«لمّ الشمل» يعصف بالحكومة الإسرائيلية

«ميرتس» حذر من أزمة ائتلافية خطيرة

عائلات فلسطينية أمام الكنيست أمس احتجاجاً على مناقشة قانون «لمّ الشمل» (أ.ف.ب)
عائلات فلسطينية أمام الكنيست أمس احتجاجاً على مناقشة قانون «لمّ الشمل» (أ.ف.ب)
TT

«لمّ الشمل» يعصف بالحكومة الإسرائيلية

عائلات فلسطينية أمام الكنيست أمس احتجاجاً على مناقشة قانون «لمّ الشمل» (أ.ف.ب)
عائلات فلسطينية أمام الكنيست أمس احتجاجاً على مناقشة قانون «لمّ الشمل» (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بنيت، أزمة شديدة، في أعقاب تصريحات قائد في حزب «ميرتس»، موسي راز، بأنه ورفاقه ينوون التصويت ضد قانون لم الشمل، الذي مررته وزيرة الداخلية، أييلت شاكيد، أمس الأحد، في اللجنة الوزارية، ويهدف إلى استمرار التمزق في حياة الوف العائلات الفلسطينية ومنع جمع شملها.
وقال راز، الذي كان يتحدث في ندوة سياسية، إن حزبه صوت إلى جانب هذا القانون قبل ثلاثة شهور بغرض الحفاظ على الائتلاف الحكومي، وتمرير موازنة الدولة للعامين 2021 و2022 وقد سقط القانون لأن نائبا من حزب «يمينا»، الذي يترأسه رئيس الحكومة، بنيت، ووزيرة الداخلية، شاكيد، تمرد عليهما وصوت ضد القانون. ولكن هذا القانون سيئ ومخز وينص على قواعد لتمزيق عائلات فلسطينية شتتتها الحرب وأبعدتها الحدود عن بعضها، ولا يجوز لنا في إسرائيل سن قانون كهذا.
وكانت اللجنة الوزارية للتشريع، قد صادقت على مشروع القانون، أمس، كما صاغته شاكيد، وفيه تقلص إلى الحد الأدنى لم شمل العائلات الفلسطينية، وتتحكم وحدها في القرار بشأن أي طلب لم شمل. وقد أيد هذه الصيغة غالبية ممثلي أحزاب الائتلاف، باستثناء وزيرة حماية البيئة، تمار زاندبرغ، من حزب ميرتس، التي صوتت ضده، ووزير الشتات نحمان شي، من حزب العمل، الذي امتنع عن التصويت. وبقيت القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية، الشريكة في الائتلاف، وأعلنت أنها «ستصوت في الكنيست ضد القانون إذا بقي على صيغته المقترحة».
وشهدت المداولات في اللجنة صدامات ومشاحنات ومشادات كلامية بين وزير القضاء جدعون ساعر، الذي يؤيد القانون، والوزيرة زاندبرغ، بينما بررت شاكيد مقترح قانونها، بالقول إن «القانون يتم تمريره والمصادقة عليه منذ 18 عاما، على الجميع أن يعرف أننا قبالة المحكمة العليا، وهناك طلبات وصلت مكتبي وأنا بحاجة إلى فهم كيفية التعامل معها». وحذرت شاكيد: «إذا لم يتم تمرير القانون يجب أن نجد حلاً آخر، عندما كان القانون ساري المفعول بالمعدل كان يصل مكاتب الداخلية ألف طلب بالمعدل في السنة، لكن بعد إلغاء القانون، تلقينا خلال 3 أشهر فقط 1500 طلب. القانون مهم جدا من ناحية ديمقراطية، ولا أخجل من قول ذلك، حتى من الناحية الديموغرافية»، وقصدت بذلك ضمان الأكثرية اليهودية وعدم زيادة السكان العرب في إسرائيل.
يذكر أن هذا القانون، الذي يسمى قانون المواطنة، سن إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية العام 2000 بتوصية من الأجهزة الأمنية، لمعاقبة الفلسطينيين من أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة، الذين يحملون الإقامة الإسرائيلية، بدعوى مشاركتهم بالانتفاضة. وحسب مركز عدالة القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، فإن «القانون عنصري وغير ديمقراطي وغير إنساني، لأنه يحظر منح أي مواطنة لفلسطينيين من المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)، المتزوجين من مواطني إسرائيل».
وفي زمن حكومة أرئيل شارون، وبغرض وضع حد لمنح الإقامة لفلسطينيين وعرب آخرين (من مصر والأردن والمغرب وغيرهم)، ممن تزوجوا من عرب من مواطني ومواطنات إسرائيل (أي فلسطينيي 48)، فقد اعتبر شارون هذه «المواطنة» بمثابة ممارسة خفية لعودة اللاجئين الفلسطينيين. ولذلك حدد عدد حالات منح المواطنة ورفض طلبات لم الشمل. ولأن القانون اصطدم بموقف معارض من المحكمة العليا، تم سن تعديل للقانون بشكل مؤقت. ومنذ عام 2003 يقوم الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بتمديد صلاحية القانون سنة كاملة.
إلا أن حكومة بنيت لم تنجح في تمديده في السنة الماضية، لأن أحزاب المعارضة اليمينية منعت ذلك، بغرض إحراج الحكومة وإفشالها. وقد قررت الحكومة، من خلال الاجتماعات مع السلطة الفلسطينية منح 13500 إقامة لم شمل للفلسطينيين خلال هذه المدة. لكن هناك عشرات آلاف من الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر وقطاع غزة المحاصر والقدس، يعانون التشرد نتيجة هذا القانون، ولا يستطيعون التنقل بين البلدات ولا الحصول على عمل أو علاج طبي أو تعليم جامعي.
وتبرر شاكيد الحاجة للقانون، «باعتبارات أمنية»، رغم تصريحات المسؤولين في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بأن القانون جاء ضمن الحسابات الديموغرافية، التي تريد بالأساس الحفاظ على أكثرية يهودية من دون أي اعتبار للجانب الإنساني الفلسطيني. ولهذا يرفض ميرتس إقراره من جديد وتحاول شاكيد تجنيد اليمين المعارض، وقد اقترحت مؤخرا على الليكود، أن يطرح هو نص المشروع، وتعهدت بأن تؤيده هي وحزبها وحزب ساعر. ولم يتضح بعد ما إذا كانت المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو، ستوافق على ذلك.
وحذر حزب ميرتس، أمس، من مثل هذا التعاون، واعتبره «سببا لتفجير أزمة ائتلافية خطيرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.