استخراج عناصر أرضية نادرة بواسطة «البكتيريا»

بديلاً لعمليات التعدين والتكرير التقليدية

بكتيريا «أوكسيديان جلوكونوباكتر» يمكن توظيفها لاستخراج المعادن من الصخور
بكتيريا «أوكسيديان جلوكونوباكتر» يمكن توظيفها لاستخراج المعادن من الصخور
TT

استخراج عناصر أرضية نادرة بواسطة «البكتيريا»

بكتيريا «أوكسيديان جلوكونوباكتر» يمكن توظيفها لاستخراج المعادن من الصخور
بكتيريا «أوكسيديان جلوكونوباكتر» يمكن توظيفها لاستخراج المعادن من الصخور

تعتبر العناصر الأرضية النادرة أمراً حيوياً للحياة الحديثة؛ حيث تدخل في كثير من الصناعات، ولكن تكريرها بعد التعدين أمر مكلف وضار بالبيئة، ولا تُقدِم عليه الدول التي تسعى للتخلص من المشكلات البيئية.
وبدلاً من الطرق التقليدية لاستخراج هذه العناصر، تصف دراسة جديدة نشرتها دورية «نيتشر كومينيكيشن» في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إثباتاً لمبدأ هندسة جرثومة «أوكسيديان جلوكونوباكتر» التي يمكن توظيفها لاستخراج العناصر الأرضية النادرة بشكل مستدام، لتلبية الطلب المرتفع على استخراج هذه العناصر، وفي الوقت نفسه يتم تحقيق ذلك بتكلفة أقل وكفاءة عالية، مع مراعاة المعايير البيئية الأميركية.
والعناصر الأرضية المقصودة التي يوجد منها 15 في الجدول الدوري، ضرورية لكل شيء، من أجهزة الكومبيوتر والهواتف المحمولة والشاشات والميكروفونات وتوربينات الرياح والمركبات الكهربائية والموصلات، إلى الرادارات والسونارات وأضواء «ليد» والبطاريات القابلة لإعادة الشحن.
وتخلت بعض الدول عن عمليات التكرير التقليدية لاستخراج هذه العناصر الأرضية النادرة، وتوقف هذا الإنتاج في دولة مثل الولايات المتحدة منذ أكثر من 5 عقود، والآن يتم الاعتماد على استيراد هذه العناصر بالكامل من الصين، والتي يأتي منها ما بين 90 و95 في المائة من الإنتاج العالمي.
ولتلبية الاحتياجات السنوية للولايات المتحدة للعناصر الأرضية النادرة، سيلزم ما يقرب من 71.5 مليون طن من الخام لاستخراج 10 آلاف كيلوغرام من العناصر.
وتعتمد الطرق الحالية على إذابة الصخور بحمض الكبريتيك الساخن، متبوعاً باستخدام المذيبات العضوية، لفصل العناصر الفردية المتشابهة جداً بعضها عن بعض، في محلول، وهي العملية التي يمكن أن تساعد فيها البكتيريا بشكل صديق للبيئة.
وتشتهر بكتيريا «أوكسيديان جلوكونوباكتر» بصنع حمض يسمى «بيوليكسيفينت» الذي يذيب الصخور، وتستخدم البكتيريا الحمض لسحب الفوسفات من العناصر الأرضية النادرة. وبدأ الباحثون في التلاعب بجينات البكتيريا، بحيث يتم استخلاص العناصر بشكل أكثر كفاءة.
وللقيام بذلك استخدم الباحثون تقنية ساعد بوز بارستو، أستاذ الهندسة البيولوجية والبيئية في جامعة كورنيل في تطويرها، وتسمى Knockout Sudoku، والتي سمحت لهم بتعطيل 2733 جيناً في جينوم البكتيريا، حتى يتمكنوا من تحديد الجينات التي تلعب دوراً في إخراج العناصر من الصخور.
ويقول إستيبان جازيل، الأستاذ المشارك في علوم الأرض والغلاف الجوي بجامعة كورنيل، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة، إنه «متفائل بشكل لا يصدق، فلدينا عملية هنا ستكون أكثر كفاءة من أي شيء تم القيام به من قبل».
ومن أبرز العناصر الأرضية النادرة التي تدخل في كثير من الصناعات، عناصر مثل اللانثانم والسيريوم والنيوديميوم والإيتريوم.
وسبق لفريق بحثي من قسم علوم الحياة بجامعة «آي إم سي» للعلوم التطبيقية بالنمسا، وبمشاركة الأكاديمية التشيكية للعلوم، وجامعتي «الدانوب كريمس» و«كارل لاندشتاينر» بالنمسا، ابتكار طريقة لاستخراجها من الخردة الإلكترونية بواسطة البكتيريا أيضاً.
وتعتمد هذه الطريقة على خردة إلكترونية، يتم تحويلها إلى شكل مسحوق مذاب في حمض النيتريك، ثم تتم إضافة محلول مغذى بتركيبة محددة بدقة إلى المسحوق المذاب، وكذلك الكائن الحي المستخدم في العملية، مثل الطحالب والفطريات، أو البكتيريا، مثل عصيات القش (Bacillus subtilis) أو البكتيريا القولونية (Escherichia coli)، وأخيراً يتم تنفيذ مجموعة من الخطوات لاستخراج العناصر الأرضية النادرة من هذه الكائنات الحية.


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.