أكفان و«توك توك» تسرق أضواء اليوم النيابي العراقي

انقسام حول «رداء الموت» للصدريين والعربات الشعبية لنواب «امتداد» و«الجيل الجديد»

نواب التيار الصدري يرتدون أكفاناً رمزية وهم يدخلون إلى قاعة البرلمان لحضور افتتاح الدورة التشريعية الجديدة أمس (أ.ب)
نواب التيار الصدري يرتدون أكفاناً رمزية وهم يدخلون إلى قاعة البرلمان لحضور افتتاح الدورة التشريعية الجديدة أمس (أ.ب)
TT

أكفان و«توك توك» تسرق أضواء اليوم النيابي العراقي

نواب التيار الصدري يرتدون أكفاناً رمزية وهم يدخلون إلى قاعة البرلمان لحضور افتتاح الدورة التشريعية الجديدة أمس (أ.ب)
نواب التيار الصدري يرتدون أكفاناً رمزية وهم يدخلون إلى قاعة البرلمان لحضور افتتاح الدورة التشريعية الجديدة أمس (أ.ب)

لم تغب التحركات والسلوكيات المفاجئة عن الجلسة الأولى للبرلمان العراقي في دورته الخامسة التي عقدت أمس، وبعيداً عن المناورات والمفاوضات التي كانت حاضرة على قدم وساق قبل وبعد انعقاد الجلسة للتوصل إلى صيغة تفاهم حول صفقة المناصب الحكومية، يمكن القول إن «الأكفان» وعربات «التوك توك» سرقت أضواء اليوم النيابي الأول بقوة.
على أنه ربما مظاهر أخرى أقل أهمية، تتعلق بارتداء نواب عرب وكرد الأزياء التقليدية، كانت حاضرة أيضاً في جلسة الأمس، وعلق أحد المدونين الساخرين، على كل ما حدث بالقول: «هل نحن أمام جلسة للبرلمان أم حفلة تنكرية في جامعة أهلية؟!».
نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً) ارتدوا الأكفان ودخلوا إلى مقر البرلمان، أما حركة امتداد (9 مقاعد) وحليفتها حركة الجيل الجديد الكردية (9 مقاعد)، فقد انطلقوا من ساحة التحرير وسط بغداد، تقلهم عربات «التوك توك» الشعبية، مروراً بجسر الجمهورية، وصولاً إلى مبنى البرلمان في الجهة الأخرى من نهر دجلة.
«الأكفان» وعربات «التوك توك»، أحدثت مفاجأة كبيرة داخل الأوساط الشعبية، وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي اهتماماً لافتاً بها، ومثلما هي العادة دائماً انقسم كثيرون حول ذلك بين محتج بشدة ولا يجد مبرراً لهذا النوع من الحركات، وآخر يرى أنها مبررة ومفهومة ويمكن أن تخدم أهدافاً محددة.
كثيرون رأوا أن دخول الصدريين البرلمان بـ«رداء الموت» علامة شؤم غير مشجعة، مثلما وجد كثيرون أن ركوب عربات «التوك توك» لم تمنع لاحقاً نواب حركتي «امتداد» و«الجيل الجديد» من الحصول على الامتيازات المبالغة فيها الممنوحة لأعضاء البرلمان، التي تعد واحدة من بين أهم عوامل النقمة الشعبية على البرلمان منذ سنوات. وإذا أمكن غضّ النظر عن موجة التعليقات الساخرة والمنتقدة الكثيرة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي العراقي، بشأن سلوك الصدرين و«امتداد» و«الجيل الجديد»، فإن الجهتين أرادتا أن تبعثا رسائل شديدة الوضوح بالنسبة للمواطنين المؤيدون لهما من جهة، أو لخصومهم وشركائهم في البرلمان من جهة أخرى، فأكفان الصدريين تعود في دلالتها إلى مرجع التيار وزعيمه الروحي الأول المرجع محمد صادق الصدر (اغتيل عام 1999) والد مقتدى الصدر؛ حيث درج قبل مقتله على ارتداء الكفن أثناء تأديته لصلاة الجمعة في دلالة على تحديه سلطة نظام حزب البعث وقبوله بالموت عن طيب خاطر، وقد ورث مقتدى الصدر ذلك عن أبيه بعد عام 2003. وغالباً ما لجأ وأتباعه إلى ارتداء الكفن أثناء الصلاة أو المظاهرات، في تحدٍ أولاً للاحتلال الأميركي، ولاحقاً لمحاولة إصلاح البلاد وتحدي خصومهم من الساسة والجماعات المسلحة. من هنا، فإن ارتداء الصدريين للأكفان، فسّر على أنه رسالة تهدف إلى إبلاغ الجميع بأن الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً «غير خائفة من الموت»، إن تطلب ذلك، في سبيل تحقيق أهدافها ووعود زعيمها مقتدى الصدر بالإصلاح ومحاربة الفساد وتعزيز هيبة الدولة من دون خشية أو خوف من الفاسدين أو الفصائل المسلحة والجماعات النافذة.
وإلى جانب ارتداء الأكفان، لم يغب الاستعراض المبالغ فيه عند دخول الصدريين قاعة البرلمان حيث هتفوا بشعارات مؤيدة لزعيمهم وأسرته، ما عرضهم لتساؤل وانتقاد عدد كبير من الناشطين والمدونين وإذا ما كانت هذه السلوكيات ستساهم في تحقيق أهدافهم بالإصلاح، خاصة أنهم كانوا أيضاً الكتلة الأكثر مقاعد نيابية في الدورة الماضية (54 مقعداً) من دون أن يحرزوا النجاح المتوقع على مستوى التشريع أو الحكومة.
أما الرسالة التي أرادت حركتا «امتداد» و«الجيل الجديد»، إيصالها من خلال الوصول إلى البرلمان بعربات «التوك توك»، فهي وإن كانت مستغربة نوعاً ما، إلا أن فهمها لم يكن عسيراً على جماعات الحراك والناشطين المدنيين وبقية القوى المعارضة للسلطات، سواء في إقليم كردستان أو مناطق وسط وجنوب البلاد، خاصة أن التحرك باتجاه المنطقة الخضراء انطلق من ساحة التحرير وسط بغداد معقل احتجاجات عام 2019، إلى جانب أن عربة «التوك توك» كانت إحدى أيقونات ذلك الحراك، بعد مساهمة أصحابها الفاعلة في إسعاف ونقل جرحى وقتلى الاحتجاجات وقتذاك.
وخاطب رئيس حركة امتداد، علاء الركابي، أمس، في تصريح موجز في ساحة التحرير جماعات الحراك: «لن نخيب ظنهم إن شاء الله، لدينا رجال في مجلس النواب».
وكانت الحركتان أعلنتا تحالفهما قبل نحو أسبوعين، وهو تحالف عابر للحدود الطائفية والقومية يعلن لأول مرة، والحركتان معروفتان بمعارضتهما للسلطات، فحركة «الجيل الجديد» الكردية معروفة بمواقفها المعارضة للسلطات في إقليم كردستان، وجميع النواب الفائزين عن حركة امتداد ينتمون إلى «حراك تشرين» الاحتجاجي عام 2019. وقد أعلنتا سابقاً أنهما ستشكلان جبهة معارضة داخل البرلمان، وسيكون لهما دور فاعل في اختيار رئاسة البرلمان وتشريع القوانين.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).