رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

خالد صلاح قال لـ«الشرق الأوسط» إن 67 ألف نسخة توزع يوميًا.. ولا توجد نية لإيقاف النسخة الورقية

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية
TT

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

رئيس تحرير «اليوم السابع»: لا معلومات موثقة عن أرقام توزيع الصحف المصرية

تمثل تجربة «اليوم السابع» علامة فارقة في تاريخ الصحافة المصرية، ونقطة تحول مهمة في طريقها الناجح نحو الصحافة الإلكترونية، فلقد نجح الموقع الإلكتروني للصحيفة الذي انطلق في ديسمبر (كانون الأول) 2007، في أن يتقدم إلى صدارة المواقع الإلكترونية المصرية والعربية، وأن يحافظ على موقعه بالتوازي مع صدور النسخة الورقية للصحيفة عام 2008، والتي ظهرت «أسبوعية» قبل أن تتحول إلى «يومية» في 31 مايو (أيار) 2011.
وعبر ثماني سنوات، هي عمر «اليوم السابع»، نجح رئيس تحريرها الكاتب الصحافي خالد صلاح في أن يؤسس منظومة صحافية جديدة، وأن يطرح تصورا مغايرا على سوق الصحافة المصرية، تبعه الكثيرون بعد ذلك. ويفخر خالد صلاح بأنه تأثر كثيرا برائد الصحافة المصرية مصطفى أمين، ويعتبره مثله الأعلى. ورغم نجاح «اليوم السابع» إلكترونيا، فإنه يرفض فكرة زوال الصحافة المطبوعة، ويطرح عبر حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» في مقر «اليوم السابع»، تصوره لإعادتها إلى مجدها المسلوب، ويتحدث عن أبرز ملامح تجربته الصحافية. وإلى نص الحوار..

* بدأتم «اليوم السابع» إلكترونيا ثم ظهرت النسخة الورقية، وتوازى النجاح في الطريقين معا، حتى حدث تراجع واضح في توزيع النسخ الورقية للصحف المصرية مؤخرا، إلى أي مدى تأثرتم بذلك؟
- للأسف الشديد، لا توجد معلومات موثقة لدى صناع الصحافة في مصر عن أرقام التوزيع الحقيقية، وكل ما يتردد في السوق هو كلام خاطئ يردده المتنافسون كل عن الآخر. بالنسبة لنا لا يوجد تراجع في توزيع «اليوم السابع»؛ بل حدثت زيادة منذ 30 يونيو (حزيران) الماضي، وإن كنا نفخر في «اليوم السابع» أننا بالأساس صحيفة «ديجيتال».
أما بشكل عام على مستوى الصحافة المطبوعة في مصر، فإن هناك بالفعل تراجعا.. لا شك في ذلك، والتوجه أصبح إلى «الديجيتال». وقد حدث تراجع ملحوظ في الشهر الأخير في كل الصحف المصرية بعد أن تم رفع أسعار الصحف، وحدث نقص نحو 14 في المائة في المتوسط عن أرقام التوزيع قبل زيادة الأسعار.
* متى تتوقف النسخة الورقية لـ«اليوم السابع»؟
- لا توجد نية على الإطلاق لإيقاف النسخة الورقية، فرغم توجهنا الإلكتروني، فإننا نرى أن هناك احتمالات كبيرة أن تنمو سوق المطبوع رغم التدهور الحالي. هناك أفكار توزيعية وتسويقية غائبة عن السوق، نحن للأسف الشديد نتعامل مع مؤسسات حكومية في عمليات الطباعة والتوزيع، وليس لهذه المؤسسات الطموح الكافي للوصول بالنسخ المطبوعة إلى كل أسواق التوزيع الممكنة، فنحن نغيب بشكل عام عن نقاط توزيع استراتيجية ومهمة، والسياسات التوزيعية المتبعة من هذه الشركات لا تتضمن أي أفكار لتطوير هذه الصناعة، وأملنا الفترة المقبلة في وجود شركات خاصة مشتركة في مجال التوزيع لتسترد بعض مجد الصحافة المطبوعة. ودليلي على احتمالات النمو، أنه رغم التقدم الموجود في البلاد الغربية، فإن الصحافة المطبوعة لا تزال تحافظ على الكثير من بريقها.
* لكن هناك دراسات أوروبية وأميركية تؤكد بدء اختفاء الصحف المطبوعة مع حلول عام 2020، حتى تختفي تماما في عام 2040، ما تعليقك؟
- أتابع حركة الصحافة المطبوعة حول العالم، ولا نستطيع أن نقول إن هذه الدراسات مؤكدة، فهي دراسات تقديرية. وبحكم مشاركتي في تأسيس «اليوم السابع» فإن رهاني كان إلكترونيا، لكن أجزم لك بأن اختفاء الصحافة المطبوعة لن يحدث في حدود المدى المنظور، وأعتقد أننا في طريقنا لتغيير شكل الصحافة المطبوعة، ربما في تغيير حجم الورق وشكل الخدمة والتصميم الفني.
* معدل مبيعات الصحف الورقية في مصر كان يبلغ نحو مليوني نسخة عام 2010، وقد وصل هذا الرقم إلى نصف مليون في الأشهر الستة الأخيرة وفق مصادرنا.. هل لنا أن نعرف ما هو الرقم الفعلي لتوزيع النسخة الورقية من جريدتكم؟
- بالنسبة للصحف في مصر الرقم الأول صحيح ومعروف ومتداول، أما الثاني فأظن أنها قد وصلت إلى 800 ألف نسخة، وبالطبع انخفض هذا الرقم في الشهر الأخير بسبب ارتفاع أسعار الصحف، أما «اليوم السابع» فتطبع 90 ألف نسخة يوميا، وتوزع 67 ألف نسخة في المتوسط، وهذا الرقم على مسؤوليتي.
* ما هي معايير النجاح إلكترونيا؟
- التدفق السريع والمصداقية.
* وإلى أي مدى ترى أن اعتمادكم على مواد «إثارة» قد حقق نجاحا للموقع؟
- هذا كلام مرسل وغير حقيقي ولا يعبر عن رؤية علمية دقيقة، ودليلي في ذلك هو استمرار الجمهور في التعامل مع الموقع على أنه مصدر موثوق، وقد يكون طبيعة ما جرى في مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة سياسيا واجتماعيا وأمنيا هو ما أعطى انطباعا بأن الأخبار المصرية ساخنة.
* هل تواجهون ضغوطا كمؤسسات إعلامية مستقلة من الدولة في عهد الرئيس السيسي؟
- لا، إطلاقا، لا توجد أي ضغوط من الدولة.. ونحن نعتبر أنفسنا الآن شركاء في وطن واحد، ونتعامل مع كل القضايا الوطنية بفهم مشترك.
* يرى البعض أن الإعلام بطل في أزمات كثيرة في عهد الرئيس السيسي؟
- مثل ماذا؟
* مثل ما يحدث من تلاسن حالي مع إعلاميين عرب، وقبل ذلك تدخل الرئيس «شخصيا» واعتذر لأمير قطر؟
- بداية، التلاسن لا يصح تصنيفه على أنه أزمة، أما المثل الثاني فأوافقك فيه وهو مثال مهم، لكن كم شخصا من الإعلام خالف منطق الرئيس هذا؟ وكم شخصا عاد وفعل نفس الشيء؟ شخص واحد «غير إعلامي» في برنامج واحد، وما طالب به الرئيس السيسي هو طلب أخلاقي، وليس توجيها أو تدخلا.. وليس أزمة.. إذا أردت مثالا على من يصنع الأزمة فانظر إلى إعلام «الجزيرة».
* شاركتم في اجتماعات تحضيرية لتأسيس كيان يجمع الصحف المستقلة.. ما هو الهدف من هذا الكيان؟ وهل خفوت الحديث عنه يعني أنكم فشلتم في توحيد الصفوف؟
- غير صحيح أن هناك اختفاء للتحضيرات أو فشلا، فقط نحن نعمل بعيدا عن الأضواء، فلقد ظهرت الدعوة لإنشاء رابطة للصحافة الخاصة ليسمع صوتها كـ«صناعة اقتصادية»، كما أن مشكلات الصحافة الخاصة في مصر لم تكن على طاولة البحث التشريعي، حيث سيطرت الصحف الحكومية على لجان التشريع المكملة للدستور، كما كنا نريد لزملائنا أن يفهموا طبيعة التحديات التي تواجه مهنة وصناعة الصحافة. كما أن تجمعنا كان يهدف لتوحيد جهودنا في مواجهة تحدياتنا التسويقية، ومنها الخلل في علاقتنا مع شركات الاتصالات في خدمة الرسائل القصيرة (SMS)، نحن نتفاوض مع شركات الاتصالات كل مؤسسة على حدة، وبالتالي تفرض علينا أسعارا.. في حين أننا لو تفاوضنا بشكل جماعي سنحصل على الأسعار التي نريدها. ولأننا صحافة خاصة، وتؤثر علينا قواعد الربح والخسارة، فكنا نريد أن نجتمع لنقدم حلولا لهذه المشكلات التي تواجهنا، ولم يفهمنا «الجيل القديم» الكلاسيكي، الذي تصور أننا ندعو إلى «كيان بديل»، وبالتالي لأننا راعينا مستوى عقولهم، فقررنا أن نعمل وننسق مع بعضنا البعض دون الحاجة إلى ضجيج أو أي نوع آخر من التحالف العلني.
* أيهما أكثر في عائداته الإعلانية الموقع الإلكتروني لـ«اليوم السابع» أم الصحيفة الورقية؟
- الصحيفة الورقية ما زالت الأعلى دخلا.. وهذا من مصائب الدهر، فنحن نقول إن الصحافة المطبوعة أصبح لا أمل لديها والصحافة (الديجيتال) هي القادمة، لكن لا تزال الكعكة الأكبر للجرائد المطبوعة حتى الآن، ليس لأن المطبوع أفضل.. ففي «اليوم السابع» المطبوع مثلا نحو 90 ألف، بينما يدخل عليها 6 ملايين زائر للموقع.. لكن حتى الآن لم نتمكن من ترتيب سوق إعلانات (الديجيتال)، لأننا لو تعاملنا معه كـ«شاشة» في مقارنة مع التلفزيون فنحن في مأزق، لأن الإعلانات ستذهب إلى التلفزيون، فهناك تغير صادم لم يعلم به أحد، وسياسات التسعير خاطئة، كما أن وكالات الإعلانات في مصر ما زالت لم تستوعب التغير.
* إلى أي الوسيلتين تنحاز أكثر.. «الأونلاين» أم الورقي؟ وكيف تدير المواد الصحافية بين الوسيلتين؟
- منحاز لـ«الأونلاين».. وفي الخبر الأمر محسوم لصالحه، لكن هناك موضوعات نصنعها خصيصا للمطبوع، مثل التحقيقات الاستقصائية أو نشر ملفات القضايا حصريًا.
* هل هناك فريقان لإدارة العمل في كل من الموقع والصحيفة؟
- لدينا غرفة أخبار (newsroom) واحدة، بإدارة واحدة، ومن يقم بالفصل بين الاثنين يقع في خطأ ولا يدرس تجارب العالم؛ وسيندم على التراجع مثل «THE TIMES» التي فعلت ذلك، ثم صرفت مليوني جنيه إسترليني للدمج.
* وهل ترى أن الدمج والتوحد بينهما مرجعه لأمور اقتصادية أم مهنية؟
- للاثنين طبعًا.. أنت توفر في طاقم العمل (staff)، إضافة إلى أنه القرار المهني الأصح، هنا لدينا غرفة أخبار مدمجة، حيث المحرر موصول بكل الوسائط، يمكنه أن يرسل إلى «الأونلاين» أو الفيديو أو المطبوع أو يختار خدمة الرسائل القصيرة.
* وهل هناك كوادر بشرية بالفعل مؤهلة لهذه الأدوار المختلفة؟
- نعم، لدينا الكوادر البشرية لذلك.. الشيء الوحيد المنفصل هو ديسك الموقع وديسك الجريدة، أي المسؤولون عن الصياغة، فصياغة الجريدة فريق مكون من 10 أفراد، أما صياغة الموقع ففريق مكون من 30 فردا، هذا هو فقط المكان الوحيد الذي يوجد فيه فصل في كل دورة العمل.
* تتصدر صورتاهما مكتبك، بمن تأثرت أكثر في الإدارة، مصطفى أمين أم محمد حسنين هيكل؟
- مثلي الأعلى هو مصطفى أمين، أما هيكل فأنا أحب لغته، وأحب أن أقرأ له؛ تختلف أو تتفق معه، لكني أحترم جدا (تجربة) مصطفى أمين الصحافية. وكنت أتأثر جدا حين أقرأ ماذا كان يقول مصطفى أمين للمحررين (في محاضر الاجتماعات) من 50 سنة. كان يقول الكلام الذي لا نزال نحتاجه اليوم. مثلا كان يقول: «صحافي ذهب إلى مستشار إعلامي في وزارة لكي يستلف منه جنيها، هذا الصحافي لن يكبر أبدا لأنه سيظل مدينا لهذا المستشار الإعلامي.. أنت تصادقه نعم، ولكن أنت من يصرف عليه وليس هو الذي يصرف عليك». انظر إلى محضر اجتماع حول طريقة تغطية مشروع السد العالي، كان يقول لهم: «السد العالي عبارة عن حجارة، وأنا أريد كل حجر بقصة إنسانية».. كان شخصا متقدما للغاية، وليس له نظير.
* خضت تجربة العمل كمراسل في أفغانستان وقت عملك في «الأهرام»، لأي مدى استفدت مهنيا من هذه التجربة؟
- ذهبت إلى كل من العراق وأفغانستان بعد الحرب ودخول الأميركيين إلى البلدين في الحربين. الحقيقة كانت تجربة مهنية مثمرة جدا، لأنها علمتني كثيرا من شؤون السياسة في المنطقة. لكن أنا تعاملت معها بطريقة عاطفية للغاية لأنني كنت متحسرا على أوضاع العالم الإسلامي، وكنت أشعر بالأسى، خاصة حين كنت أرى أوضاع العراق في 2003، لأنني شممت رائحة الفتن الأهلية الموجودة هناك مبكرا بعد الحرب مباشرة. وتعلمت منها أن الولايات المتحدة لا تدخل قرية إلا جعلت أعزة أهلها أذلاء، وبدلت الأوضاع وأدارتها لمصالحها الشخصية. وكل الحديث عن بناء ديمقراطيات أو إعادة إعمار في هذه البلدان كان حديثا كاذبا، واكتشفت ذلك مبكرا. وعدت مؤمنا بأن بلادنا، مصر على وجه الخصوص، لا بد أن يسير فيها تيار الإصلاح بأكثر من تيار الثورة. ولذلك لم أكن متعاطفا كثيرا مع حالة الثورة الدائمة التي كانت موجودة في الشارع. وما زلت أؤمن بأن الجهود الإصلاحية أبطأ، لكنها أكثر ثقة وأكثر فاعلية، وأن الجهود الثورية في بلدان غير متعلمة بالشكل الكافي وتؤدي إلى نتائج كارثية كما حدث.
* أسهمت في ميلاد مجلة «الأهرام العربي» الأسبوعية عام 1997، والتي ولدت ناجحة ومتألقة قبل أن يخفت بريقها.. في رأيك ما سر النجاح وقت الصدور؟
- أنا مدين لمجلة «الأهرام العربي» ولأسامة سرايا، رئيس تحريرها، بأشياء كثيرة للغاية. تعلمت فيها الكثير، وكانت أول إصدار عربي لـ«الأهرام» ولمؤسسة مصرية. هذه المجلة كانت محظوظة للغاية في البداية؛ لأن سرايا نجح في تكوين فريق تحريري جيد جدا، كلهم حاليا نجوم الإعلام في مصر، ونجح سرايا خلال سنوات وجوده في تحقيق نجاح لأن المجلة كانت مشروعه، وعندما رحل ليتولى رئاسة تحرير «الأهرام» بدأنا نتفكك وكل منا يبحث عن مشروعه الخاص، وبالتالي تراجعت المجلة جدا.



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.