظ بشكل دقيق للتحايل على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي».

في المقابل، يرى الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، أن «كُل طُرق التحايل لتفادي قيود منصات التواصل على نشر المحتوى، ليست إلا حلولاً مؤقتة... وهذه الطرق عادةً ما تُكتَشف بعد فترة، ما يجعلها عديمة الفاعلية في منع الحذف».

وأضاف البرماوي: «على المواقع الإخبارية أن تبني استراتيجيتها الترويجية بعيداً عن منصات التواصل الاجتماعي بحيث تكون لها وسائلها الخاصة للترويج، مهما تطلب ذلك من وقت ومجهود». ولذا اقترح أن «تلجأ المواقع الإخبارية إلى تنويع حساباتها على المنصات، بعمل حسابات مختلفة للأخبار والمنوعات والرياضة، إضافة إلى ممارسة الضغط على وسائل التواصل الاجتماعي لتقليل القيود المفروضة على نشر المحتوى الإخباري».

ويوضح محمد فتحي، الصحافي المتخصّص في الإعلام الرقمي، أنه منذ بدء «حرب غزة» أدخلت منصات التواصل الاجتماعي سياسات وقيوداً تؤثر على ظهور المحتوى المتعلق بالحرب، وهو ما «عرّض تلك المنصات لانتقادات عدة واتهامات بالتضليل».

وأكد فتحي أنه «إذا أراد الناشر الاستفادة من المنصات، فيجب عليه مراعاة معاييرها وسياستها... بينما على ناشري المحتوى الموازنة بين المنصات المختلفة، فلكل منصة سياسة خاصة بها، وما يصلح للنشر على (يوتيوب) قد لا يناسب (فيسبوك)». واختتم بالتشديد على «ضرورة مراعاة المعايير المهنية وتدقيق المعلومات عند النشر كوسيلة لتفادي الحذف... فالالتزام بالمهنية غالباً ما يكون الحل الأمثل لمواجهة أي قيود».