حوار تلفزيوني مباشر بين بوتين ومواطنيه

استمر 4 ساعات ووصله 3 ملايين سؤال

الرئيس فلاديمير بوتين في حواره التلفزيوني السنوي المباشر مع مواطنيه أول من أمس (أ.ب)
الرئيس فلاديمير بوتين في حواره التلفزيوني السنوي المباشر مع مواطنيه أول من أمس (أ.ب)
TT

حوار تلفزيوني مباشر بين بوتين ومواطنيه

الرئيس فلاديمير بوتين في حواره التلفزيوني السنوي المباشر مع مواطنيه أول من أمس (أ.ب)
الرئيس فلاديمير بوتين في حواره التلفزيوني السنوي المباشر مع مواطنيه أول من أمس (أ.ب)

الحوار التلفزيوني السنوي المباشر تقليد سنه الرئيس فلاديمير بوتين منذ مطلع سنوات ولايته الأولى كصيغة دورية للتواصل مع مواطنيه ومشاهديه في الداخل والخارج. هذا التقليد وصفه بوتين بأنه أقوى أشكال استطلاع الرأي التي يستطيع المرء من خلالها الاستماع إلى نبض الشارع واستبيان مشكلاته وقضاياه. قال بوتين أيضا إن «ملايين الأسئلة التي يتوجه بها مواطنوه من خلال هذا الحوار تتيح له فرصة استيضاح ومعايشة مشكلاتهم واستطلاع طموحاتهم وأحلامهم وما يراودهم من مشاعر وأفكار». وذلك ما يمكن أن يكون مقدمة لصياغة خريطة طريق تبدو حكومته مدعوة إلى تبنيها كبرنامج عمل للفترة القريبة المقبلة.
وإذا كان هناك من يرى في العدد الضخم لأسئلة وتساؤلات المواطنين هذا العام، وقد تعدت الثلاثة ملايين، رقما قياسيا يمكن أن «يتباهى» به القائمون على إعداد هذا الحوار التلفزيوني «المباشر»، فإن هناك من يعتبر ذلك قصورا سافرا في نشاط أجهزة الدولة التنفيذية والسلطات المحلية، وعجزا عن تلبية أبسط احتياجات المواطنين ممن توجهوا بأسئلتهم إلى رئيس الدولة بعد أن ضاقت بهم السبل وانسدت الأبواب ولم يجدوا سوى بوتين بوصفه السلوى والملاذ. وعلى الرغم من أن ما شهدناه واستمعنا إليه من أسئلة اقترب عددها من التسعين سؤالا، يمكن أن يكون «رؤية انتقائية خاصة» عكف على دراستها وتحليلها فريق الكرملين لاختيار ما يتراءى له مناسبا لطرحها على الرئيس، فإنها تظل وعلى ما يبدو تعبيرا عما يخالج مواطني روسيا من مشاعر وما يراودهم من آمال، ونموذجا لأكثر القضايا أهمية وطرافة.
ولعل هذه الصيغة التي اختارها بوتين كإحدى أهم مفردات آلياته الإعلامية للتواصل مع مواطنيه، يمكن أن تكون أيضا شكلا من أشكال إدارة شؤون الدولة المترامية الأطراف والتي تقترب مساحتها من سدس مساحة الكرة الأرضية. وعلى الرغم من أن مثل هذه الصيغة للتواصل مع المواطنين تحتاج من الرئيس أكبر قدر من الصبر والتركيز والتمعن فيما وراء كل سؤال من الأسئلة التي أمطرها به مواطنوه على مدى الساعات الأربع للحوار المباشر، فإنها تحتاج أيضا إلى أن يكون الرئيس ذا ذاكرة حديدية وقدرة على المناورة والمواجهة، فضلا عن ضرورة أن يكون مسلحا بأكبر قدر من الأرقام والوقائع، وبرصيد وافر من المعلومات العامة والخاصة وهو ما أثبت بوتين غير مرة أنه قادر عليه دون الحاجة إلى تقليب في أوراق، أو استعانة بـ«صديق»، تسانده في ذلك خبراته التي تراكمت طوال سني تدريبه وعمله في واحد من أعتى أجهزة المخابرات في العالم، وإن جانبه التوفيق أحيانا وافتقدت بعض إجاباته وتعليقاته إلى قوة الإقناع.
وفي قاعة المركز الصحافي الذي أقيم على مقربة من الكرملين والساحة الحمراء، جلس الرئيس مع اثنين من مذيعي التلفزيون الروسي ليجيب على أسئلة مواطنيه التي تناوب المذيعان على تلاوتها من بين ما ورد إلى المركز الصحافي من رسائل عبر الإنترنت أو الفيديو، أو مباشرة من جانب ما يقرب من 260 من ممثلي مختلف الأوساط السياسية والثقافية والشبابية، أو ممن جرى الحديث معهم عبر الأقمار الصناعية في مواطنهم في مختلف الأقاليم والمناطق الروسية.
حوار هذا العام تطرق إلى الكثير من المشكلات والهموم التي استعرضها الرئيس بوتين مع الملايين من مواطنيه ومشاهديه ممن تحلقوا حول شاشات التلفزيون لمتابعة ما سوف يطرحه من حلول وتفسيرات لما تراكم على مدى الأعوام الماضية من قضايا محلية أو إقليمية ودولية، سياسية كانت أو اقتصادية.
وإذا كان الرئيس بوتين قال صراحة إنه يعتبر مثل هذا الحوار بمثابة استطلاع رأي حول مشكلات روسيا وهمومها، ومحاولة لاستيضاح مدى احتياجات مواطنيه، فإن الحوار يظل أيضا مؤشرا يمكن الاهتداء به لمعرفة توجهات الرئيس الروسي وتقديره لهذه المشكلات. ولذا يكون من الطبيعي أن يتحول الحوار التلفزيوني «المباشر» ونتائجه، إلى «خريطة طريق» أو «برنامج عمل» لتلبية مطالب واحتياجات الجماهير التي استعصت على الحل من خلال الجهود التقليدية على المستويات الأدنى، وهو ما بدأت السلطات الفيدرالية والإقليمية في تبنيه فور الانتهاء من ذلك الحوار.
وبهذه المناسبة نشير إلى أن الكثير من هذه القضايا لم يكن في حاجة إلى تدخل الرئيس لو أخلصت السلطات المحلية في الأقاليم في القيام بواجبها، حتى وإن بدا بعضها فوق طاقتها وصلاحياتها ما اضطر أصحابها إلى أن يطرحوها على رئيس الدولة بحثا عن حلول عاجلة، أو تفسيرات لما غمض منها، ولا سيما ما يتعلق بالقضايا المصيرية داخلية كانت أو خارجية. ومن مطالب الفئة الأولى، ما كشفت عنه فتاة من ذوات الاحتياجات الخاصة في رسالة فيديو مصورة حول حاجتها إلى جهاز رياضي للتمرين على المشي لا تتعدى قيمته 400 دولار، وهو ما قال بوتين إن تلبية مثل هذا الطلب مسألة ليست في حاجة إلى مناقشة وإن الموضوع في حكم المقرر، إلى جانب قضايا أخرى على غرار توفير المساكن لقدامى المحاربين أو تسيير قطارات الضواحي، أو افتتاح مراكز بيع المنتجات الغذائية والألبان، وهي أيضا قضايا تكشف عن قصور فادح في عمل الأجهزة المحلية، وعن عجز الحزب الحاكم عن التفاعل مع ناخبيه.
ونذكر أن الابتسامة ارتسمت على شفاه الملايين من متابعي حوار هذا العام عند الكشف عن عدد من التساؤلات والطلبات التي بدت مفعمة بالندرة والطرافة والإثارة معا.
ومن هذه الطلبات ما توجهت به صديقة لزوجة أحد الضباط المتقاعدين، إلى الرئيس ترجوه التدخل لدى الزوج للاستجابة لطلب قرينته حول اقتناء كلب، وهو ما رد عليه بوتين بقوله إن «التدخل صعب في مثل هذه الأمور العائلية»، وإن نصح الزوجة باختيار اللحظة والمكان المناسبين للتوجه إلى الزوج بمثل هذا الطلب، في الوقت الذي أوصى فيه الزوج بالاستجابة لطلب الزوجة لأن اقتناء الكلب أمر طيب يمكن أن يلطف الأجواء ويزيد من التفاهم المتبادل. ولم تتوقف دهشة الحاضرين ومعهم الرئيس بوتين عند طرح مثل هذه الرغبات والمطالب التي تقترب من العبثية، وإن بدا الإصرار واضحا على طرحها وكأنه محاولة من جانب «مخرج المشهد التلفزيوني» لترطيب أجواء الحوار.
ولذا ومن نفس المنظور يمكن التوقف بذات الدهشة والفضول عند اختيار أحد الحاضرين في قاعة المركز الصحافي وكان مزارعا بريطاني الأصل، كشف عن أنه جاء إلى روسيا في مطلع تسعينات القرن الماضي وحصل على الجنسية الروسية. قال المزارع إنه يستأذن الرئيس في مواجهته بعدد من الحقائق قد تكون تفسيرا لما يواجهه من مشكلات لدى تسويق منتجات مزرعته الخاصة في أحد الأقاليم الروسية. وعزا المواطن الروسي البريطاني الأصل، هذه المشكلات إلى تعنت وفشل السلطات المحلية التي اتهمها بأنها تخدع الرئيس بما تقدمه من أرقام وبيانات تفتقر إلى الدقة. ورغم أن بوتين سارع بدرء الاتهام، مؤكدا أنه على دراية كافية بالأمور، وأن كل الأمور تحت السيطرة، فقد تحول إلى مداعبة ذلك المزارع بسؤاله بالفرنسية، عما إذا كانت المرأة وراء قدومه إلى روسيا؟ قبل أن يناقش مشكلته وكانت تتعلق بتعثر عملية تسويق منتجاته الزراعية.
لكن الحوار الطويل حفل أيضا بالكثير من القضايا الجادة التي كشف بوتين في معرض تناولها عن رأيه فيها وما يمكن أن يطرحه لتقريرها من حلول. ومن هذه القضايا كانت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في روسيا وتأثرها بالعقوبات وما ينتظر المواطن الروسي من أوضاع في الفترة القريبة المقبلة. وكانت هناك أيضا الأزمة الأوكرانية بكل تعرجاتها وما نجم عنها من تداعيات ومواقف، مع تأكيد ألا قوات روسية في جنوب شرق أوكرانيا، إلى جانب الكثير من القضايا الدولية والإقليمية التي تتفاقم يوما بعد يوم نتيجة محاولات عاصمة بعينها الانفراد بالقرار الدولي بعيدا عن الشرعية والقانون، كما يقول الكثيرون في دوائر صناعة القرار في روسيا.
ومع ذلك فقد خلا حوار هذا العام مما سبق وشهدته الحوارات السابقة من قضايا شخصية تتعلق بالعائلة وشخص الرئيس، عدا ما قاله بوتين حول أنه لا يريد أن يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة بعد تقاعده، وكذلك حول علاقته الخاصة بالزعماء الأجانب، وإن كشف عن إحدى طرائف علاقته الخاصة مع المستشار الألماني السابق جيرهارد شرويدر. قال إنه صحبه ذات يوم إلى «الحمام الروسي» الملحق بمقر إقامته، لكن ظرفا طارئا اضطره إلى مغادرته وكان يتعلق بحريق أتى على كامل الحمام. لم يقل بوتين شيئا يستحق الذكر في هذا المجال سوى أن شرويدر أصر على البقاء في الحمام حتى ينتهي من احتساء ما بين يديه من شراب.



المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».