«اسمي العلني والسري»... كتاب يوثق حوارات محمود درويش

وجوده بالقاهرة وبيروت كان نقطة تـحوّل أساسية فـي تـجربته الشعرية

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

«اسمي العلني والسري»... كتاب يوثق حوارات محمود درويش

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر حديثاً عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع الأردنية كتاب «اسمي العلني والسري» يتضمن عدداً من الحوارات التي أجرها عدد من النقاد والشعراء والكتاب المصريين والعرب مع الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وتغطي الفترة من 1971 وحتى عام 1982، التي قضاها بين القاهرة وبيروت، وباريس، جمع المقابلات ودققها وقدّم لها الكاتب المصري محب جميل، وتكشف عن نقاط وأحداث مفصلية وهامة في حياة درويش، وترسم صورة جليَّة حول طبيعة الفترة التي عاشها خارج وطنه، وبين جمهوره وقرائه في الوطن العربـي.
لم يمكث درويش في القاهرة التي وصلها في فبراير (شباط) 1971، سوى فترة قصيرة، بعدها غادر إلـى بيروت. وهناك عمل مستشاراً بقسم الشؤون الإسرائيلية بمركز الأبحاث التابع لـمنظمة التحرير الفلسطينية. وانضم لهيئة تـحرير مـجلة «شؤون فلسطينية» فـي يونيو (حزيران) عام 1972، وفـي مايو (أيار) عام 1977، أصبح رئيساً لها، كما أصبح فـي التاريخ نفسه مديراً لـلمركز قبل أن يستقيل فـي يوليو (تموز) عام 1978، ويعود مـجدداً فـي شتاء عام 1981 من أجل إصدار العدد الأول من مـجلة «الكرمل» الفصلية.
قضى درويش عشر سنوات فـي بيروت وسط مناخ ثقافـي انعكست ظلاله علـى تـجربته الشعرية والنثرية، وراح ينشر قصائده وإبداعاته، ويشارك بالـمهرجانات الشعرية والأمسيات، كما أصدر عدداً من الدواوين الشعرية الـمتميّزة، وتبرز الـحوارات التي تضمنها الكتاب، وعددها 16 مقابلة، أفكار ووجهات نظر ورؤى درويش عن الشعر والسياسة، والفلسفة، والـمرأة، والطبيعة، وفلسطين. وقدمها محب جمال بحسب الـمدة الزمنية التي نُشرت خلالـهـا، كما نوّه بتاريخ كل لقاء، واسم الصحيفة أو المجلة المنشور فيها، وكذلك اسم المحرر الذي قام بإجراء الحوار.
ويعتبر الكتاب بما تضمنه من مقابلات وثيقة مهمة لا لقراء الشعر وباحثيه والمهتمين بإبداعات محمود درويش، فحسب، لكنه أيضاً يلقي الضوء على الكثير من المواقف والأحداث التاريخية والمنعطفات التي مرت بها القضية الفلسطينية، وألقت بظلالها على إبداعاته، وهو ما يساعد في كشف الكثير من الـمتغيِّرات التي طرأت علـى شعر درويش من مرحلة لأخرى، وطبيعة الـمواقف التي عايشها منذ خروجه من الأرض الـمحتلة حتى مغادرة بيروت، ومحاولاته الـمتواصلة لـضخ دماء جديدة فـي شـرايين القصيدة، وسعيه للتحرر من فكرة «الشاعر - الرمز» نـحو الشاعر فقط.
وتشكل الـحوارات التي تضمنها الكتاب وأجراها نقاد وشعراء ومبدعون أمثال معين بسيسو وفريدة النقاش، وفؤاد مطر، وياسين رفاعية، وغسان مطر، وشربل داغر، وإبراهيم العريس، قاعدة أساسية للتقرب من أفكار درويش، وهواجسه الـمتواصلة تـجاه وطنه، وقصيدته، ورفاقه. ورغم أن ولادته الـشعرية الـحقيقية، كمـا كان ينوّه، ترسخت وبرزت فـي باريس. إلا أن وجوده بالقاهرة وبيروت لـم يكن عابراً، بل كان نقطة تـحوّل أساسية فـي تـجربته الشعرية الـمتميّزة، وذلك عبر ديوان «أحبك أو لا أحبك» عام 1972، والذي ضمَّ قصيدته الشهيرة «سرحان يشرب القهوة فـي الكافتيريا»، وهكذا بدأت تـجربته تأخذ منحى آخر نـحو آفاق أكثر اتساعاً تفيض بالأحلام، والـهزائم، والانتصارات، والتنقلات، والـخيبات، وفي حواره مع الناقدة المصرية فريدة النقاش في فبراير عام 1971 في صحيفة «الجمهورية» المصرية يكشف درويش أسباب مغادرته فلسطين واضطراره إلى حياة المنافي، مشيراً إلى أنه في شهوره الأخيرة داخل إسرائيل صار يشك كثيراً في جدوى الاستمرار لأنه أصبح مشلولاً، ولا يستطيع أن يمارس تأثيره السابق سياسياً بعد أن فقد القدرة على الحركة. أما تفاعله مع الجماهير الفلسطينية فقد كان مفقوداً بسبب احتجازه في حدود مدينته نهاراً، ووراء أسوار بيته ليلاً.
وقال درويش، إنه في السنوات الأخيرة كان شاعراً مرفوضاً من قبل القراء بسبب هذه القضية. وقد كانوا يرونه غامضاً ورمزياً ومرتداً عن الأمل الذي عهدوه في شعره. وبعضهم بدأ يشك في التزامه وانتمائه الفكري. وكانت له مشكلات مع حزبه لهذا السبب، امتدت بعيداً وجرت مناقشات حولها في موسكو خلال عام 1970، أي قبل وصوله للقاهرة بعام تقريباً.
وفي الحوار اعترف درويش بأنه ربما يكون غامضاً، وهو غموض غير متعمد، وسببه افتقاده اليقين، وأنه صار مشغولاً بالإنسان أكثر من الشعارات، لكنه رفض أن يسمى شاعراً رمزياً، وقال «أنا واقعي، أستخدم وأستفيد من كل أشكال التعبير. والرمز حجر في البناء العام الواقعي في النهاية، والواقعية كرؤية ومنهج تستطيع أن تتسع لكل أشكال التعبير وتستفيد منها».
وفي حواره مع الشاعر معين بسيسو والذي نشرته صحيفة «الأهرام» المصرية في فبراير 1971، أشار للندوة الشعرية التي دعي لها فـي طشقند، عاصمة جـمهورية أوزبكستان السوفياتية عام 1968، حين وقف وفد أدبـي عربـي، مؤلفاً من الـملحق العسكري فـي أنقرة، ومن الـمؤرخ الرسمي للأسرة السنوسية يعلن أنه سيقاطع الندوة، لو اشترك فيها لأنه «فـي مهرجان الشباب الذي انعقد فـي صوفيا عام 1967، كان ضمن وفد الـحزب الشيوعي الإسرائيلـي»، وهذا لم يكن صحيحاً، فقد كان درويش ضيفاً على الـمهرجان، وتحدث درويش عن حصاره شعرياً في إسرائيل، وقال، إن وجوده فـي القاهرة يشكل موقعاً أكثر انطلاقاً وحرية لـخدمة قضيته التي كان يؤديـها فـي الأرض الـمحتلة، وإنه غيّر موقعه، ولـم يغيـّر موقفه، ويعتبر الـمقاومة إحدى نوافذه إلـى الأمل وتأشيرة مروره للعالم.
وفي الحوار الذي أجراه معه الكاتب اللبناني فؤاد مطر، ونشره في الملحق الثقافي لصحيفة «النهار» البيروتية تحدث درويش عن تجربة النزوح إلـى لبنان، ووقوفه مع اللاجئين، وهم يـحصلون علـى مساعدات وكالة غوث من طحين وجبن أصفر وملابس مستعملة، وهي تجربة التقط ملامـحها وراح يصنع صورة لمـخيمات اللاجئين وما بها من بؤس وانتظار، وذكر أنه ليس مرتاحاً للاستمرار في تصوير الفلسطينيين على أنهم مجموعة من اللاجئين، رغم ما في ذلك من جوانب إنسانية مفزعة، وقال، إن الأهم هو وضع القضية الفلسطينية فـي إطارها الصحيح، فليس من الضروري أن يكون الشعب بائساً ومسلولاً لكي نقول، إن له قضية، فهو يرفض فكرة استيطان الـمخيم، لأنه لا يعبر عن انتمـائه، وقال «إن أكبر ثأر لنا عند إسرائيل، هو أنـها تـحاول أن تأخذ دينها من النازية، من الشعب الفلسطيني، وإنـها قذفتنا إلـى رصيف الـحياة وتنفست من رئاتنا، ولا أستطيع أن أفهم كيف يطمئن شعب إلـى مستقبله وهو يسكن جلود الآخرين. إن فرح الإسرائيليين هو فرح مـجنون وإن أخطر ما يواجه إسرائيل هو رفضها للمنطق واحتكامها الدائم إلـى الـخرافات الدينية الـمسلحة بالدبابات والطائرات».
وقال درويش، إنه لو طُلب إليه وضع نشيد قومي لفلسطين فسوف يكتب عن الأشياء الصغيرة فـيها، عن الشبابيك الـمهجورة والناس الـمنتظرين، والشجر ورائحة الـمداخن وصوت الريح فـي الـجليل والنساء الصغيرات، وأشار إلى أن هذا هو الذي سيعمّق إحساس الفلسطيني بالانتمـاء إلـى الوطن، فيـجب أن نملأ حواسه برائحة التراب، وليس بالـخطب التي لا رصيد لـها.
وفي مقابلته مع ياسين رفاعية والذي نشر في صحيفة «الأسبوع العربي» البيروتية عام 1975، قال درويش، إن الـحياة أصبحت تعجبه، وما عاد يفكر في الانتحار، وقد جرى وفاق بينه وبينها، بعد أن استطاع كتابة قصيدة جديدة، ولفت إلى أن «الشاعر يتورط فـي عملية الشعر إلـى درجة أن لـحظة القدرة علـى الكتابة تتحول إلـى رهان علـى الـحياة، شعري لا يعجبني؛ ولـهذا أواصل الكتابة، وقصيدتـي هي هويتي، أكتبها حين تقرع أجراسها صدري».
أما الحوار الذي أجراه معه الشاعر والناقد اللبناني شربل داغر، فقد أشار خلاله إلى أنه كان شاعراً مـجتهداً حاول أن يحفر صوتاً علـى صخرة، وقد خرج ليهرب من دور الرمز، لكي لا يكون صنمـاً، وهكذا أنقذ نفسه، وشِعره، وتطورت تجربته حين حقق الانفصال بين الشاعر والرمز، ورأى أنه «دائمـاً يتخطى الشاعر الرمز ليثبت حضوره الـخاص»، فهو يصرُّ علـى التقدم شاعراً، لكي لا يخدع، ولا يوهم، ولكي لا يتقدم إلـى الناس باسم فلسطين، وذكر أن الـخوف من الاتكاء علـى قداسة عامة خارجة عن الشعر، فـي علاقة القصيدة بعناصر شاعريتها، هو الذي طوَّر التوازن بين الشاعر والـمواطن فـيه، وأعطاه القدرة علـى خدمة بلاده أكثر وأفضل.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.